سيرة

فؤاد نصار

سيرة

فؤاد نصار

28 تشرين الثاني 1914, بلودان
30 أيلول 1976, عمّان

ولد فؤاد نصار في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1914 في بلدة بلودان السورية من أبوين فلسطينييْن وفدا إليها من مدينة الناصرة للعمل في مجال التدريس.

والده: نعمة. أخوه: الأب سمعان. زوجته: ليلى (بلغارية).

عاد فؤاد نصار مع أسرته في سنة 1920 إلى مدينة الناصرة مسقط رأس والديه، فأُدخل المدرسة الابتدائية، لكنه تركها بعد أن أنهى الصف الرابع الابتدائي لاضطراره إلى الاشتغال في صناعة الأحذية للمساهمة في تحمّل نفقات الأسرة.

بدأ فؤاد نصار نشاطه الوطني، وهو في الخامسة عشرة من عمره، من خلال مشاركته في التظاهرات التي شهدتها المدن الفلسطينية، في أعقاب "هبّة البراق" في آب/ أغسطس 1929 وقيام السلطات البريطانية بإعدام المناضلين الثلاثة محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي في 17 حزيران/ يونيو 1930.

حين اندلعت ثورة 1936 – 1939، انخرط فؤاد نصار في صفوفها، فاعتُقل في العام الأول منها بتهمة تشكيل منظمة سرية معادية للانتداب البريطاني. وعلى الرغم من أن المحكمة الإدارية قضت بحبسه عاماً ونفيه عاماً آخر، فإن سلطات الانتداب أفرجت عنه بعد أشهر مع بعض السجناء السياسيين وفرضت عليه الإقامة الجبرية في مدينة الخليل، لكنها عادت ونفته، بسبب استمرار نشاطه السياسي، إلى قرية يطا القريبة من الخليل. وسرعان ما قضت المحكمة بسجنه سنة أُخرى، قضى منها أربعة أشهر في سجن القدس وستة أشهر في سجن عكا.

وفي سجن عكا، تعرّف فؤاد نصار إلى بعض الشيوعيين الفلسطينيين، وبدأت رحلته، منذ ذلك الوقت، مع الحزب الشيوعي الفلسطيني، والاطلاع على الصحافة الشيوعية. وبعد خروجه من السجن فُرضت عليه الإقامة الجبرية في الناصرة، لكنه تمكن من الهرب إلى الخليل والتحق، في أواخر سنة 1938، بقيادة فصائل الثوار في منطقتَي القدس والخليل، وخاض عدداً من المعارك مع القوات البريطانية، أصيب خلالها بجروح بليغة في يده اليمنى وكتفه. وفي هذه المعارك، اكتسب شعبيته ولقبه الذي ظل يحمله إلى يوم وفاته: "أبو خالد" مع أنه لم يرزق بأبناء.

بعد أن توقفت الثورة المسلحة في فلسطين، بدأت السلطات البريطانية تضيّق الخناق على الثوار، فلجأ فؤاد نصار إلى العراق ووصل بغداد في مطلع سنة 1940، حيث التحق بالكلية العسكرية وتخرّج فيها بعد تسعة أشهر. ثم شارك، مع الثوار الفلسطينيين الذين لجأوا إلى العراق، في حركة رشيد عالي الكيلاني ضد الحكم الملكي المدعوم من البريطانيين (شباط/ فبراير - أيار/ مايو 1941). وبعد إخفاق تلك الحركة، انسحب ورفاقه إلى إيران، لكنهم عادوا إلى العراق بعد أن رفضت السلطات الإيرانية السماح لهم بالإقامة، فنقلتهم السلطات العراقية إلى كردستان، حيث اعتقل نصار بضعة أشهر في صيف سنة 1941 .

وفي أواخر سنة 1942، أصدرت حكومة الانتداب في فلسطين عفواً عاماً عمّن شاركوا في الثورة، فعاد فؤاد نصار إلى مدينة الناصرة في مطلع سنة 1943، حيث فرضت عليه السلطات البريطانية الإقامة الجبرية. وفي شباط/ فبراير 1944 شارك، مع رفاقه من الشيوعيين العرب الذين انشقوا عن الحزب الشيوعي الفلسطيني، في تشكيل "عصبة التحرر الوطني في فلسطين"، وانتخب عضواً في لجنتها المركزية. وحين تأسس "مؤتمر العمال العرب في فلسطين" في سنة 1945، انتخب فؤاد نصار في قيادته، كما شارك في تحرير صحيفة المؤتمر والعصبة "الاتحاد" ما بين سنة 1945 وسنة 1947.
وعقب قيام دولة إسرائيل في أيار/ مايو 1948، وتمزق الكيان الفلسطيني، استقر فؤاد نصار فيما صار يُعرف بالضفة الغربية لنهر الأردن التي ضُمت إلى المملكة الأردنية الهاشمية. وواصل نضاله من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كما تحددت في قرار التقسيم رقم 181، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين أُجبروا على ترك وطنهم وفقاً للقرار الدولي رقم 194، وهو ما عرّضه للملاحقة وأجبره على الاختفاء في منزل سري في بلدة بيرزيت.

وفي أيار/ مايو 1951، توحّد أعضاء عصبة التحرر الوطني الذين استقروا في الضفة الغربية مع عدد من الماركسيين الشرق أردنيين وشكّلوا الحزب الشيوعي الأردني، وانتخب فؤاد نصار، وهو خارج الأردن، أميناً عاماً للجنته المركزية. في 2 كانون الثاني/ يناير 1952، اعتقلت سلطات الأمن الأردنية فؤاد نصار "بتهمة بث الدعاية للمبادئ الشيوعية" المحظورة، وأحالته إلى محكمة جنايات عمّان. وبعد المحاكمة صدر الحكم في 20 شباط/ فبراير 1952 بوضعه في الأشغال الشاقة مدة عشر سنوات. وبعد الاستئناف الذي قدمه محاموه، قررت المحكمة في 31 أيار/ مايو تخفيض العقوبة إلى ست سنوات قضاها في سجن الجفر الصحراوي.

بعد قيام الحكومة الوطنية برئاسة سليمان النابلسي في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 1956، في إثر الانتخابات النيابية التي فازت فيها كتلة وطنية كان من ضمنها نائبان شيوعيان هما فائق وراد ويعقوب زيادين، شهد الأردن انفراجاً سياسياً، لكنه لم يستمر طويلاً، إذ تسبب انقلاب وقع في نيسان/أبريل 1957 في إسقاط حكومة النابلسي وعودة التضييق على الحريات السياسية في الأردن. وبسب هذه الأوضاع، اضطر فؤاد نصار إلى الانتقال إلى دمشق (1957-1958)، ومنها إلى بغداد (1958-1959)، ثم استقر، منذ سنة 1960، في جمهورية ألمانيا الديمقراطية. وخلال زيارة قام بها إلى مدينة صوفيا، تعرّف نصار إلى شابة بلغارية، صارت تُعرف باسم "ليلى"، وعقد قرانه عليها في حفل متواضع حضره عدد من رفاقه.

ظل فؤاد نصار في برلين الشرقية حتى مطلع خريف سنة 1967، حين قرر العودة إلى عمّان ليقود الحزب الشيوعي الأردني، إلى جانب رفاقه الذين أفرجت السلطات الأردنية عنهم. وخلال فترة ترؤسه الحزب، اضطلع نصار بدور بارز في تطوير علاقات هذا الحزب مع فصائل حركة المقاومة الفلسطينية، على الرغم من قضايا الخلاف السياسي بينهما، كما كان من الذين اتخذوا، في سنة 1970، قرار تشكيل "قوات الأنصار" الفدائية، إلى جانب قادة الأحزاب الشيوعية في سورية ولبنان والعراق. وفي سنة 1972 اختير عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، ليكون أول شيوعي فلسطيني ينضم إلى هذا المجلس.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 1974، وفي الذكرى الستين لميلاده، منحته رئاسة مجلس السوفيات الأعلى "وسام الصداقة بين الشعوب"، كما منحته الحكومة البلغارية "وسام ديمتروف".

توفي فؤاد نصار جرّاء إصابته بسرطان الكبد في 30 أيلول/ سبتمبر 1976 عن عمر 62 عاماً، ودفن في عمّان، بعد أن شيعته جماهير غفيرة إلى مثواه الأخير. ووصلت إلى مقر الحزب الشيوعي الأردني مئات برقيات التعزية من عدد كبير من الأحزاب الشيوعية والاشتراكية في العالم، ونشرت الصحف الأردنية العشرات من التعازي بالفقيد، من بينها نعي مشترك من عشرين شخصية فلسطينية وأردنية، منها سليمان النابلسي وإبراهيم بكر ويحيى حمودة وبهجت أبو غربية. كما حفلت الصحف الصادرة في الضفة الغربية بأعداد كبيرة من إعلانات النعي والتعزية نشرها رؤساء بلديات وقادة نقابيون وشخصيات وطنية، وقادة الحزب الشيوعي الإسرائيلي، العرب واليهود. وتقاطر إلى بيت شقيقه الأب سمعان نصار في الناصرة المئات من المعزين من سائر أنحاء فلسطين.

 يُعتبر فؤاد نصار من أبرز مؤسسي الحركة الشيوعية العربية في فلسطين والأردن؛ انخرط في النضال الوطني في سن مبكرة وشارك، مشاركة فعّالة، في أحداث الثورة الفلسطينية الكبرى؛ أدرك أهمية الثقافة والنشاط الفكري، وخلّف عدداً كبيراً من المقالات في صحيفة "الاتحاد" ومجلة "الغد"، قبل النكبة، ثم في دوريات الحزب الشيوعي الأردني، مثل "المقاومة الشعبية" و"الجماهير" و"الحقيقة"، وكان داعية إلى الوحدة الوطنية وتعزيز العلاقة الأخوية بين الشعبين الفلسطيني والأردني.

 

المصادر:

أبو وندي، عناد. "فؤاد نصار". موقع حزب الشعب الفلسطيني ppp30.wordpress.com/2011/01/28/فؤاد-نصار/

الأشهب، نعيم. "فؤاد نصار: نضال ومواقف. في الذكرى الثلاثين لرحيل القائد الشيوعي البارز". رام الله: مركز فؤاد نصار لدراسات التنمية، 2006.

توما، إميل (وآخرون). "في الذكرى الأولى لوفاة فؤاد نصار - الرجل والقضية". القدس: منشورات صلاح الدين، 1977.

رشيدات، نبيه. "أوراق ليست شخصية". دمشق: دار الينابيع، 2001.

شقير، محمود. "فؤاد نصار القائد الإنسان". حيفا: مكتبة كل شيء، 2022.

"فؤاد نصار" (ملف في الذكرى السبعين لميلاده). "الكاتب"، القدس، العدد 56، كانون الأول/ ديسمبر 1984.

ناصر، نعيم. "ذكرى مرور مئة وسبعة أعوام على ميلاد القائد المناضل فؤاد نصار". "الحوار المتمدن"، العدد 7093، 1 كانون الأول/ ديسمبر 2021.

نصار، ليلى. "ذكريات عن فؤاد نصار" [د.ن] [د.م]، 1996.