عبد القادر الحسيني
ولد في إسطنبول. والده: موسى كاظم باشا الحسيني. والدته: زكية الحسيني. زوجته: وجيهة الحسيني. أولاده: موسى؛ فيصل؛ غازي. ابنته: هيفاء.
تلقى عبد القادر الحسيني علومه في مدرسة روضة المعارف الإبتدائية، ثم في مدرسة المطران غوبات (مدرسة صهيون) البروتستانتيّة في القدس ونال شهادة الثانوية العامة (المتريكوليشن) سنة 1927 .
التحق بقسم العلوم في الجامعة الأميركية في القاهرة لدراسة الرياضيات. وتردد على دار جريدة "الشورى"، لصاحبها محمد علي الطاهر، وأسهم في تحرير بعض موادها. وقف في حفل تخرجه سنة 1932 متهماً الجامعة بخدمة الاستعمار، وطُرد في أثر ذلك من مصر.
عاد عبد القادر الحسيني إلى القدس في مطلع سنة 1933 ليعمل مأموراً في دائرة تسوية الأراضي في فلسطين، وكان يبعث بمقالاته إلى جريدة "الجامعة الاسلامية" في يافا. ولمّا أصدر "الحزب العربي الفلسطيني"، الذي انضم إليه، جريدة "اللواء" اشترك في تحريرها.
استقال بعد سنتين من عمله الوظيفي لينصرف إلى العمل الوطني، فتولّى إدارة مكتب "الحزب العربي الفلسطيني" في القدس، وبدأ مع غيره من الشباب الوطني، بعد إعلان الإضراب العام في نيسان/ أبريل 1936، التحضير للثورة المسلحة.
شارك عبد القادر الحسيني في تشكيل "منظمة الجهاد المقدس" المسلحة في منطقة القدس، وعندما وفد إلى فلسطين المجاهد السوري الشهير سعيد العاص، مع عصبة من خيار صحبه، خاض عبد القادر عدة معارك إلى جانبه.
في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 1936، أسر الجيش البريطاني عبد القادر الحسيني بعد جرحه في معركة "الخضر" في قضاء بيت لحم، التي استشهد فيها سعيد العاص، وسيق مكبلاً إلى المستشفى العسكري في القدس، لكنه أفلت من الأسر واستكمل علاجه في دمشق التي كان قد فرّ إليها.
بعد تصاعد أحداث الثورة المسلحة في فلسطين سنة 1938، تسلل عبد القادر الحسيني خفية إليها، وشارك في القتال، فأصيب إصابة خطيرة في معركة كبرى وقعت، في تشرين الأول من ذلك العام، بين المجاهدين والقوات البريطانية في منطقة بني نعيم بين بيت لحم والخليل، وتمّ نقله سراً إلى المستشفى في الخليل حيث تلقى العلاج.
انتقل عبد القادر الحسيني بسبب الملاحقة والضغط العسكري المتواصل، قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية، إلى لبنان ومنه إلى العراق، حيث التحق، رغم خبرته العسكرية، بدورة خاصة لضباط الاحتياط في بغداد ليتخرج فيها بعد ستة شهور برتبة ضابط، وعمل على تدريس الرياضيات في الكلية الحربية (معسكر الرشيد) وكذلك في مدرسة "التفيض" المتوسطة في بغداد.
شارك في نيسان/ أبريل 1941 في ثورة الضباط الوطنيين العراقيين، بزعامة رئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني، ضد القوات البريطانية، واعتُقل، بعد فشل هذه الثورة، في تموز/ يوليو من العام نفسه، ثم نفي إلى بلدة زاخو على حدود تركيا.
استدعي للتحقيق معه، بعد اغتيال فخري النشاشيبي* في بغداد، وسجن في معتقل "العمارة"، ولم تفرج الحكومة العراقية عنه سوى في أواخر سنة 1943.
استضافه الملك عبد العزيز بن سعود، نظراً للصداقة التي كانت تربطه بوالده موسى كاظم الحسيني، وأمضى فترة عامين في السعودية، وسافر منها سرّاً إلى ألمانيا، حيث قضى ستة أسابيع في أحد المعاهد العسكرية الألمانية للتدرب على صنع المتفجرات والألغام واستخدامها.
انتقل عبد القادر الحسيني، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، مع أسرته إلى القاهرة في أوائل سنة 1946، وعزمت الحكومة المصرية على إبعاده، لكنها تراجعت عن ذلك بعد تدخل القوى الوطنية المصرية.
نظّم في مصر عمليات شراء الأسلحة المخلّفة في الصحراء الغربية، والتي تركت هناك بعد معارك طاحنة شهدتها المنطقة خلال الحرب العالمية، وعمل على تهريبها سراً إلى مناطق فلسطين الجنوبية عن طريق العريش، وإلى مناطقها الشمالية عن طريق ميناء صيدا اللبناني.
عاد عبد القادر الحسيني إلى فلسطين، متسللاً من الحدود المصرية، في كانون الأول/ ديسمبر 1947. وبعد قيام "الهيئة العربية العليا" بإعلان الجهاد غداة قرار التقسيم في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام ذاته، أعاد تشكيل قوّات جيش الجهاد المقدّس واختير قائداً عاماً لها. وقد أحرزت هذه القوات، بقيادته، انتصارات هامة ضدّ القوات الصهيونية في القدس وفي المستعمرات المجاورة وعلى خطوط المواصلات المؤدية إليها. كما نفذّت فرق التدمير التابعة لها عمليات كبرى أهمها نسف مقر "الوكالة اليهوديّة" بالقدس، أي مركز قيادة الحركة الصهيونية في المدينة.
توجّه عبد القادر الحسيني إلى دمشق، في نهاية آذار/ مارس 1948، للاتصال باللجنة العسكرية التابعة للجامعة العربية والمشرفة على القتال في فلسطين، كي توفر له أسلحة بما يوازي ما لدى القوات الصهيونية وتمكّن قواته من الدفاع عن مدينة القدس. وخلال وجوده في العاصمة السورية، بلغه خبر الهجوم الصهيوني الكبير على القدس ونجاحه في احتلال قرية القسطل ذات الموقع الاستراتيجي الخطير المشرف على الطريق العام بين القدس ويافا.
عاد عبد القادر الحسيني خائباً من دمشق، بعد فشل مسعاه لدى اللجنة العسكرية التابعة للجامعة العربية، واتجّه مباشرة إلى ميدان القتال وقاد هجوماً مضاداً يائساً لاسترداد قرية القسطل استشهد خلاله في 8 نيسان/ أبريل 1948.
نعته "الهيئة العربية العليا" بصفته "القائد البطل العظيم الذي خاض كقائد بطل معارك الجهاد في سبيل الدفاع عن فلسطين منذ سنة 1936". ورثته صحف العالم العربي بأسره، وابتهج الجمهور اليهودي بوفاته، وشاركت في جنازته المهيبة جموع شعبية غفيرة، ودفن في جوار الحرم الشريف في القدس إلى جانب والده موسى كاظم.
كان عبد القادر الحسيني مثالياً في تفانيه وحبه لوطنه، وأبرز القادة الميدانيين الفلسطينيين في حرب العصابات وأحنكهم وأفعلهم في حرب المدن. اكتسب حب مجاهديه ومناضليه المطلق لعفته ونخوته وإقدامه واستقامته.
*سياسي فلسطيني مقدسي من أكثر معارضي اللجنة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني نشاطاً. اتُهم بالتعاون مع القيادات الصهيونية والسلطات البريطانية ضد الثورة واغتيل في بغداد على يد مجهول خلال زيارة له إلى العراق سنة 1941.
المصادر:
الأغا، نبيل خالد. "قضية فلسطين في سيرة بطل: الشهيد الحي عبد القادر الحسيني". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1980.
الجندي، عاصم. "فارس القسطل عبد القادر الحسيني". ط 2. بيروت: دار الطليعة، 1979.
دروزة، محمد عزة. "مذكرات محمد عزة دروزة: سجل حافل بمسيرة الحركة العربية والقضية الفلسطينية خلال قرن من الزمن" (خمسة مجلدات). بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1993.
عودة، زياد. "من رواد النضال في فلسطين 1929- 1948". عمّان: دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، 1987، ص 89- 98.
قاسمية، خيرية. "عبد القادر الحسيني في ذكراه الخامسة والعشرين". "شؤون فلسطينية". العدد 20، نيسان/ أبريل 1973، ص 6- 12.
محسن، عيسى خليل. "فلسطين الأم وابنها البار عبد القادر الحسيني". عمّان: دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية، 1986.
"الموسوعة الفلسطينية"، القسم العام، المجلد الثالث. دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.
نجم، أحمد سعيد. "القائد الوطني الشهيد عبد القادر الحسيني". دمشق: دار المبتدأ، 1992.
نويهض، عجاج. "رجال من فلسطين. بيروت": منشورات فلسطين المحتلة، 1981.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., rev. and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.