سعيد الكرمي
ولد في مدينة طولكرم لعائلة اشتهرت بعملها في الميدان الثقافي.
والده علي منصور.
أبناؤه: محمود، أحمد شاكر، عبد الكريم، حسن، نبهان، حسين، عبد الله.
أنهى سعيد الكرمي دراسته الابتدائية في مدينة طولكرم، ثم أرسله والده إلى مدينة القاهرة كي يلتحق بالجامع الأزهر لإكمال دراسته، فدرس فيه علوم اللغة العربية والدين، ويُشار إلى أنه حضر هناك مجالس الشيخ جمال الدين الأفغاني ودروس الإمام محمد عبده.
عاد سعيد الكرمي بعد حصوله من الأزهر على شهادة العالمية إلى فلسطين، فعُيّن مفتشاً للمعارف في قضاء طولكرم ثم مفتياً في القضاء نفسه.
ولما ظهرت الجمعيات القومية العربية، بعد إعادة العمل بالدستور العثماني في سنة 1908، انتسب الشيخ سعيد الكرمي إلى حزب اللامركزية الإدارية العثماني، الذي أسسه في القاهرة في سنة 1912 عدد من اللاجئين الشوام، وأصبح معتمداً للحزب في قضاء بني صعب، وهو القضاء الذي كان يجمع مدينتي طولكرم وقلقيلية معاً.
بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، لاحقت السلطات العثمانية رجال الحركة القومية العربية في بلاد الشام نتيجة دعوتهم إلى الثورة على الحكم العثماني، وكان الشيخ سعيد الكرمي في عداد من سيق أمام الديوان العرفي في مدينة عاليه سنة 1915، وحُكم عليه بالإعدام. وفجر يوم 21 آب/أغسطس 1915 نفذ حكم الإعدام فعلاً في أحد عشر من القوميين العرب الشوام ، بينما أُرجئ إعدام اثنين هما: حافظ السعيد والشيخ سعيد الكرمي لتقدمهما في السن، ثم استُبدل حكم الإعدام عليهما بالسجن المؤبد، وسيقا إلى سجن قلعة دمشق، حيث توفي حافظ السعيد، بينما قضى الشيخ سعيد الكرمي فيه مدة سنتين وسبعة أشهر. ونتيجة للمساعي التي بذلها الشيخ عبد القادر المظفر لدى السلطات العثمانية صدر عفو عن الشيخ الكرمي في شباط/ فبراير1918، فخرج من سجنه وأقام بدمشق مدة ثم قفل راجعاً إلى فلسطين.
حين أُلِّفت الحكومة العربية في دمشق في تشرين الأول/ أكتوبر 1918، دعي سعيد الكرمي إلى العاصمة السورية وعيّن في "شعبة الترجمة والتأليف"، فكان من أوائل من حملوا عبء النهوض باللغة العربية وإصلاح لغة الدواوين، ثم أصبح عضواً في ديوان المعارف الذي تحوّل إلى المجمع العلمي العربي بتاريخ 8 حزيران/ يونيو 1919. وكان قد حضر المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في سنة 1919 وشارك في بعض نشاطات الحركة الوطنية الفلسطينية في تلك الفترة .
عمل الشيخ سعيد الكرمي مع زملائه في إقامة المجمع العلمي العربي على أسس متينة، ولما أُسند منصب وزير المعارف إلى رئيس المجمع محمد كرد علي، تولَّى الشيخ الكرمي نيابة رئاسة المجمع، فأدار أعمال المجمع ودارَي الآثار والكتب الظاهرية مدة سنتين، وأشرف على إصدار مجلة المجمع في مجلدَيْها الأولَين (سنة 1921 وسنة 1922) وشارك في تحريرهما. وفي سنة 1921، منحته سلطات الانتداب الفرنسي وسام جوقة الشرف من رتبة فارس تقديرًا له وللمجمع العلمي العربي.
في شهر آذار/ مارس 1922، قرر الشيخ سعيد الكرمي الانتقال إلى عمّان، على أنه ظل عضواً مراسلاً للمجمع العلمي في كلٍ من شرقي الأردن وفلسطين، ولدى وصوله إلى عمّان، عيّن الكرمي قاضياً للقضاة في مجلس المستشارين (مجلس الوزراء)، ورئيساً لمجلس المعارف، وبقي في منصبه حتى سنة 1926. وكان قد شارك في صيف سنة 1923، مع لفيف من العلماء والمثقفين، في بحث فكرة تأسيس مجمع علمي عربي في عمّان، وعرضت الفكرة على الأمير عبد الله بن الحسين الذي وافق عليها، وكلف الشيخ سعيد الكرمي مهمة رئاسته، كما أوصى الأمير بإنشاء مجلة له باسم "مجلة المجمع العلمي في الشرق العربي"، لكن هذا المجلس الذي عقد عدة جلسات لم يصمد طويلاً. وتقديراً لجهود الشيخ سعيد الكرمي العلمية منحه الأمير عبد الله بن الحسين وساماً.
عاد الشيخ سعيد الكرمي في سنة 1926 إلى مسقط رأسه، واشتغل في أواخر حياته مدرساً في مسجد طولكرم، وتوفي في سنة 1935 بعد 83 عاماً أمضاها بين السياسة والعلم.
الشيخ سعيد الكرمي من رجال النهضة العربية في أواخر العهد العثماني، كان فقيهاً في الدين والتصوف، وعالماً باللغة، وخطيباً مفوهاً وشاعراً. لكنه كان كاتباً مقلاً، إذ لا تتناسب آثاره مع منزلته العلمية ومكانته الاجتماعية، وذلك لاشتغاله بالشؤون السياسية وتسنُّمه المناصب الحكومية الرفيعة وانشغاله بها. وكان له بين الناس حظوة مثلما كانت له مكانة رفيعة عند ذوي الشأن.
من آثاره:
"رسالة في التصوف، واضح البرهان في الرد على أهل البهتان". 1875 .
أصدر ولده عبدالكريم كتاباً بعنوان: "الشيخ سعيد الكرمي، سيرته العلمية والسياسية ومنتخبات من آثاره"، اشتمل على قصائد ليست قليلة له، متنوعة الموضوع.
المصادر:
الجندي، أدهم. "تحفة الزمن بترتيب أعلام الأدب والفن". دمشق: دار المقتبس، 2015 .
حامد، أحمد. "الشيخ سعيد الكرمي". نابلس: مكتبة الجمعية العلمية، 1413هـ.
الحوت، بيان نويهض. "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين، 1917-1948". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية،1981.
الزركلي، خير الدين. "الأعلام". بيروت: دار العلم للملايين، 2002.
العودات، يعقوب. "من أعلام الفكر والأدب في فلسطين". عمّان، 1976.
الكرمي، عبد الكريم. "الشيخ سعيد الكرمي. سيرته العلمية والسياسية". منتخبات من آثاره. دمشق: المطبعة التعاونية، 1973.
منّاع، عادل. "أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني (1800- 1918)". ط 2. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1995.
نويهض، عجاج. "رجال من فلسطين". بيروت: منشورات فلسطين المحتلة، 1981.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., rev. and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.