سميرة أبو غزالة
ولدت سميرة أبو غزالة سنة 1928 في مدينة نابلس لعائلة نابلسية معروفة. والدها: محمد زكي. زوجها: جمال سليم من مصر. ابنتها: منى.
أنهت سميرة أبو غزالة دراستها الابتدائية في مدينة الرملة، حيث كان يعمل والدها، وتميّزت، منذ صغرها، بتمردها على كل ما يقيّدها ويعيق حريتها واستقلالها. وتابعت دراستها في دار المعلمات في مدينة القدس، وتخرّجت فيها سنة 1947.
وخلال سنوات الدراسة، كانت تشارك مع زميلات لها في أعمال المقاومة الشعبية ضد القوات البريطانية والمجموعات الصهيونية، إذ كن يتركن المدرسة ليرشقن الحافلات التي تذهب من القدس إلى يافا بالحجارة.
وعشية وقوع النكبة، نشطت سميرة أبو غزالة في مجال النشاط التطوعي، إذ كانت تشارك في جمع الهدايا والملابس والأطعمة، وتقديمها للمقاتلين الفلسطينيين، كما دعت رفيقاتها إلى التدرّب على السلاح، والتحقت مع بعضهن بالهلال الأحمر المصري في الرملة.
بعد وقوع النكبة، هُجّرت سميرة أبو غزالة مع عائلتها إلى مدينة نابلس، التي وصلتها مع شقيقتها "نديرة" قبل أن يصل شقيقاها مشياً على الأقدام من الرملة إلى نابلس، ويتعرَّضان لإطلاق النار. وساهمت في إعالة الأسرة هي وشقيقتها، من خلال افتتاح مدرسة في دار عمها، لتعليم أبناء الحي. ثم اختيرت سنة 1950 أمينة سر الهلال الأحمر الأردني في مدينة القدس.
في سنة 1952، التحقت سميرة أبو غزالة ببعثة للدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت، فانتسبت إلى برنامج التربية وعلم النفس. وفي العاصمة اللبنانية، كان المجال واسعاً أمامها لممارسة النشاط السياسي، من خلال "حركة القوميين العرب"، و"جمعية العروة الوثقى"، التي أسسها الأستاذ في الجامعة والمفكر القومي قسطنطين زريق. وصارت تساهم في النشاطات السياسية الرامية إلى ترسيخ أفكار الوحدة العربية. وبرز دورها من خلال المشاركة في حملة نشطة، ضد الدعوة التي تلقتها طالبات الجامعة الأميركية لمقابلة جنود المارينز الأميركيين الذين كانوا يزورون الشواطئ اللبنانية، للترفيه عنهم؛ الأمر الذي أثار إدارة الجامعة ضدها. أمّا القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة إلى إدارة الجامعة، والتي جعلتها تصدر قراراً بفصلها، مع أربع عشرة ناشطة وناشطاً، فكانت مشاركتهم في التظاهرة التي شهدتها مدينة بيروت سنة 1955 للتنديد بحلف بغداد، مخالفين تعليمات إدارة الجامعة التي تقضي برفع الحماية عن الطلبة والطالبات في حال المشاركة.
وقد اضطرَّت في إثر مشاركتها في تلك التظاهرة إلى الاختفاء عشرة أيام، وعندما وصل خبر فصل الطلاب إلى الرئيس جمال عبد الناصر، أعلن من خلال إذاعة "صوت العرب" قبولهم في الجامعات المصرية.
بعد عودتها من بيروت إلى نابلس، نشطت سميرة أبو غزالة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، إذ انتبهت مبكراً إلى العلاقة بين خوض المرأة غمار العمل السياسي، ومطالبتها بحقوقها السياسية، وخصوصاً حق التصويت وحق الترشح للبرلمان، فشاركت في تنظيم عدة مهرجانات للدعوة إلى هذه الحقوق.
انتقلت سميرة أبو غزالة سنة 1955 إلى مدينة القاهرة لاستكمال دراستها الجامعية التي بدأتها في بيروت، وحصلت على الإجازة في الأدب العربي من جامعة القاهرة سنة 1956. ثم عادت إلى فلسطين، وصارت تدرّس في كلية المعلمات في مدينة رام الله-البيرة 1957-1958.
بيد أنها عادت إلى القاهرة، بناء على إلحاح من أهلها، الذين تخوّفوا من إلقاء القبض عليها بسبب نشاطها السياسي، والتحقت بجامعة القاهرة، حيث نالت في سنة 1962 شهادة الماجستير في الأدب العربي، عن بحث بعنوان: "الشعر القومي بمصر والشام بين الحرب العالمية الأولى والثانية"، كما نشرت في القاهرة في السنة نفسها كتاباً بعنوان: "مذكرات فتاة عربية".
عملت سميرة أبو غزالة، مدة عشرين عاماً، في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب في القاهرة، ثم مارست تدريس اللغة العربية للأجانب في الجامعة الأميركية فيها.
وكانت سميرة أبو غزالة قد بادرت في نيسان/ أبريل 1963 إلى تأسيس "رابطة المرأة الفلسطينية" في القاهرة، بالتعاون مع عدد من الفلسطينيات المقيمات بالعاصمة المصرية، منهن: زينات عبد المجيد، وجهاد سلامة، وعايدة بامية، ورجاء بيدس، اللواتي تحددت أهدافهن السياسية النقابية في: "التجمع، والتنظيم، والعمل من أجل تحرير فلسطين". ثم شاركت في اللجنة التحضيرية، التي تكوَّنت من ممثلات الهيئات النسائية الفلسطينية، داخل فلسطين وخارجها، مع دائرة التنظيم الشعبي بمنظمة التحرير الفلسطينية، وأسست "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية" في القدس سنة 1965. (وقد تحوّلت "رابطة المرأة الفلسطينية" في القاهرة إلى فرع لهذا الاتحاد، الذي توّلت رئاسة هيئته الإدارية حتى سنة 2010.) واختيرت سنة 1965 عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني وظلت عضواً فيه في دوراته اللاحقة، كما انتخبت سنة 1985 لعضوية المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي القاهرة، أسست سميرة أبو غزالة "بيت الطالبات الفلسطينيات"، كما ساهمت في فتح عديد من البيوت الفلسطينية التي خُصصت لتشغيل النساء والأسر في مشاريع تابعة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية.
وظلت تقدم، طوال أربعين عاماً، برنامجاً إذاعياً في إذاعة فلسطين التي كانت تبث من القاهرة باسم "فتاة فلسطين". كما كان لها عمود أسبوعي في جريدة "الدفاع" الصادرة في القدس. وشاركت في عشرات المؤتمرات الفلسطينية والعربية والدولية.
سميرة أبو غزالة مناضلة، وأديبة، وأستاذة جامعية، جمعت بين السياسة والثقافة، وكتبت الشعر، والدراسة، والمقالة، وآمنت بجماعية العمل وبالمقاومة لتصفية الاحتلال وتحرير الأرض، وكرّست حياتها وقلمها في خدمة القضية الوطنية والنضال الوطني التحرري الفلسطيني.
توفيت سميرة أبو غزالة في القاهرة في 12 كانون الثاني/ يناير 2017، ودفن جثمانها في إحدى مقابرها. وقد نعاها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مثنياً على مساهماتها في مختلف مراحل النضال الوطني، ومؤكداً أنها أفنت حياتها في خدمة شعبنا وقضيته العادلة.
من آثارها:
"مذكرات فتاة عربية"، القاهرة، 1962.
"دراسات في الشعر القومي"، القاهرة، 1965.
"نداء الأرض"، شعر، القاهرة، 1989.
المصادر:
التونجي، محمد. "معجم أعلام النساء". بيروت: دار العلم للملايين، 2001.
زعرب، امتياز النحال. "فلسطينيات: وجوه نسائية فلسطينية معاصرة". غزة: دار المقداد للطباعة، 2013.
عبد الهادي، فيحاء. "أدوار المرأة الفلسطينية في الأربعينيات. المساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية: روايات النساء، نصوص المقابلات الشفوية". البيرة: مركز المرأة الفلسطينية للأبحاث والتوثيق، 2006.
عبد الهادي، فيحاء. "أدوار المرأة الفلسطينية في الخمسينيات حتى أواسط الستينيات. المساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية: روايات النساء، نصوص المقابلات الشفوية". البيرة: مركز المرأة الفلسطينية للأبحاث والتوثيق، 2009.
عبد الهادي، فيحاء. "أدوار المرأة الفلسطينية منذ منتصف الستينيات حتى عام 1982: المساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية، 1965-1982". البيرة: مركز المرأة الفلسطينية للأبحاث والتوثيق، 2015.
عبد الهادي، فيحاء. "سميرة أبو غزالة: مسيرة كفاحية ممتدة". "الأيام"، 29 كانون الثاني/ يناير 2017.
الفراني، عبد الحميد جمال وعوني محمد العلوي. "أعلام النساء الفلسطينيات". بيروت: دار العلوم العربية، 2013.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., revised and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.