رسالة مؤرخة 4 أيار/مايو 2009 موجهة
من الأمين العام إلى رئيس مجلس الأمن
تخلل النزاع الذي شهده قطاع غزة وجنوب إسرائيل مؤخرا عددٌ من الحوادث بين 27 كانون الأول/ديسمبر 2008 و 19 كانون الثاني/يناير 2009، طالت آثارها موظفي الأمم المتحدة ومبانيها وعملياتها.
وبصفتي المسؤول الإداري الأول للمنظمة، قررت تشكيل مجلس تحقيق تابع لمقر الأمم المتحدة ليتولى استعراض تسعة من هذه الحوادث التي تسببت بوفيات أو إصابات في منشآت الأمم المتحدة أو ألحقت أضرارا بها، أو تسببت بوفيات أو إصابات أو أضرار أثناء تنفيذ عمليات الأمم المتحدة، والتحقيق فيها.
وما أصبو إليه من خطوتي هذه هو إعداد سجل دقيق بوقائع هذه الحوادث الخطيرة ومسبباتها والجهات التي قد تقع عليها مسؤوليتها، إن وقعت على جهة ما، مع أخذ تعقيدات الحالة ككل في الاعتبار. وسيمكنني ذلك من القيام، في جملة أمور، بتبيان أي شوائب ربما شابت إجراءات المنظمة وسياساتها، وباتخاذ أي تدابير وترتيبات قد تلزم للحيلولة دون تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل أو للتخفيف من تبعاتها على الأقل. كما سيساعدني ذلك على تحديد الخطوات التي قد يتعين عليَّ اتخاذها لحماية ممتلكات المنظمة وأصولها. هذا ما توخيت إنجازه من تشكيل مجلس التحقيق. وأشدد في هذا الصدد على أن مجالس التحقيق ليست هيئات قضائية ولا محاكم قانونية: فالنتائج التي تتوصل إليها ليست نتائج قانونية، وهي لا تنظر في المسائل التي تستتبع مسؤولية قانونية.
وعينت يان مارتن رئيسا للمجلس الذي ضم أعضاء آخرين هم لاري د. جونسون وسينها باسناياك والمقدم باتريك إيخنبرغر ونينا لحود كأمينة له. والتأم المجلس في 11 شباط/فبراير 2009. ورفع إليّ تقريره في 21 نيسان/أبريل 2009. وأنا أدرك في هذا الصدد صعوبة إجراء هذا النوع من التحقيقات التي طُلب من المجلس القيام بها، ولا سيما صعوبة الحصول على أدلة متوازنة وموثوقة يمكن الاستناد إليها لاستخلاص النتائج. وأود أن أشكر مجلس التحقيق على اختتام عمله بنجاح.
وأود أن أسجل تقديري للحكومة الإسرائيلية على ما قدمته إلى المجلس من تعاون، ولا سيما تيسيرها دخول أعضائه مرارا وتكرارا إلى قطاع غزة وعقدها اجتماعات مكثفة وجوهرية معهم. ويعرب المجلس أيضا عن تقديره لممثلي السلطة الفلسطينية على طريقة استقبالهم لأعضائه وللسلطات المحلية في غزة على الاجتماعات التي عقدتها معهم.
وتقرير المجلس، شأنه شأن تقارير جميع مجالس التحقيق التابعة للأمم المتحدة، وثيقة داخلية وليس للنشر. وهو يتضمن كميات وفيرة من المعلومات التي زُود بها المجلس في إطار من السرية المطلقة. كما يتضمن مجموعة هامة من المعلومات التي يمكن، لو تم الكشف عنها، أن تمس بأمن عمليات المنظمة أو أنشطتها أو بحسن سيرها.
وإني أدرك في الوقت نفسه أن قراري تشكيل مجلس للتحقيق في بعض الحوادث التي وقعت في قطاع غزة في الفترة من 27 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى 19 كانون الثاني/ يناير 2009 قد أثار قدرا كبيرا من الاهتمام.
وبناء على ذلك، قررت إصدار موجز عن تقرير المجلس، ترفق طي هذه الرسالة نسخةٌ منه.
وبغرض تجنب أي سوء فهم محتمل، أود التشديد على أن ما أقدمه هنا هو موجز عن تقرير المجلس لا التقرير بعينه. فالتقرير يقع في 184 صفحة ويتضمن حواشي ترد فيها تفاصيل عن مراجع وأقوال ذات صلة بالحوادث، ونحو 200 تذييل ومرفق تحتوي على أدلة تتعلق بهذه الحوادث، من بينها إفادات أدلى بها شهود وتقارير عن التحقيق وتقارير طبية وصور وتسجيلات فيديو وتقارير من منظمات غير حكومية وملاحظات سُجلت خلال الاجتماعات ومواد أخرى. وتماشيا مع اختصاصات المجلس، يشتمل التقرير على معلومات مفصلة عن الأفراد الذين قُتلوا أو أصيبوا في الحوادث؛ وأسباب الوفاة والإصابات وطبيعة الإصابات؛ وعلى وصف مفصل للخسائر والأضرار في ممتلكات الأمم المتحدة. وترفق بالتقرير معلومات مسهبة عن تكاليف إصلاح هذه الأضرار أو الاستبدال بما أتلف من ممتلكات، إلى جانب مذكرات تتناول الطرائق التي استُخدمت في تقييم الخسائر والأضرار. وهذه المعلومات المسهبة غير مدرجة في الموجز المرفق بهذه الرسالة.
كما أشدد على أن الأمانة العامة هي من أعد موجز تقرير مجلس التحقيق لا المجلس. ويعكس هذا الموجز بأمانة وموضوعية مجمل التقرير الذي أعده المجلس، بما في ذلك وصف ملابسات كل من هذه الحوادث التسعة التي طُلب من المجلس استعراضها والتحقيق فيها، وموجز لأهم النتائج التي توصل إليها بشأن وقائع كل حادث من هذه الحوادث وأسبابه والمسؤولين عنه. كما أن استنتاجات المجلس مدرجة باقتضاب في الموجز أما بالنسبة للتوصيات، فقد نُقلت بحذافيرها من التقرير.
وإني حاليا أستعرض هذه التوصيات بدقة لتحديد الإجراءات التي يتعين عليّ اتخاذها، إن قررت ذلك. ويسرني أن أبلغكم في هذا الصدد بأن الحكومة الإسرائيلية وافقت على الاجتماع مع مسؤولين من الأمانة العامة للأمم المتحدة من أجل بحث ما يتعلق من هذه التوصيات بإسرائيل.
وبالنسبة للتوصية 4 للمجلس، أكدت لي الحكومة الإسرائيلية أنها حريصة على الاستفادة منها وتحسين آليات التنسيق مع الأمم المتحدة لضمان سلامة وأمن موظفيها ومنشآتها. وأود التنويه بالتعاون القائم بين إدارة التنسيق والاتصال التابعة للحكومة الإسرائيلية وبين الأمم المتحدة، وهو تعاون لا بد منه لكفالة توفير المساعدات الإنسانية الأساسية، مع أن هناك مجالا لتحسينه.
وأما بالنسبة للتوصيتين 10 و 11 للمجلس المتصلتين بمسائل لا تقع بمعظمها ضمن اختصاصاته، فإني لا أعتزم متابعة التحقيق بشأنهما. وبالنسبة للتوصية 10 التي يتناول فيها المجلس حوادث أخرى من الوفيات أو الإصابات في أوساط موظفي الأمم المتحدة ومن الأضرار التي لحقت بمنشآت تابعة لها لا تقع ضمن صلاحياته، فإني أعتزم معالجة كل من هذه الحوادث على حدة، عند الاقتضاء، وعبر الحوار مع الحكومة الإسرائيلية، من حيث صلتها بإسرائيل والأمم المتحدة.
ولقد أبلغتني الحكومة الإسرائيلية بأن لديها تحفظات واعتراضات هامة على عناصر من الموجز المرفق بهذه الرسالة تم إطلاعها عليها، وبأنها تعتزم الرد عليها.
وفي الختام، أود الإعراب عن قلقي الشديد والدائم إزاء وضع المدنيين في قطاع غزة وإسرائيل وحرمانهم من حقهم في الحياة في جو من السلام والأمن، خال من خطر العنف والإرهاب. ويرد في تقرير مجلس التحقيق وصف لمحنة المدنيين الفلسطينيين في غزة. ولا يغيبنّ عن بالنا أن المدنيين الإسرائيليين في جنوب إسرائيل كانوا وما زالوا يعانون من الاعتداءات العشوائية بالصواريخ التي تطلقها حماس وجماعات أخرى من المقاتلين. وما زلت أؤمن بأن أفضل وسيلة لتحقيق مصلحة المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين وتطلعاتهم هي عملية السلام التي تحقق أهداف القرارات التي اتخذها مجلس الأمن، ولا سيما القرارات 242 (1967) و 338 (1973) و 1397 (2002) و 1515 (2003) و 1850 (2008) و 1860 (2009).
وأرجو ممتنا إطلاع أعضاء مجلس الأمن، للعلم، على هذه الرسالة ومرفقها.
(توقيع) بان كي - مون
موجز أعده الأمين العام عن تقرير مجلس مقر الأمم المتحدة للتحقيق في بعض الحوادث
التي وقعت في قطاع غزة في الفترة من 27 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى 19 كانون الثاني/يناير 2009
1 - شكلت في 11 شباط/فبراير 2009 مجلس تحقيق تابعا لمقر الأمم المتحدة[1] (يشار إليه لاحقا بـ ”المجلس“) ليستعرض بعض الحوادث التي وقعت في قطاع غزة في الفترة من 27 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى 19 كانون الثاني/يناير 2009، وتسببت بوفيات أو إصابات في منشآت الأمم المتحدة أو ألحقت أضرارا بها، أو تسببت بوفيات أو إصابات أو أضرار أثناء تنفيذ عمليات الأمم المتحدة، وليحقق فيها. وهذه الحوادث هي التالية:
(أ) إصابة شخص بجروح في مدرسة خان يونس الثانوية ”أ“ للبنات التابعة للأونروا وإلحاق أضرار بها في 29 كانون الأول/ديسمبر 2008 ووفاة الجريح لاحقا؛
(ب) وقوع قتلى في مدرسة أسماء الابتدائية التابعة للأونروا في مدينة غزة وإلحاق أضرار بها في 5 كانون الثاني/يناير 2009؛
(ج) وقوع قتلى وجرحى في مدرسة ذكور جباليا الإعدادية ”ج“ التابعة للأونروا والمنطقة المجاورة مباشرة لها، وإلحاق أضرار بالمدرسة في 6 كانون الثاني/يناير 2009؛
(د) وقوع جرحى في مركز البريج الصحي التابع للأونروا وإلحاق أضرار به في 6 كانون الثاني/يناير 2009؛
(هـ) إطلاق أعيرة نارية من أسلحة صغيرة أصابت قافلة تابعة للأونروا في منطقة عزبة عبد ربه في 8 كانون الثاني/يناير 2009 وما ألحقته من أضرار بإحدى مركبات الأمم المتحدة؛
(و) وقوع إصابات في مجمع مكاتب الأونروا الميدانية في مدينة غزة وإلحاق أضرار به في 15 كانون الثاني/يناير 2009؛
(ز) وقوع قتلى وجرحى في مدرسة الأونروا الابتدائية في بيت لاهيا وإلحاق أضرار بها في 17 كانون الثاني/يناير 2009؛
(ح) إلحاق أضرار بمكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط في مجمع غزة في 29 كانون الأول/ديسمبر 2008؛
(ط) إلحاق أضرار بالمستودع التابع لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة كارني في الفترة من 27 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى 19 كانون الثاني/يناير 2009.
2 - وتمثلت مهام فريق التحقيق، على غرار ما وردت في اختصاصاته، في ما يلي:
(أ) جمع كل الوثائق الموجودة حاليا المتعلقة بهذه الحوادث واستعراضها، بما في ذلك التقرير المتعلق بالتحقيق في الحوادث التي ألحقت أضرارا بمنشآت الأمم المتحدة، الذي وعد رئيس الوزراء أولمرت بتزويد الأمين العام به، إن توافر، وأي تقرير آخر متاح يصدر عقب إجراء تحقيقات على الصعيد الوطني وأي تحقيقات أخرى غيرها؛
(ب) العثور على جميع الشهود وسائر الأشخاص المعنيين الذين يمكن أن يساعدوا التحقيق واستجوابهم وتسجيل إفاداتهم؛
(ج) تفقد المواقع التي وقعت فيها الحوادث؛
(د) إصدار تقرير في المقر عن الحوادث يشمل ما يلي:
’1‘ النتائج التي تم التوصل إليها بشأن الوقائع المتعلقة بالحوادث، على أن تشمل ما يلي: الأسماء الكاملة للأشخاص الذين توفوا والأشخاص الذين أصيبوا بجروح؛ وتاريخ الوفاة والإصابة وزمانهما ومكانهما؛ وطبيعة الإصابات؛ وأسباب الوفاة أو الإصابات؛ وتحديد ما إذا كان الموظفون منهم في الأمم المتحدة يؤدون عملهم لدى وقوع الحوادث؛ وتبيان سبب وجود غير العاملين منهم في الأمم المتحدة في مكان الحادث أو على مقربة شديدة منه؛ ووصف للخسائر في ممتلكات الأمم المتحدة وممتلكات المتوفين والمصابين والأضرار التي لحقت بها؛
’2‘ النتائج التي تم التوصل إليها بشأن أسباب الحوادث؛
’3‘ النتائج التي تم التوصل إليها بشأن مسؤولية أي أفراد أو كيانات عن الحوادث؛
’4‘ توصيات بشأن أي إجراءات يعتبر الفريق أن على الأمم المتحدة اتخاذها، بما فيها أي إجراءات أو تدابير ينبغي اتخاذها لتفادي تكرار هذه الحوادث؛
’5‘ الأدلة ذات الصلة التي ستضاف إلى التذييلات والمرفقات، بما فيها الصور وتقارير التشريح وغيرها.
3 - وأشار المجلس إلى أن اختصاصاته لم تخوله سلطة معالجة الجوانب الشاملة للنزاع في غزة وأسبابه أو الحالة التي عانى منها السكان المدنيون في غزة وجنوب إسرائيل في الفترة التي سبقت ”عملية الرصاص المسكوب“. فمهمته اقتصرت على النظر في الحوادث التسعة المشمولة بإطار اختصاصاته.
4 - وتوصل المجلس إلى النتائج التالية بشأن وقائع كل حادث من هذه الحوادث وأسبابه والمسؤولية عنه. وإن الحقائق الكاملة التي تم تقصيها والأدلة والوثائق الداعمة لها والأسباب التي بررت الاستنتاجات الواردة أدناه بإيجاز، ترد في التقرير الكامل الذي أعده المجلس وقدمه إلى الأمين العام في إطار من السرية جريا على عادة مجالس التحقيق التابعة للأمم المتحدة.
الحادث (أ): إصابة شخص بجروح في مدرسة خان يونس الثانوية ”أ“ للبنات التابعة للأونروا وإلحاق أضرار بها في 29 كانون الأول/ديسمبر 2008 ووفاة الجريح لاحقا
5 - تقع مدرسة خان يونس الثانوية ”أ“ للبنات التابعة للأونروا على مسافة كيلومتر تقريبا شمال غرب مدينة خان يونس. ويلاصق المدرسة دار حضانة تديرها الأونروا أيضا. وأشار المجلس إلى أنّ إحداثيات المدرسة في النظام العالمي لتحديد المواقع كانت قد أحيلت في وقت أسبق إلى جيش الدفاع الإسرائيلي، وإلى أنّ المدرسة تظهر على خريطة كان قد أعدها مكتب تنسيق أنشطة الحكومة في الأراضي وأطلع الأمم المتحدة عليها لأغراض تنسيق أنشطة هذه المنظمة مع جيش الدفاع الإسرائيلي (’’خريطة التنسيق المشترك‘‘).
6 - وفي 29 كانون الأول/ديسمبر، كانت المدرسة مغلقة بمناسبة السنة الهجرية الجديدة. ووقع هذا التاريخ بعد يومين من بدء ”عملية الرصاص المسكوب“ وخلال الأسبوع الأول من هذه العملية التي اقتصرت فيه على شن غارات جوية على غزة. ويوم وقوع الحادث، كان أحد موظفي الأونروا يعمل في المدرسة كحارس. وكان موظف آخر من موظفيها يعمل حارسا في دار الحضانة الملاصقة للمدرسة.
7 - وقبالة المدرسة، في الجهة الأخرى من الشارع، كان يقع مركز للدفاع المدني يضم فرقة إطفاء. ولما كان مركز الدفاع قد تلقى إنذارا هاتفيا، خشي رجال الإطفاء فيه أن يستهدفه القصف. وأنذروا الحارس التابع للأونروا بوجوب إخلاء المدرسة التي يمكن أن تُستهدف أيضا، لكنه قرر البقاء.
8 - وحوالي الساعة 30/15 وقع انفجار. وتبين للمجلس أنّ حارس المدرسة التابع للأونروا أُصيب بسلاح أو بشظايا قذيفة خارج بوابة المدرسة. ونُقل إلى المستشفى حيث فارق الحياة لاحقا. وتبين للمجلس أنّ الحارس التابع للأونروا في دار الحضانة الملاصقة للمدرسة أصيب بجروح من القذيفة نفسها. وأُلحقت بالمدرسة أضرار أيضا.
9 - ولم يتمكن المجلس، بسبب محدودية المعلومات المتوافرة لديه، من التوصل إلى أية استنتاجات بشأن طبيعة القذيفة أو مصدرها. ولئن اعتبر المجلس أنّ قتل الحارس التابع للأونروا لا مبرر له على الإطلاق ويشكل بوضوح فعلا غير مشروع، فإنه لم يتمكن من التوصل إلى استنتاج بشأن الكيانات أو الأفراد المسؤولين عن ذلك.
الحادث (ب): وقوع قتلى في مدرسة أسماء الابتدائية التابعة للأونروا في مدينة غزة وإلحاق أضرار بها في 5 كانون الثاني/يناير 2009
10 - تقع مدرسة أسماء الابتدائية المختلطة ”أ“ التابعة للأونروا في وسط مدينة غزة. ويتكون مبناها الأساسي من طابقين يضمان غرف الدراسة وغرفا للموظفين ومرحاضا صغيرا للبنات وآخر للصبيان. ويضم المجمّع ملعبا ومبنى يقع فيه مطعم المدرسة ومرحاضين منفصلين أحدهما للنساء والآخر للرجال.
11 - وأُغلقت المدرسة في 27 كانون الأول/ديسمبر 2008 بسبب العمليات العسكرية التي شكلت جزءاً من ”عملية الرصاص المسكوب“. وفي 5 كانون الثاني/يناير 2009، فُتحت أبوابها رسميا أمام الفلسطينيين المتضررين من النزاع ليلجأوا إليها؛ غير أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي لم يبلَّغ باستخدامها كملجأ طارئ إلا في صبيحة 6 كانون الثاني/يناير. وتبيّن سجلات مكتب غزة الميداني التابع للأونروا أنّ 406 أشخاص كانوا قد لجأوا إلى المدرسة بحلول ليلة 5 كانون الثاني/يناير. وتقضي إجراءات الأونروا بتفتيش الذين يبحثون عن ملجأ، وبشكل خاص للكشف عن السلاح. وذكر المجلس أنّ بعض الروايات أفادت بأنه تم الاضطلاع بعمليات تفتيش، بينما أفادت أخرى بأنه لم يتم الاضطلاع بأي منها لأنه تبدى بشكل ظاهر أن طالبي الحماية كانوا يحملون معهم القليل إن حملوا شيئا على الإطلاق. وسُجلت أسماء الذين لجأوا في المدرسة. وأعطي المسؤول عن كل أسرة تبحث عن ملجأ بطاقة هوية خاصة بالملجأ. وبعد التسجيل، خُصصت غرف دراسة لأفراد الأسر للإقامة فيها. وقد حاول مدير الملجأ قدر الإمكان أن يُبقي أفراد الأسرة الواحدة معا. وخصصت غرفة في الطابق الثاني لثلاثة شبان في الخامسة والعشرين والرابعة والعشرين والتاسعة عشرة من العمر، مع أفراد أسرتهم الممتدة.
12 - وفي أمسية 5 كانون الثاني/يناير، تمركز حارس تابع للأونروا عند الباب الفاصل بين المجمّعين الداخلي والخارجي للمدرسة. واستنادا إلى المعلومات التي أفاد بها، سمح لوالدة أحد هؤلاء الشبان ولشاب من العائلة باجتياز الباب حوالي الساعة 00/23 لاستخدام المرحاض الخارجي. وبعد عودتهما، سمح لثلاثة شبان بالخروج لاستخدام المرحاض.
13 - وحوالي الساعة 15/23، أصابت قذيفة مجمّع المدرسة من الداخل قرب المرحاضين فقتلت الشبان الثلاثة الذين كانوا قد غادروا مبنى المدرسة قبل دقائق قليلة، وألحقت أيضا أضرارا بمباني المدرسة. وتبين للمجلس أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي أطلق القذيفة من الجو.
14 - ونظر المجلس في إمكانية أن يكون الشبان الثلاثة منخرطين أو على وشك الانخراط في نشاط عسكري. وخلص إلى أنّ الأرجح هو أنّ الشبان خرجوا، على عادتهم، لاستخدام مرحاض المدرسة ولم يكونوا بصدد الاستعداد للانخراط في أي نشاط عسكري. وأشار المجلس في هذا السياق إلى عدم العثور على أي أسلحة أو ذخيرة في المباني وإلى أنه، بعد موازنة الاحتمالات، يصعب الاقتناع بأنّ سلاحا قد هُرِّب إلى داخل المجمّع قبل الحادث ثم إلى خارج المجمّع بعده.
15 - وأما على صعيد معرفة ما إذا كان جيش الدفاع الإسرائيلي على علم بأن المدرسة كانت تُستخدم كمركز للمدنيين، فقد أشار المجلس إلى أنّ هذا الجيش، يوم الاعتداء، كان قد ألقى 000 300 منشور تحذيري وحثّ المدنيين، بهذه الوسيلة وبوسائل أخرى، على وجوب الانتقال إلى مراكز معينة في المدينة. وأشار أيضا إلى أنّ عدة مئات من الفلسطينيين كانوا يتجمعون عند مدرسة أسماء للجوء إليها منذ اليوم السابق للحادث وإلى أنهم، اعتبارا من الظهيرة، كانوا مصطفين في الملعب لتسجيل أسمائهم، وبالتالي أمكن رؤيتهم بسهولة بالرصد الجوي.
16 - وخلص المجلس إلى أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي وجّه ضربة مباشرة ومتعمدة إلى مباني الأمم المتحدة. واعتبر أنّ هذا العمل يشكل انتهاكا فاضحا لحرمة مباني الأمم المتحدة وتخلفا عن منح ممتلكات المنظمة وأصولها الحصانة من أي شكل من أشكال التدخل. وأشار إلى أنه لا يجوز تغليب الاعتبارات العسكرية على حرمة المنظمة وحصانتها. وتبين للمجلس أنّ الحكومة الإسرائيلية مسؤولة بالتالي عن مقتل الشبان الثلاثة الذين كانوا لاجئين في المدرسة وعن الأضرار التي ألحقتها أعمالها بمباني المدرسة.
17 - وتبين للمجلس، علاوة على ذلك، أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي لم يبذل الجهود الكافية ولم يتخذ الاحتياطات الوافية بحيث تضطلع الحكومة الإسرائيلية بمسؤولياتها المتمثلة في حماية موظفي الأمم المتحدة والمدنيين الملتجئين إلى منشآت الأمم المتحدة، وفي حماية منشآت الأمم المتحدة وممتلكاتها.
الحادث (ج): وقوع قتلى وجرحى في مدرسة ذكور جباليا الإعدادية ”ج“ التابعة للأونروا والمنطقة المجاورة مباشرة لها وإلحاق أضرار بالمدرسة في 6 كانون الثاني/يناير 2009
18 - تستقبل مدرسة ذكور جباليا الإعدادية ”ج“ التابعة للأونروا أطفالا ينتقلون من مرحلة التعليم الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية، وتُعرف أيضا بمدرسة الفاخورة نسبة إلى اسم الحي. وتقع في مبنى من ثلاثة طوابق داخل مجمّع يحيط به جدار ارتفاعه ثلاثة أمتار تقريبا، ويولج إليه عبر بوابة من الارتفاع نفسه. ويتاخم المدرسة من الجهة الغربية طريق الفاخورة التي تتسع في قسم منها قريب إلى المدرسة بما يكفي لقيام جزيرة مرور حيث يتجمع الناس بعض الأحيان وحيث أقيم، يوم الحادث، كشك لبيع الفواكه والخضار.
19 - وأشار المجلس إلى أنّ إحداثيات مدرسة جباليا في النظام العالمي لتحديد المواقع كانت قد أحيلت في وقت أسبق إلى جيش الدفاع الإسرائيلي عن طريق عمليات تحديث منتظمة، وإلى أنّ المدرسة تظهر على خريطة التنسيق المشترك التي أعدها مكتب تنسيق أنشطة الحكومة في الأراضي وأطلع الأمم المتحدة عليها. وأشار أيضا إلى أنّ المدرسة أُدرجت في قائمة ضمت أسماء 91 ملجأ موقتا كان جيش الدفاع الإسرائيلي قد أُبلغ بها قبل ”عملية الرصاص المسكوب“. وفُتحت أبواب المدرسة أمام المدنيين في 5 كانون الثاني/يناير 2009 ليلجأوا إليها.
20 - وتبين للمجلس أنّ مجموعة من قذائف الهاون سقطت في الجوار المباشر لمدرسة جباليا التابعة للأونروا بعد ظهر يوم 6 كانون الثاني/يناير 2009 فأصابت سبعة أشخاص بجروح داخل المدرسة، هم ستة مقيمين في الملجأ وحارس تابع للأونروا. وذكر المجلس أنه لم يتمكن من إجراء التحقيقات المكثفة اللازمة للتوصل إلى استنتاجات أكيدة بشأن عدد الأشخاص الذين قُتلوا أو جُرحوا في جوار المدرسة المباشر. وأشار إلى أنّ مكتب منسق الشؤون الإنسانية والمنظمات المحلية المعنية بحقوق الإنسان قدّرا عدد القتلى بما يتراوح بين 30 و 40 شخصا وعدد الجرحى بخمسين. وتبين للمجلس أنّ أحد الأشخاص الذين قُتلوا خارج المدرسة صبي في سن الرابعة عشرة كان قد لجأ إلى المدرسة مع أسرته وكان خارج بوابة المدرسة عندما قُتل.
21 - وتبين للمجلس أنّ سبب إصابة الحارس التابع للأونروا والأشخاص الذين لجأوا إلى مدرسة جباليا التابعة للأونروا بجروح، والأضرار التي أُلحقت بالمدرسة، وقتل وجرح الأشخاص في المنطقة المجاورة مباشرة للمدرسة، كان بلا شك إطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي قذائف هاون من عيار 120 ملم سقطت على الطريق خارج المدرسة وعلى أحد المنازل بالقرب منها.
22 - وأشار المجلس إلى أنّ السلطات الإسرائيلية ذكرت في بيانات عامة وتقارير صحفية وقت الحادث أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي كان يرد على نيران مدفعية أُطلقت من داخل المدرسة التابعة للأونروا وأن هذه المدرسة كانت مفخخة بالمتفجرات. وأشار أيضا إلى أنّ الادعاء بأنّ حماس أطلقت نيران المدفعية من داخل مجمّع المدرسة التابعة للأونروا كان لا يزال عند صياغة التقرير منشورا على الموقع الشبكي لوزارة الخارجية الإسرائيلية. وتبين للمجلس أنّ أية نيران لم تُطلق من داخل المجمّع ولم يكن هناك أية متفجرات في المدرسة.
23 - وأشار المجلس أيضا إلى أنّ بعض البيانات التي صدرت عقب الحادث ذكرت أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي كان يرد على نيران مدفعية أُطلقت من جوار المدرسة المباشر. وذكر المجلس أنه لم يتمكن من التوصل إلى أي استنتاج بشأن ما إذا كانت قذائف هاون قد أُطلقت باتجاه جيش الدفاع الإسرائيلي من جوار المدرسة. لكنه أشار إلى أنّ أغلبية إفادات الشهود التي تلقاها المجلس أو قُدمت إليه ذكرت أنه لم يحدث أي إطلاق للقذائف.
24 - وأشار المجلس إلى أنّ وسيلة الرد على مصدر محدد لنيران المدفعية، التي تعرض المدنيين والممتلكات، بما فيها المدرسة التابعة للأونروا، لأقل قدر من الخطر كان يمكن أن تكون إطلاق قذيفة محددة الهدف بدقة. ولم يتمكن المجلس من تحديد ما إذا كانت هذه الوسيلة متوافرة لدى جيش الدفاع الإسرائيلي وقت الحادث، وإن لم تكن متوافرة، لم يتمكن من تحديد الفترة الفاصلة بين الحادث وتوافر هذه الوسيلة، ومن تقييم نتائج التأخر في الرد حتى تتوافر.
25 - وتبين للمجلس أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي، بإطلاقه قذائف هاون شديدة الانفجار من عيار 120 ملم، لم يحافظ على مسافة كافية ضامنة للسلامة تفصل بين الهدف، أيا كان، وبين المدرسة. وتبين للمجلس أنّ إحدى هذه القذائف سقطت على مسافة 20 مترا لا أكثر من المدرسة وأن شظاياها أصابت أشخاصا داخل مجمّع المدرسة بجروح. وأشار أيضا إلى أنه حتى لو كانت هذه المسافة عن المدرسة كافية، فإن ذلك ما كان ليفسّر مسألة القتلى والجرحى الذين أوقعهم القصف في المنطقة المجاورة مباشرة للمدرسة.
26 - وخلص المجلس إلى أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي انتهك حرمة منشآت الأمم المتحدة ولم يحترم حصانة ممتلكات المنظمة وأصولها من التدخل. وأشار إلى أنّ ما تمليه الاعتبارات العسكرية لا يمكن أن يطغى على هذه الحرمة وهذه الحصانة. واعتبر المجلس أنّ الحكومة الإسرائيلية مسؤولة بالتالي عن إصابة أفراد الأسر التي لجأت إلى المدرسة بجروح وعن الأضرار التي ألحقتها أعمالها بمنشآت الأونروا وممتلكاتها.
27 - واعتبر المجلس، علاوة على ذلك، أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي لم يبذل الجهود الكافية ولم يتخذ الاحتياطات الوافية بحيث تضطلع الحكومة الإسرائيلية بمسؤولياتها المتمثلة في حماية موظفي الأمم المتحدة والمدنيين الملتجئين إلى منشآت الأمم المتحدة وحماية مباني الأمم المتحدة وممتلكاتها.
28 - وفي ما يتعلق بالمدنيين خارج المدرسة، بمن فيهم الأطفال والنساء، أشار المجلس إلى أنّ مسؤولية طرفي النزاع يجب أن تحدَّد وفقا لقواعد القانون الإنساني الدولي ومبادئه. وذكر أنه لم يتمكن، بسبب حدود ولايته، من التحقيق على النحو الوافي في عدد هذه الوفيات، وعدد الإصابات وطبيعتها، ومدى إمكانية إثبات أن المدنيين انخرطوا في أنشطة غير مدنية.
الحادث (د): وقوع جرحى في مركز البريج الصحي التابع لوكالة الأونروا وإلحاق أضرار به في 6 كانون الثاني/يناير 2009
29 - مركز البريج الصحي التابع لوكالة الأونروا مرفق يتألف من مبنى بطابق واحد يقع في وسط مخيم البريج بغزة. وقد أشار المجلس إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي أُبلغ مسبقاً بإحداثيات المركز في النظام العالمي لتحديد المواقع عن طريق عمليات تحديث منتظمة، وأن المركز يظهر على خريطة التنسيق المشتركة التي أعدها وقدّمها مكتب تنسيق أنشطة الحكومة في الأراضي.
30 - ولا يستقبل المركز مرضى للمبيت، لكنه يقدم الرعاية الصحية الأولية إلى الزوار (المرضى الخارجيين). وفي 6 كانون الثاني/يناير 2009، تاريخ إلحاق الأضرار بالمركز وإصابة موظفيه ومرضاه، ذكر المجلس أن 40 موظفاً حضروا إلى مكان عملهم وأن نحو 600 مريض أجروا استشارات طبية.
31 - ويقع المركز في منطقة حضرية مأهولة بالسكان. وفي الجهة المقابلة للطريق الذي يفضي إلى المركز، يقع مبنى سكني مؤلف من أربعة طوابق. وذكر المجلس أن المسافة التي تفصل بين المركز وذلك المبنى السكني تبلغ نحو 20 متراً. وفي 6 كانون الثاني/يناير، حوالي الساعة 40/10، تبين للمجلس أن ذلك المبنى السكني أصيب بقذيفة صغيرة. ولم تصب القذيفة أحداً، لكنها تسببت فقط بأضرار مادية في منطقة محدودة. وأبلغ رئيس فريق الأونروا الطبي المجلس أنه اعتقد بأن القذيفة يمكن أن تكون ”قذيفة إنذار“، قد تعقبها غارة أكثر تدميراً وخطورة بكثير، وأنه أوعز بالتالي إلى أفراد طاقمه أن يطلبوا إلى المرضى البقاء داخل مبنى المركز لا خارجه. غير أنه لم يستطع منع مرضى جدد من الوصول إلى المركز. ولاحظ المجلس أن قاطني المبنى السكني هم أيضا، في ما يبدو، اعتبروا أن القذيفة كانت لغرض الإنذار، فأخلوا المبنى، لأنه لم يسمع بحدوث أي وفيات أو إصابات في عدادهم بسبب الغارة.
32 - وتبين للمجلس أن قذيفة جوية قوية أصابت المبنى السكني بعد حوالي عشر دقائق فحولته إلى أنقاض. ولم ينهر المبنى في الشارع أو على المباني المجاورة. غير أن الانفجار أدى إلى سقوط الحطام والشظايا على مبنى المركز وداخل المجمع التابع له، الأمر الذي ألحق أضرارا بالمبنى وبمركبة المركز المركونة هناك.
33 - وتبين للمجلس أن ذلك أدى إلى إصابة تسعة من موظفي المركز الموجودين داخله بجروح، في حين أُصيب أيضاً ثلاثة مرضى كانوا يقتربون من بوابة المركز أو يدخلون عبرها بجروح بليغة، وتوفي أحدهم لاحقاً متأثراً بجراحه.
34 - وتبين للمجلس أن سبب إصابات موظفي الأونروا في المركز ووفاة أحد المرضى الثلاثة الموجودين في المركز وإصابة الاثنين الآخرين بجروح، والأضرار التي لحقت بالمركز والمركبة العائدة له، هو بلا شك قنبلة جوية دقيقة التوجيه أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي على المبنى السكني الكائن قبالة المركز.
35 - وأشار المجلس إلى أنه، رغم تلقيه معلومات تفيد بأن بعض القاطنين في ذلك المبنى السكني ينتمون إلى حركة حماس، يعتبر أن جميع المعلومات التي تلقاها لم تمكنه من استنتاج ما إذا كانت حركة حماس تستخدم هذا المبنى لتنفيذ عملياتها.
36 - وفي ما يتعلق بالقذيفة الصغيرة التي أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي على المبنى على سبيل الإنذار، ذكر المجلس أن رئيس الفريق الطبي في المركز أدرك، لحسن الحظ، أن هذه القذيفة قد تكون إيذانا بغارة شديدة التدمير، قد تشمل حتى المركز، وأنه لذلك أوعز إلى معاونيه أن يطلبوا إلى المرضى البقاء داخل مبنى المركز. وذكر المجلس أن عدداً من موظفي المركز الموجودين داخله أصيبوا، رغم ذلك، بجروح جراء الغارة. وذكر المجلس أن القذيفة الخفيفة، حتى مع إيعاز الطبيب البقاء داخل المبنى، لم تكن بالتالي إنذاراً كافياً لدرء إصابة الأشخاص الموجودين في المركز. كما ذكر المجلس أنها لم تساعد الأونروا في حماية مبنى المركز والمركبة العائدة له اللذين لحق بكليهما الضرر جراء الغارة الرئيسية.
37 - وأشار المجلس إلى أن الأونروا لم تتلق أي تحذير مسبق معين، مع أن جيش الدفاع الإسرائيلي يعلم مسبقاً بأنه كان يخطط لعملية عسكرية مقبلة على مقربة من المركز الصحي. واعتبر المجلس أن التحذير قبل فترة كافية كان سيتيح للأونروا اتخاذ تدابير الحماية اللازمة لضمان أمن موظفيها داخل المبنى والمرضى الموجودين في المركز وسلامتهم، وسلامة المركبة العائدة لها التي كانت في المجمع، وأنه كان من المحتمل أيضا أن يتيح للأونروا التخفيف من حجم الأضرار التي لحقت بالمبنى نفسه. ولذلك، تبين للمجلس أن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يتخذ الاحتياطات الكافية لحماية المركز الصحي.
38 - وخلص المجلس إلى أن حرمة مباني الأمم المتحدة قد انتُهكت وأن ممتلكات المنظمة وأصولها لم تُمنح الحصانة من أي شكل من أشكال التدخل. وأشار إلى أنه لا يجوز تغليب الاعتبارات العسكرية على حرمة المنظمة وحصانتها. وتبين للمجلس أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل بالتالي المسؤولية عما أسفرت عنه أعمالها من وفيات وإصابات في أوساط المرضى الموجودين في المركز وإصابات في أوساط موظفي الأونروا، وأضرار لحقت بمركبات الأونروا وممتلكاتها.
39 - وتبين للمجلس أيضاً أن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يبذل الجهود الكافية أو يتخذ الاحتياطات الوافية بحيث تضطلع الحكومة الإسرائيلية بمسؤولياتها المتمثلة في حماية موظفي الأمم المتحدة والمدنيين الموجودين في مركز البريج الصحي وحماية مباني الأمم المتحدة وممتلكاتها.
الحادث (هـ): إطلاق أعيرة نارية من أسلحة صغيرة أصابت قافلة تابعة للأونروا في منطقة عزبة عبد ربه في 8 كانون الثاني/يناير 2009 وما ألحقته من أضرار بإحدى مركبات للأمم المتحدة
40 - قرابة 5 كانون الثاني/يناير 2009، أُبلغت موظفة الأونروا للوجستيات والمشتريات الميدانية بوفاة أحد معاونيها وبأنه يتعذر على أسرته سحب جثته. فاتخذ قرار بأن تسعى الأونروا لسحب جثة موظفها لكي تتولى أسرته دفنه. ويقتضي ذلك إرسال قافلة عبر منطقة عزبة عبد ربه التي كان قد احتلها حينئذ جيش الدفاع الإسرائيلي. وبالتالي، يتعين تنسيق عملية استرداد الجثة مع جيش الدفاع الإسرائيلي، بواسطة إدارة التنسيق والاتصال التابعة له، لضمان سلامة الطريق وتوقيت إرسال هذه القافلة. وموظفة الأونروا للوجستيات والمشتريات الميدانية هي التي تتولى عادةً شؤون التنسيق مع جيش الدفاع الإسرائيلي لدخول الشاحنات إلى غزة. وبينما يُعنى موظف آخر في الأمم المتحدة عادة بتنسيق تنقلات موظفي الأمم المتحدة فإن نظراءه، الذين يتعامل معهم في إدارة التنسيق والاتصال هم الأشخاص أنفسهم الذين تتعامل معهم هذه الموظفة عادة. وبناء عليه، اتصلت موظفة اللوجستيات والمشتريات الميدانية بأحد نظرائها الذين اعتادت التعامل معهم في إدارة التنسيق والاتصال وزودته بالتفاصيل اللازمة، وأعطيت ”إشارة الانطلاق“ في تاريخ وتوقيت محددين. وقد أعطت إدارة التنسيق والاتصال التعليمات بعدم سلوك طريق معين.
41 - وتبين للمجلس أن القافلة غادرت مكتب الأونروا الميداني في غزة بعد ظهر يوم 8 كانون الثاني/يناير 2009. وتـألفت من ثلاث مركبات - سيارة في المقدمة تقل موظفين في الأمم المتحدة وتحمل علمها، وسيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة، وسيارة أخرى تقل أيضاً موظفين في الأمم المتحدة. وتجنبت القافلة الطريق الذي ذكرته إدارة التنسيق والاتصال. وأبلغت موظفة الأونروا للوجستيات والمشتريات الميدانية التي كانت داخل السيارة التي تقدمت القافلة المجلس بأن سبعة أو ثمانية أعيرة نارية من أسلحة صغيرة أُطلقت صوب هذه السيارة. وتبين للمجلس أن السيارة أصيبت بثلاثة أعيرة نارية، إنما بدون أن يصاب أحد بأذى. فتوقفت السيارة الأمامية وتوقف إطلاق النار. وفي أعقاب محاولة فاشلة للاتصال بإدارة التنسيق والاتصال، تقرر أن تعود القافلة أدراجها إلى مجمع مكتب الأونروا الميداني، وهذا ما جرى، بدون وقوع أي حادث آخر.
42 - وأشار المجلس إلى أن الأونروا أعلنت في 9 كانون الثاني/يناير 2009، نتيجة لهذا الحادث وللحوادث السابقة الأخرى، تعليق جميع تنقلات موظفيها بشكل موقت في جميع أنحاء قطاع غزة لأن آليات التنسيق بين الأونروا والسلطات الإسرائيلية فقدت فعاليتها. وذكر المجلس أن تعليق هذه التنقلات أثر سلبا في العمليات الإنسانية التي تضطلع بها الأونروا. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، وخلال اجتماع رفيع المستوى، تلقت الأمم المتحدة ضمانات موثوقة بأن أمن موظفي الأمم المتحدة ومنشآتها وعملياتها الإنسانية سوف تحترم بالكامل، وأنه ستُتخذ تعهدات بأنه سيصار إلى تحسين الاتصال وفعالية التنسيق الداخلي داخل جيش الدفاع الإسرائيلي. ولاحقاً، سمحت الأمم المتحدة لموظفيها باستئناف تنقلاتهم.
43 - وخلص المجلس إلى أن النيران مصدرها جيش الدفاع الإسرائيلي وأن الغاية منها التحذير. وتبين له أن موظفة الأونروا للوجستيات والمشتريات الميدانية التي تولت تنسيق مهمة القافلة لم ترتكب أي خطأ في إجراءات التنسيق أو في الاتصالات التي أجرتها مع إدارة التنسيق والاتصال. كما تبين له أن إطلاق النار حصل جراء انعدام التواصل داخل جيش الدفاع الإسرائيلي، وتحديداً بين إدارة التنسيق والاتصال والقوات المنتشرة ميدانياً.
44 - وخلص المجلس إلى أن ممتلكات المنظمة وأصولها لم تُمنح الحصانة من أي شكل من أشكال التدخل. وأشار إلى أنه لا يجوز تغليب الاعتبارات العسكرية على حرمة المنظمة وحصانتها. وتبين له أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل بالتالي المسؤولية عما أسفرت عنه أعمالها من أضرار بممتلكات الأمم المتحدة وأصولها.
45 - وتبين للمجلس أيضاً أن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يبذل الجهود الكافية أو يتخذ الاحتياطات الوافية بحيث تضطلع الحكومة الإسرائيلية بمسؤولياتها المتمثلة في حماية موظفي الأمم المتحدة وسائر المدنيين الذين كانوا في عداد القافلة وصون ممتلكات الأمم المتحدة.
الحادث (و): وقوع إصابات في مجمع مكاتب الأونروا الميدانية في مدينة غزة وإلحاق أضرار به في 15 كانون الثاني/يناير 2009
46 - يضم مجمع مكاتب الأونروا الميدانية مقر الأونروا في غزة، بما في ذلك مكتب المفوض العام، فضلا عن المكتب الميداني لقطاع غزة. وهو محور جميع عمليات الأونروا في غزة ومركزها العصبي، إذ يحتوي على المكاتب الإدارية وخزانات الوقود ومستودعات الأغذية والأدوية والبطانيات وغيرها من المواد التموينية المخصصة للمساعدات الإنسانية. ويقع المجمع في منطقة سكنية. وذكر مجلس التحقيق أن الأمم المتحدة أبلغت جيش الدفاع الإسرائيلي مسبقا بإحداثيات المجمع حسب النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS) وأن المجمع يظهر على خارطة التنسيق المشترك التي أعدها جيش الدفاع الإسرائيلي.
47 - وبدأت مرحلة الحرب البرية من ”عملية الرصاص المسكوب“ في 3 كانون الثاني/يناير 2009. وشملت توغلات لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي في عمق مناطق من قطاع غزة. وبحلول عشية يوم 14 كانون الثاني/يناير، كانت هذه التوغلات قد وصلت إلى الضواحي الجنوبية لمدينة غزة. وأبلغ موظفو الأونروا المجلس بأن القصف كان يقترب أكثر فأكثر من المجمع أثناء ليلة 14 كانون الثاني/يناير وأن القذائف كانت تتساقط، بحلول صبيحة يوم 15 كانون الثاني/يناير 2009، في الجوار فتغطي المجمع بالغبار وقطع الإسمنت المسلح. وكان القلق الشديد يساور الإدارة العليا للأونروا وموظفيها، إذ كان في المجمع حوالي 000 170 لتر من الديزل في خزانات تحت الأرض. وكان هناك أيضا ثمانية صهاريج وقود مركونة فيه، ثلاثة منها مليئة بالوقود. ومع ازدياد القصف المدفعي، سمحت الأونروا بدخول حوالي 600 إلى 700 مدني إلى المجمع طلباً للحماية، وقام موظفو الأونروا بتفتيشهم جميعا ووضعهم في منطقة واحدة. وتعرضت الأبنية المجاورة للمجمع إلى قصف مدفعي، وتعرض المجمع حوالي الساعة 45/7 لأولى الإصابات المباشرة، بما فيه مركز التدريب وموقف السيارات. فاندلعت الحرائق وأخذت سحب الدخان تتصاعد في أرجاء المجمع، بما فيه موقف السيارات والمستودع. وأجرى موظفو الأمم المتحدة الدوليون مرة تلو الأخرى اتصالات مع نظرائهم في جيش الدفاع الإسرائيلي ومع نظرائهم الإسرائيليين، طالبين وقف إطلاق النيران على المجمع والمنطقة المجاورة. واستجابة لذلك قدم جيش الدفاع الإسرائيلي تطمينات، لكن تبين للمجلس أن هذه التطمينات لم تحدث أي تغيير ولم تصاحبها إجراءات على الأرض لفترة تجاوزت الساعتين.
48 - وفي الساعة 45/9، تنبّه موظفان في الأونروا إلى وجود قطع إسفينية الشكل مخضبة بالفوسفور الأبيض تحترق تحت صهريج وقود وتنتشر على الأرض حول المستودع ومنطقة خزانات الوقود. ورغم تساقط قذائف المدفعية، خرجا إلى المجمع وحاولا إطفاء النار المشتعلة تحت صهريج الوقود. إلا أنهما لم يتمكنا من ذلك، بيد أنهما نجحا في تحريك الشظايا المحترقة من تحته. ورغم القلق البالغ الذي انتاب موظفي الأونروا بشأن صهاريج الوقود، رأوا أنه يتعين تأجيل محاولة نقل الصهاريج إلى مكان أكثر أمنا، إلى ما بعد توقف القصف. وبين الساعة 00/12 والساعة 30/12، تمكن الموظفون من إخراج الصهاريج وبعض المركبات الأخرى من المجمع. ومع ذلك فقد انتشرت النيران في أرجاء المجمع كافة خلال فترة بعد الظهر. ونظرا لأن خزانات المياه التابعة للأونروا الموجودة على سطح المجمع كانت قد دُمَِرت بفعل القصف الذي وقع في وقت مبكر من اليوم ذاته، لم تكن المياه متوافرة. وأبلغ الموظفون المجلس بأنه عندما التهمت النيران ورشة إصلاح المركبات بما فيها من مواد سريعة الاشتعال، كان من المستحيل منع انتشار النيران إلى منطقة المستودع الذي يحوي الأدوية والأغذية والمخزونات العامة والبطانيات.
49 - ذكر المجلس أن التقارير الصحفية أفادت، في يوم الحادث، بأن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية ادعوا بأن عناصر فلسطينية أطلقت النار من مجمع الأونروا، بما في ذلك قذائف مضادة للدبابات، وأن جيش الدفاع الإسرائيلي رد على مصدر النيران. وشدد المجلس على أن موظفي الأونروا ذكروا أنهم لم يسمعوا أصوات إطلاق نار من داخل المجمع أو من المنطقة المجاورة له مباشرة صبيحة يوم 15 كانون الثاني/يناير 2009 وأنهم لم يروا أو يسمعوا أي شيء قد يوحي بوجود مقاتلين داخل المجمع. وتابع المجلس مؤكدا أنه لم يكن هناك أي دليل قط على أي نشاط عسكري ضد جيش الدفاع الإسرائيلي من داخل المجمع.
50 - وتبين للمجلس أن نيران المدفعية التي أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي أدت إلى انفجار ثلاث قذائف مدفعية شديدة الانفجار، عيار 155 ملم من طراز M107 HE، داخل مجمع مكاتب الأونروا الميدانية. وتبين له أيضا أن نيران المدفعية ذاتها أدت إلى سقوط أغلفة ثماني قذائف على الأقل من مقذوفات دخانية عيار 155 ملم من طراز M825A1 تحتوي على الفوسفور الأبيض، إلى جانب سقوط عدد كبير من القطع الإسفينية المحترقة المخضبة بالفوسفور الأبيض، في داخل المجمع ولا سيما على منطقة المستودع[2].
51 - وتبين للمجلس أن نيران المدفعية هذه التي أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي أدت إلى إصابة موظف واحد في الأونروا وشخصين مجهولين لجآ إلى المجمع. وتبين له، على وجه الخصوص، أن هؤلاء الأشخاص الثلاثة أصيبوا بشظايا إحدى القذائف الشديدة الانفجار التي سقطت على المجمع.
52 - كما اتضح للمجلس أن أضرارا هائلة قد أُلحقت بالمباني والمركبات والإمدادات، سواء بسبب الأثر المباشر للقصف أم من الحريق الهائل الذي نجم عنه. والتهم الحريق بشكل كامل المستودعات والمباني التي تحتوي على الأغذية والأدوية وغيرها من السلع الضرورية المخصصة للمساعدات الإنسانية التي تقدمها الأونروا إلى سكان غزة. وأثر ذلك سلبا وإلى حد بعيد في العمليات الإنسانية التي تنفذها الأونروا في غزة.
53 - واتضح للمجلس أنه لولا تدخل موظفي الأونروا على الفور والشجاعة التي تحلوا بها لكان بالإمكان وقوع الكثير من القتلى والجرحى وحدوث المزيد من التدمير.
54 - وخلص المجلس إلى أن حرمة منشآت الأمم المتحدة انتهكت وأن ممتلكات المنظمة وأصولها لم تمنح الحصانة من أي شكل من أشكال التدخل. وأشار إلى أنه لا يجوز تغليب الاعتبارات العسكرية على حرمة المنظمة وحصانتها. واعتبر المجلس بالتالي أن الحكومة الإسرائيلية مسؤولة عما أسفرت عنه أعمالها في إصابات وأضرار هائلة ألحقت بممتلكات الأونروا وأصولها.
55 - وفضلا عن ذلك، تبين للمجلس أن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يبذل الجهود الكافية ولم يتخذ الاحتياطات الوافية للاضطلاع بمسؤولياته المتمثلة في حماية مدنيي الأمم المتحدة والأهداف المدنية في منشآت الأمم المتحدة. ورأى المجلس أن على جيش الدفاع الإسرائيلي مسؤولية جسيمة عن اتخاذ الاحتياطات الفعالة لكفالة سلامة منشآت الأونروا التي تنطلق منها الأعمال الإنسانية التي تضطلع بها الأمم المتحدة في غزة، فضلا عن سلامة موظفي الأمم المتحدة والمدنيين الذين لجأوا إليها.
56 - وتبين للمجلس أن الواضح أن أية احتياطات اتخذها جيش الدفاع الإسرائيلي لم تف بالغرض، نظرا لإطلاق قذائف شديدة الانفجار على المجمع وإطلاق مقذوفات تحتوي على قطع إسفينية الشكل مخضبة بالفوسفور الأبيض فوق المجمع، مما عرّض منشآت الأمم المتحدة وموظفيها إلى تأثير أغلفة القذائف المصنوعة من معدن ثقيل وإلى الأثر الحارق للقطع الإسفينية المشتعلة، وهذا أمر عرض حياة من كانوا في المجمع للخطر، وكاد يتسبب في إضرام النار في الخزانات الموجودة تحت الأرض وفي ثلاثة صهاريج وقود كانت مركونة في المجمع. وخلص إلى أن إطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي قذائف مدفعية شديدة الانفجار ومقذوفات تحتوي على الفوسفور الأبيض على مقر الأونروا أو فوقه أو على مسافة قريبة منه إلى هذا الحد لدرجة التسبب بإصابة أشخاص وإلحاق أضرار فادحة في الممتلكات كان، نظراً إلى جميع الظروف، عملا يتسم بالإهمال الشديد ويصل إلى حد اللامبالاة.
الحادث (ز): وقوع قتلى وجرحى في مدرسة الأونروا الابتدائية في بيت لاهيا وإلحاق أضرار بها في 17 كانون الثاني/يناير 2009
57 - مدرسة الأونروا الابتدائية في بيت لاهيا هي مبنى مكون من ثلاثة طوابق ومشيد حول ملعب مركزي. ويقع هذا المبنى داخل مجمع محاط بجدار يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار تقريبا، ومزود ببوابة معدنية من الارتفاع نفسه. وأشار المجلس إلى أن إحداثيات المدرسة في النظام العالمي لتحديد المواقع قد أُحيلت إلى جيش الدفاع الإسرائيلي، وأن المدرسة تظهر على خارطة التنسيق المشترك التي أعدها مكتب تنسيق أنشطة الحكومة في الأراضي. كما أشار المجلس إلى أن المدرسة قد أُدرجت في قائمة تضم أسماء 91 ملجأ موقتا كانت قد أُحيلت إلى جيش الدفاع الإسرائيلي قبل ”عملية الرصاص المسكوب“.
58 - وفي 5 كانون الثاني/يناير 2009، فتحت الأونروا أبواب المدرسة لاستخدامها كملجأ وأعلمت جيش الدفاع الإسرائيلي بهذا الأمر. وتمركز حراس في الملجأ على مدار الساعة، بمن فيهم حارس واحد على الأقل عند البوابة. وأشار المجلس إلى أن الحارس المتمركز عند البوابة كان يقوم بتفتيش جميع الأشخاص الذين يدخلون المدرسة للتأكد من عدم جلبهم لأي سلاح.كما أشار المجلس إلى أن الأشخاص الذين دخلوا المدرسة كانوا مسجلين، وأنه حسب سجلات الأونروا، بات هناك، بحلول 16 كانون الثاني/يناير، 891 1شخصا لاجئا في المدرسة، منهم 265 طفلا دون الثالثة من العمر.
59 - وتبين للمجلس أن قذيفتين قد انفجرتا فوق المدرسة حوالي الساعة 40/6 من يوم 17 كانون الثاني/يناير، فتناثرت العشرات من القطع الإسفينية الشكل المشبعة الحارقة بالفوسفور الأبيض في الهواء فوق المجمع، ثم تساقطت على المدرسة ذاتها. وضرب غلاف إحدى القذيفتين حائط مجمع المدرسة، في حين سقط الآخر على مسافة تبعد نحو 20 مترا من المدرسة. وأمر مدير الملجأ الأشخاص بإخلاء المدرسة واللجوء إلى مستشفى كمال رضوان أو إلى المنازل المجاورة.
60 - واتضح للمجلس، بعد مرور بضع دقائق، أن غلاف قذيفة قد ارتطم بسطح مبنى المدرسة وضرب آخر الحافة الخارجية للممر المكشوف الذي يربط بين غرف الدراسة والطابق العلوي. كما اتضح له أن شظايا أحد غلافي القذيفتين، وقطعاً من حطام المبنى قد دخلت إحدى هذه الغرف، التي كان لا يزال أشخاص كثيرون يتخذونها ملاذا لهم، فقُتل طفلان صغيران في سن الخامسة والسابعة وأُصيبت والدتهما وأحد أولاد عمهما بجروح بالغة.
61 - وتبين للمجلس أنه بعد مرور نحو خمس دقائق على ذلك، انفجرت قذيفة أخرى فوق المدرسة، تلتها بعد فترة دقيقتين إلى ثلاث دقائق قذيفة أخرى تسببت كلتاهما بتناثر عشرات الشظايا الحارقة التي سقطت على مجمع المدرسة وعلى الأشخاص الفارين من غرف الدراسة. وقد أشعلت بعض الشظايا الفوسفورية البيضاء الحارقة النار في إحدى هذه الغرف. وأُخمدت النيران قبل أن تنتشر. وواصلت الشظايا الفوسفورية البيضاء احتراقها لبضع دقائق على أرض مجمع المدرسة مطلقة دخانا أبيض سيقرر الأطباء فيما بعد ما إن كان السبب في بعض الإصابات التي وقعت في صفوف الضحايا. وحاول بعض الموظفين في المدرسة إخماد النيران بالمياه، فأسفر ذلك عن انبعاث أدخنة ضارة يمكن أن تلحق بالصحة أضرارا طويلة الأجل. وعمد أوائل القادمين من المختصين في مكافحة النيران إلى صب الرمل على الفوسفور الأبيض.
62 - وتبين للمجلس أن طفلين قد قُتلا في هذه الحادثة وأُصيب ما مجموعه 13 شخصا، وكانت إصابة بعضهم خطيرة للغاية والبعض الآخر أقل خطورة. كما أُصيب مبنى المدرسة بأضرار.
63 - واتضح للمجلس أن سبب الوفيات والإصابات والأضرار هو بلا شك ما قام به جيش الدفاع الإسرائيلي من أعمال قصف بالمدفعية، ولا سيما إطلاقه لقذائف دخانية من طراز M825A1 وعيار 155 ملم تحوي قطعا إسفينية الشكل مشبعة بالفوسفور الأبيض. وكان أثر الشظايا المتناثرة من غلاف هذه القذائف هي السبب في وفاة الشخصين ووقوع بعض الإصابات. أما الإصابات الأخرى، فقد وقعت من جراء ملامسة شظايا حارقة أو شظايا قذيفة حارقة؛ بينما وقعت إصابات أخرى نتيجة استنشاق أدخنة الفوسفور الأبيض المحترق. وقد أُلحق الضرر بالمبنى نتيجة لارتطام غلاف القذائف به. وأدى احتراق الشرائح البيضاء المشبعة بالفوسفور التي سقطت داخل مجمع المدرسة إلى إشعال الحريق في إحدى غرف الدراسة وإلى إلحاق أضرار بأخرى.
64 - وذكر المجلس أنه ليس بوسعه تقديم أي استنتاج بشأن ما إذا كانت وحدات من حماس موجودة في حي بيت لاهيا صباح يوم 17 كانون الثاني/يناير 2009، أو ما إذا كان جيش الدفاع الإسرائيلي قد تعرض للنيران أو ما إذا كان ذلك يستلزم إقامة ستارة من الدخان أو اتخاذ أية تدابير أخرى مضادة. وتبين له، في ظل ما حدث، أن إنشاء أي منطقة عازلة حول المدرسة لحمايتها من قذائف من طراز M825A1 لم يكن بطبيعة الحال مسألة فعالة. كما تبين له أن أي احتياطات كانت تُتخذ لضمان احتراق القطع الإسفينية المشبعة بالفوسفور الأبيض الموجودة داخل هذه القذائف قبل أن تصل الأرض كانت هي أيضاً وبلا شك احتياطات غير وافية.
65 - وخلص المجلس إلى أن حرمة مباني الأمم المتحدة قد انتُهكت، وأن ممتلكات الأمم المتحدة وأصولها لم تُمنح الحصانة من أي شكل من أشكال التدخل. وأشار إلى أنه لا يجوز تغليب الاعتبارات العسكرية على حرمة المنظمة وحصانتها. وتبين للمجلس أن الحكومة الإسرائيلية هي المسؤولة بالتالي عما أسفرت عنه أعمالها من وفيات وإصابات لحقت بأفراد أسر لاجئة في المدرسة ومن أضرار لحقت بمباني الأونروا وممتلكاتها.
66 - وعلاوة على ذلك، تبين للمجلس أن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يبذل الجهود الكافية ولم يتخذ الاحتياطات الوافية لحماية موظفي الأمم المتحدة والمدنيين اللاجئين داخل مباني الأمم المتحدة ولحماية مباني الأمم المتحدة وممتلكاتها.
67 - واستعرض المجلس العواقب المحتمل أن تنشأ عن اللجوء إلى ذخائر من النوع الذي استُخدم. وذكر أنه لا بد أن هذه الاحتمالات والمخاطر كانت أصلا حاضرة في أذهان جيش الدفاع الإسرائيلي بعد الحادث الذي وقع في مكتب الأونروا الميداني في غزة قبل يومين فقط. واستنتج المجلس أنه أيا كانت الاحتياطات التي اتخذها جيش الدفاع الإسرائيلي في هذه الحالة، لم تكن بدون شك كافية لاحتواء عواقب استخدام مواد في غاية الخطورة في منطقة حضرية مأهولة بالسكان. وتبين له أن مباني الأمم المتحدة التي كانت تُستخدم عندئذ ملجأ للأسر، بما فيها الأطفال الصغار، كانت عرضة للآثار القاتلة التي تخلفها أغلفة القذائف المصنوعة من معدن ثقيل واحتراق قطع إسفينية مشبعة بالفوسفور الأبيض. واستنتج المجلس أن إطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي، في ظل جميع الظروف السائدة، لقذائف تحوي الفوسفور الأبيض على منطقة قريبة إلى هذا الحد من المدرسة بحيث يودي بحياة طفلين صغيرين ويصيب آخرين بجروح خطيرة، ويحلق أضرارا بالممتلكات، كان إهمالاً كبيراً وقد بلغ حد عدم اللامبالاة بحياة اللاجئين في المدرسة وبسلامتهم.
الحادث (ح): إلحاق أضرار بمكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط في مجمع غزة في 29 كانون الأول/ديسمبر 2008
68 - يقع مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط في وسط مدينة غزة. وهذا المكتب هو المقر الذي يستخدمه المنسق الخاص في غزة لتنفيذ ولايته المتمثلة في تنسيق الشؤون السياسية والإنسانية. وكانت المكاتب التابعة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في غزة تتشارك المجمع ذاته وقت الحادث. ويوجد في آخر الجزء الجنوبي للمجمع ملجأ، هو في الأساس كناية عن مكتب جاهز الصنع مصفح، دُعم كل من جدرانه وسقفه بالإسمنت المسلح والفولاذ، وهو غير مزود بمراحيض وغير مجهز لأن يكون مكانا مناسبا للعيش فيه. وقد كُتب على أسطح مباني المجمع حرفا ”UN“ بخط أسود عريض جدا على خلفية بيضاء. ولما وقع الحادث، كان في موقف سيارات المجمع 10 مركبات خاصة بمكتب المنسق الخاص لعملية السلام وبمكتب منسق الشؤون الإنسانية، وكلها مطلية باللون الأبيض وكُتبت عليها حرفا ”UN“ بوضوح.
69 - ويحد دار الضيافة الرئاسية مجمع اليونسكو من أقصى الناحية الشرقية بأكملها. ويفصل بين هذين المجمعين سياج مشبك. وتبعد المباني الحالية لدار الضيافة الرئاسية مسافة 30 مترا تقريبا عن السياج.
70 - وأشار المجلس إلى أن إحداثيات المجمع في النظام العالمي لتحديد المواقع قد أُحيلت في السابق إلى جيش الدفاع الإسرائيلي عن طريق عمليات تحديث منتظمة للمعلومات، وإلى أن المجمع يظهر على خارطة التنسيق المشترك التي أعدها مكتب تنسيق أنشطة الحكومة في الأراضي.
71 - وتبين للمجلس أن أحد موظفي شؤون السياسات في مكتب المنسق الخاص لعملية السلام، الذي يعمل بصفته موظفا مسؤولا عن مكتب غزة، وثلاثة من حراس المكتب كانوا موجودين في المجمع وقت وقوع الحادث. وبقي الحراس في الملجأ بناء على تعليمات الموظف المسؤول، في حين كان الموظف المسؤول موجودا في المبنى الرئيسي. وقد أنهى الحراس جولة قاموا بها للمجمع نحو الساعة 25/1 من صباح يوم 29 كانون الأول/ديسمبر. وحدث انفجار كبير في الساعة 35/1 تقريبا من صباح اليوم ذاته، أي بعد مرور أقل من دقيقة على عودة أحد الحراس إلى الملجأ. وخلال فترة تراوحت بين 5 و 10 دقائق تلت الانفجار، سمع موظفو المكتب الأربعة انفجارا ثانيا ازداد دويه عن الأول، كما سمعوا تساقط الحطام على أسطح المباني والمركبات المركونة في الموقف.
72 - واتضح للمجلس أن سبب هذا الحادث هو بلا شك القصف الجوي الذي استهدف به جيش الدفاع الإسرائيلي مبنى دار الضيافة الرئاسية المجاور. كما اتضح له أن المجمع لم يتعرض لضربات مباشرة، إنما تبين له أن الهجوم على المبنى المجاور قد تسبب في تطاير كميات كبيرة من الشظايا أو من حطام الإسمنت المسلح باتجاه المجمع، مما أسفر عن إلحاق أضرار مادية جسيمة بالمباني وبمركبات الأمم المتحدة المركونة في المجمع، وكان سيعرّض لخطر الموت أو الإصابة أي موظف في الأمم المتحدة ربما كان يؤدي واجبه داخل المبنى. وذكر المجلس أنه كان لبعد نظر الموظف المسؤول والحراس الثلاثة أنفسهم ولوجود ملجأ محصن الدور الأساسي في ضمان عدم وقوع أية وفيات أو إصابات.
73 - ونظر المجلس فيما إذا كانت حماس قد استخدمت دار الضيافة الرئاسية كمركز قيادة ومراقبة أو كمستودع للذخائر. وذكر أنه لم يكن في مقدوره التوصل إلى أي استنتاج في هذا الصدد رغم إشارته إلى عدم وجود أي سبب يدفع موظفي مكتب المنسق الخاص لعملية السلام للاعتقاد أنه كان في مقدوره القيام بذلك.
74 - واعتبر المجلس أن التحذيرات العامة التي أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي للمدنيين بالابتعاد عن مرافق تستخدمها حماس لم تكن بمثابة تحذير للأمم المتحدة باحتمال استهداف دار الضيافة الرئاسية وبإمكانية تعرض مبنى المكتب المذكور لأضرار جانبية. وفي الواقع، لقد ذكر المجلس أن التحذيرات العامة شملت تعليمات طُلب فيها من السكان الانتقال إلى مناطق في وسط المدينة، وهي تشمل بالتالي منطقة مباني المكتب، ما جعل موظفيه يعتبرون أن مبانيه ستكون آمنة. واعتبر المجلس أنه كان بإمكان جيش الدفاع الإسرائيلي أن يوجه تحذيرا محددا للمكتب بأنه على وشك شن هجوم. وقال إن قيام الجيش بذلك كان سيقلل من احتمالات حدوث وفيات أو إصابات في صفوف موظفي الأمم المتحدة، بل وربما أتاح المجال للحد من بعض الأضرار أو تجنبها، ولا سيما تلك التي تعرضت لها المركبات. واعتقد المجلس أن احتمال أن يقوّض هذا التحذير هدف عملية جيش الدفاع الإسرائيلي لم يكن كبيرا.
75 - وخلص المجلس إلى أن حرمة مباني الأمم المتحدة قد انتُهكت، وإلى أن ممتلكات الأمم المتحدة وأصولها لم تُمنح الحصانة من أي شكل من أشكال التدخل. وأشار إلى أنه لا يجوز تغليب الاعتبارات العسكرية على حرمة المنظمة وحصانتها. وتبين للمجلس أن الحكومة الإسرائيلية هي المسؤولة بالتالي عما أسفرت عنه أعمالها من أضرار كبيرة بمباني الأمم المتحدة وممتلكاتها، بما فيها المركبات.
76 - وعلاوة على ذلك، تبين للمجلس أن جيش الدفاع الإسرائيلي لم يبذل الجهود الكافية ولم يتخذ الاحتياطات الوافية بحيث تضطلع الحكومة الإسرائيلية بمسؤولياتها المتمثلة في حماية موظفي الأمم المتحدة الموجودين داخل مبنى مكتب المنسق الخاص لعملية السلام وفي حماية مباني الأمم المتحدة وممتلكاتها.
الحادث (ط): إلحاق أضرار بالمستودع التابع لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة كارني في الفترة من 27 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى 19 كانون الثاني/يناير 2009
77 - تقع المخازن في منطقة كارني الصناعية على مسافة نحو 200 متر من حاجزٍ عند الطرف الشرقي لقطاع غزة، وتخضع لحراسة جيش الدفاع الإسرائيلي. وقد بُنيت هذه المخازن لتوفير مخازن موقتة بالقرب من معبر كارني، وهو محطة الشحن الوحيدة المخصصة لمرور الحاويات الكبيرة إلى قطاع غزة.
78 - وعندما أغلقت السلطات الإسرائيلية المعبر أمام حركة المرور العادية في عام 2007، قامت عدة هيئات تابعة للأمم المتحدة، بما فيها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وبرنامج الأغذية العالمي، باستئجار مخازن في مرفق كارني لتخزين المواد الغذائية والبضائع الأخرى، قبل توزيعها داخل قطاع غزة. وعند وقوع الحــادث، كان المستودع التابــع لبرنامــج الأغذيــة العالمي يحتــوي علـــى 400 طن متري من السلــع الغذائيــة الأساسية مثل الزيــت والتونــة والسكر والذرة ودقيق القمح، من بين سلع أخرى.
79 - ولاحــظ المجلس أن الحالــة الأمنيـــة، منــذ بدايـــة ”عمليـة الرصـاص المسكــوب“ في 27 كانون الأول/ديسمبر 2008، جعلت من وصول موظفي برنامج الأغذية العالمي الوصول إلى المخزن أمرا مستحيلا، وبالتالي، لم يكن أي من موظفي الأمم المتحدة موجوداً في المستودع منذ ذلك التاريخ. وقد تعذّر الوصول إلى المخزونات الغذائية في المستودع منذ بداية العملية وحتى 5 شباط/فبراير.
80 - وأبلغ برنامج الأغذية العالمي المجلس بأن موظفيه تمكنوا من العودة إلى المستودع للمرة الأولى في 22 كانون الثاني/يناير. ووجدوا أن المستودع قد تضرر من جراء نيران الأسلحة الصغيرة وما رجّحوا أنه صاروخ أو قذيفة هاون، خلّفت شظايا على أرض المستودع. وأشاروا إلى وقوع الأضرار التالية: فتحة كبيرة في السقف؛ وفيضان جزئي بسبب الأمطار؛ ووقوع أضرار في الجدران والنوافذ، تسببت بها على الأرجح نيران أسلحة صغيرة أو صاروخ أو قذيفة هاون؛ ووقوع أضرار في العديد من النوافذ؛ وفي نظام الصرف؛ وفي شبكة توزيع الكهرباء (لم تكن إمدادات الكهرباء تصل إلى المستودع في ذلك الوقت)؛ وفي السلع الغذائية المخزنة في المستودع. وفي اليوم التالي، قام برنامج الأغذية العالمي، مدفوعاً بقلقه من احتمال وجود ذخائر غير منفجرة في المكان، بإعلان المستودع مكاناً محظوراً على موظفيه.
81 - ونظراً لعدم وجود أي موظف في المستودع أثناء النـزاع أو أي شاهد في ما يشكل إلى حــد كبيــر منطقة صناعيــة، لــم يتمكن المجلس من تحديــد الوقت الذي أصيب فيه المستودع بالقذيفة.
82 - وبعد تفتيش الموقع، خلص المجلس إلى أن بعض الفتحات في الجدران قد يكون ناجما عــن نيــران أسلحــة صغيــرة، ولكن كان مــن المستحيل إثبــات وقــت إطــلاق هــذه النيران أو مصدرها. وتبين للمجلس أن معظم الأضرار التي لحقت بالمستودع التابع لبرنامج الأغذية العالمي في كارني ومحتوياته تسبب بها صاروخ يدوي الصنع من طراز القسّام أُطلق على الأرجح من داخل قطاع غزة من جانب حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية، وانفجر في المستودع في وقت ما خلال عملية الرصاص المسكوب.
83 - وتبيّن للمجلــس أن حرمــة منشــآت الأمــم المتحــدة وأن ممتلكات المنظمــة وأصولها لم تُمنح الحصانة من أي شكل من أشكال التدخل. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز تغليب الاعتبــارات العسكريــة على حرمــة المنظمة وحصانتها. وخلص المجلس إلــى أن حركة حماس أو جهة فلسطينية أخرى هي بالتالي المسؤولة، بسب ما ارتكبته من أفعال، عن الأضرار التي لحقت بالمستودع التابع لبرنامج الأغذية العالمي في كارني وبالبضائع المخزّنة داخله.
84 - وأضاف المجلس أنه يعتبر أنه كان على الجهة العسكرية التي أطلقت الصاروخ، سواء كانت حماس أو أحد الفصائل الفلسطينية الأخرى، أن تفي بمسؤولية احترام قواعد القانون الإنساني الدولي ومبادئه أثناء تنفيذ العملية العسكرية التي ألحقت أضرارا بالمستودع التابع لبرنامج الأغذية العالمي في كارني. وفي هذا الصدد، أشار المجلس إلى أن الصواريخ اليدوية الصنع التي تستخدمها حماس، مثل الصواريخ التي عُثر على بقاياها في المستودع، هي أسلحة عشوائية. كما تبيّن لــه أن استخدام هــذه الصواريخ، عندما تُطلق مــن غــزة، ينم عن رغبة أو نية في التسبب بخسائر في أرواح المدنيين، وإصابات في صفوف المدنيين وإلحاق أضرار بأهداف مدنية في إسرائيل، كما أشار إلى أنها تنطوي أيضا على مخاطر كبيرة بالتسبب بصورة عرضية بخسائر في أرواح المدنيين وبإصابات في صفوف المدنيين وبأضرار في الممتلكات المدنية في غزة نفسها.
الاستنتاجات والتوصيات
85 - أشار المجلس إلى أنه كان يتعين عليه، بموجب اختصاصاته، جمع جميع الوثائق الموجودة المتصلة بالحوادث التسعة المحددة واستعراضها، وإلى أن تقريره، شأنه شأن تقارير مجالس التحقيق الأخرى، ينبغي أن يتضمن النتائج التي يتوصل إليها بشأن وقائع تلك الحوادث وأسبابها ومسؤولية أي أفراد أو كيانات عنها، وتوصياته بشأن أي إجراءات يعتبر أن على الأمــم المتحدة اتخاذهــا، بمـا فــي ذلك أي إجــراءات أو تدابير ينبغي اتخاذها لتفادي تكرار هذه الحوادث.
86 - ويرد أعلاه موجز لما توصل إليه المجلس من نتائج بشأن وقائع كل حادث وسببه والمسؤولية عنه.
87 - وكما يتضح من هذه الموجزات، خلص المجلس، في ستة حوادث من أصل الحوادث التسعة، إلى أن ما حدث من وفيات وإصابات وأضرار ناجم عن الأعمال العسكرية التي نفذها جيش الدفاع الإسرائيلي مستخدماً فيها الذخائر التي يتم إطلاقها أو إسقاطها من الجو أو إطلاقها من الأرض، وبالتالي:
• في حالة مدرسة أسماء التابعة للأونروا، تبيّن للمجلس أن السبب هو، مما لا شك فيه، إلقاء جيش الدفاع الإسرائيلي قذيفة من الجو. وتبيّن له أن هذا الأمر أسفر عن وفاة ثلاثة شبان من أسر كانت قد لجأت إلى المدرسة، كما ألحق أضراراً بمبنى المدرسة.
• فــي حالــة المدرســة التابعة للأونـــروا فــي جباليــا، تبيّن للمجلــس أن السبب هو، مما لا شك فيه، قذائف هاون ثقيلة أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي. وتبيّن له أن قذائف الهاون هذه سقطت خارج المدرسة، مما أدى إلى إصابة سبعة أفراد من أسر كانت قد لجأت إلى المدرسة، وإلحاق أضرار بمبنى المدرسة. وتبين للمجلس أيضاً أن هذه القذائف تسببت أيضا بمقتل وإصابة العديد من الأشخاص في المناطق المجاورة مباشرة للمدرســة، مــن بينهم نســـاء وأطفــال، كان أحدهــم طفلاً يبلغ من العمر 14 عاما من أسرة كانت قد لجأت إلى المدرسة.
• في حالة مركـــز البريــج الصحـــي التابع للأونروا، تبيّن للمجلس أن السبب هو، مما لا شك فيه، قنبلة جوية أسقطها جيش الدفاع الإسرائيلي على مبنى قبالة المركز. وتبيّن له أن الانفجار أسفر عن وفاة مريض واحد وعن إصابة مريضين آخرين كانا موجودين في المركز بجروح خطيرة، كما تبين له أن الانفجار تسبب أيضا بإصابة تسعة من موظفي الأونروا، وفي إلحاق أضرار بمبنى الأونروا وبمركبة تابعة لها.
• في حالة مجمع مكاتب الأونروا الميدانية، تبيّن للمجلس أن السبب هو، مما لا شك فيه، إطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي لنيران المدفعية. وتبين له أن إطلاق هذه النيران المدفعية تسبب بانفجار ثلاث قذائف شديدة الانفجار داخل المجمع، وفي وقوع ثمانية أغلفة قذائف على الأقل من المقذوفات التي تحتوي على الفوسفور الأبيض، بالإضافة إلى عدد كبير من الشظايا الحارقة المشبعة بالفوسفور الأبيض، داخل المجمع. وتبيّن له أن إطلاق هذه القذائف تسبب بإصابة أحد موظفي الأونروا وشخصين كانا قد لجآ إلى المجمع بجروح. وتبين له أيضاً أنها تسببت بأضرار جسيمة بالمباني والمركبات واللوازم، سواء بسبب أثرها المباشر أو بسبب الحريق الناجم عنها. ونتيجة لذلك تضررت عمليات الأونروا الإنسانية في قطاع غزة. وذكر المجلس أنه، لولا تدخل موظفين في الأونروا على الفور والشجاعة التي تحليا بها، لكان وقع الكثير من القتلى والجرحــى، ولكان مقــر الأونــروا ومركز العمليــات فــي غـــزة قــد تعرّضا للمزيد من التدمير.
• في حالة مدرسة الأونروا في بيت لاهيا، تبيّن للمجلس أن السبب هو، مما لا شك فيه، إطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي لنيران المدفعية. وتبين له أن إطلاق نيران المدفعية تسبب بسقوط اثنين من أغلفة القذائف في المدرسة، مما أسفر عن مقتل طفلين وعن إصابات خطيرة للغاية وإصابات أقل خطورة في صفوف الأسر التي كانت قد لجأت إلى المجمع. وتبيّن له أن إطلاق النار أسفر أيضاً عن سقوط عدد كبير من الشظايا الحارقة المشبعة بالفوسفور الأبيض في مجمع المدرسة، مما أشعل حريقاً في إحدى غرف الدراسة وتسبب بالمزيد من الأضرار في مبنى المدرسة.
• في حالة مجمع مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تبيّن للمجلس أن السبب هو، مما لا شك فيه، القصف الجوي من جانب جيش الدفاع الإسرائيلي على دار الضيافة الرئاسية المجاورة للمجمع. وتبين له أن هذا القصف ألحق أضراراً جسيمة بمباني الأمم المتحدة ومركباتها في المجمع، كما عرّض موظفــي الأمم المتحدة الذيــن كانــوا يعملــون فــي ذلك الوقت لخطر الموت أو الإصابة بجروح.
88 - وفي حادث آخر، خلص المجلس إلى أن الأضرار التي لحقت بمركبة تابعة للأمم المتحدة كانت بسبب إطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي النيران:
• ففي حالة قافلة الأونروا في منطقة عزبة عبد ربه، خلص المجلس إلى أن الحادث شمل إطلاقا للنيران مصدره نيران أسلحة خفيفة أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي، بقصد التحذير، نتيجة لانعدام التواصل في صفوفه. وتبين للمجلس أن إطلاق النار ألحق أضراراً بسيارة تابعة للأونروا كانت تقل موظفين دوليين ووطنيين من موظفي الأمم المتحدة. وتبيّن للمجلس أن الحادث ساهم في تعليق تنقلات موظفي الأونروا في غزة على نحو موقت، مما أثر سلبا في عملياتها الإنسانية.
89 - وفي أحد الحوادث، خلص المجلس إلى أن الأضرار التي لحقت بمبنى الأمم المتحدة تسبب بها أحد الفصائل الفلسطينية، على الأرجح حماس:
• ففي حالة المستودع التابع لبرنامج الأغذية العالمي في كارني، خلص المجلس إلى أن أجسم الأضرار التي لحقت بالمستودع نجمت عن سقوط صاروخ أطلقه أحد الفصائل الفلسطينية، هو على الأرجح حماس، كان من المقصود أن يسقط في إسرائيل، ولكنه انفجر قبل أن يصل إليها.
90 - وفي أحد الحوادث، لم يتمكن المجلس من التوصل إلى أي استنتاج بشأن السبب:
• ففي حالة المدرسة التابعة للأونروا في خان يونس، أعلن المجلس أنه لم يتمكن، نظراً لمحدودية المعلومات المتوافرة لديه، من التوصل إلى استنتاج بشأن مصدر الذخائر التي أدت إلى مقتل أحد موظفي الأونروا وإصابة آخر، وإلحاق أضرار بمبنى المدرسة.
91 - وأشار المجلس إلى أن لمباني الأمم المتحدة حرمتها. وأضاف أنه لا يجوز لأي دولة من الدول الأعضاء انتهاك تلك الحرمة بذريعة أن الظروف الخاصة للأعمال القتالية تبيح إخضاعها لأي شرط أو تغليب الاعتبارات العسكرية عليها. وأشار المجلس أيضا إلى أن ممتلكات الأمم المتحدة وأصولها تتمتع بالحصانة من أي شكل من أشكال التدخل، وأنه لا يجوز تغليب تلك الاعتبارات على هذه الحصانة.
92 - كما ذكر المجلس أنه ينبغي حماية موظفي الأمم المتحدة وجميع المدنيين داخل مباني الأمم المتحدة، والمدنيين في المنطقة المجاورة مباشرة لتلك الأماكن وغيرها، وفقا لقواعد ومبادئ القانون الإنساني الدولي.
93 - وفي ضوء هذه الخلفية، تبيّن للمجلس أن الحكومة الإسرائيلية مسؤولة عن الوفيات والإصابات التي وقعت داخل مباني الأمم المتحدة وعن الأضرار المادية التي لحقت بمباني الأمم المتحدة وممتلكاتها في الحوادث (ب) و (ج) و (د) و (هـ) و (و) و (ز) و (ح)، أي الحوادث التي وقعت في مدرسة أسماء التابعة للأونروا، والمدرسة التابعة للأونروا في جباليا، ومركز البريج الصحي التابع للأونروا، وقافلة للأونروا، ومجمع مكاتب الأونروا الميدانية في غزة، ومدرسة الأونروا في بيت لاهيا، ومجمع مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، في غزة.
94 - وتبيّن للمجلس أن الأونروا تكبدت، في هذه الحوادث السبعة، خسائر وأضراراً في الممتلكات يقدر مجموع تكاليف إصلاحها واستبدالها بما يزيد على 10.4 ملايين دولار، في حين أن مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تكبد خسائر وأضراراً في الممتلكات يقدر مجموع تكاليف إصلاحها واستبدالها بما يزيد على ثلاثة أرباع مليون دولار.
95 - وتبيّن للمجلس كذلك أن الفصائل الفلسطينية التي أطلقت الصاروخ المشار إليه، وهي على الأرجح حماس، مسؤولة عن الأضرار المادية التي لحقت بالمباني في الحادث (ط) الذي حصل في المستودع التابع لبرنامج الأغذية العالمي في كارني. وأشار المجلس إلى أنه، في وقت إعداد تقريره، لم يكن تقييم الخسائر والأضرار التي تسبب بها هذا الحادث قد اكتمل تماماً، ولكن تكاليف الإصلاح والاستبدال تقدر بحوالي 000 29 دولار.
96 - وذكر المجلس أنه لم يتمكن من التوصل إلى نتيجة بشأن المسؤولية عن الوفيات والإصابــات والأضرار الماديــة فــي الحادث (أ) الذي وقع فــي المدرســة التابعــة للأونروا في خان يونس.
97 - وذكر المجلس أنه ليس من صلاحياته تقييم عمليات الزعم أو النكران العامة ذات الصلة بمجرى النشاط العسكري خلال ”عملية الرصاص المسكوب“. وخلص المجلس، مع ذلك، إلى أنه لم يُنفذ أي نشاط عسكري من داخل مباني الأمم المتحدة في أي حادث من الحوادث. وأشار المجلس، في تقييماته لكل حادث، إلى أقوال الشهود وغيرها من المعلومات المقدمة إليه بشأن إمكانية حدوث نشاط عسكري بالقرب من مباني الأمم المتحدة واحتمال استخدام المباني المجاورة لأغراض عسكرية، لكنه ذكر أنه ليس من ضمن صلاحياته أو اختصاصه التوصل إلى استنتاجات بشأن هذه المسائل.
98 - وقدم المجلس في استنتاجاته عددا من الملاحظات بشأن الخطوات التي كان يمكن اتخاذها لتقليل المخاطر على المدنيين والمواقع المدنية إلى أقصى حد.
99 - وأشار المجلس إلى أنه، وفقا لبيانات وزارة الخارجية الإسرائيلية، تم إلقاء 000 980 منشور فوق غزة خلال الأيام التسعة الأولى من النـزاع، بالإضافة إلى بث البرامج الإذاعية، وإجراء آلاف المكالمات الهاتفية. وذكر المجلس أن توجيه تحذير مسبق فعلي بتنفيذ هجمات قد تطال السكان المدنيين، إلا إذا لم تسمح به الظروف، يسهم في أداء واجب حماية المدنيين من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية. غير أنه ذكر أن قدرة المدنيين في قطاع غزة على الاستجابة لهذه التحذيرات بالانتقال إلى أماكن آمنة محدودة للغاية. وذكرت التحذيرات أن جيش الدفاع الإسرائيلي ”سيقصف ويدمر أي مبنى أو موقع يحتوي على ذخائر وأسلحة“؛ ولكن المجلس ذكر أنه لا يُنتظر من المدنيين في كثير من الحالات أن يكونوا على علم بأن مباني بعينها تُستخدم في الواقع لتلك الأغراض، أو أن جيش الدفاع الإسرائيلي قد يظن أنها تستخدم لتلك الأغراض. وعلى الرغم من الإفادة بأنه كثيرا ما كان يوجه تحذير محدد للمدنيين القاطنين بالقرب من هدف عسكري، فقد ذكر المجلس أن تحذيرات من هذا القبيل لم توجه إلى الأمم المتحدة قبل استهداف أماكن تقع على مقربة من مباني الأمم المتحدة. واعتبر أنه كان يمكن القيام بذلك بل وكان ينبغي القيام به ولا سيما بالنسبة للحادثين (د) و (ح) أي ما أصاب مركز البريج الصحي ومجمع مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، في غزة.
100 - وذكر المجلس كذلك أن معظم التحذيرات إما لم تشر إلى الوقت الذي ستتعرض فيه منطقة معينة للهجوم أو لم تَذكُر أي موقع بعينه على الإطلاق، فاكتفت بالإشارة إلى نية ”التحرك ضد أي تحركات وعناصر تقوم بأنشطة إرهابية ضد سكان دولة إسرائيل“. كما ذكر المجلس أنه نظرا لمضمون التحذيرات العام غير المحدد، واتساع نطاق الاعتداءات على جميع المراكز السكانية، ومنع السكان المدنيين من مغادرة قطاع غزة، كان المدنيون يستجيبون باطراد للتحذيرات العامة ويحمون أنفسهم من الاعتداءات المستمرة بالبحث عن ملاذ داخل مباني الأونروا، مفترضين أن مباني الأمم المتحدة ستكون بمنأى عن الاعتداءات. وأعلن المجلس أن أعداد المدنيين الذين قصدوا ملاجئ الأونروا ارتفعت بشكل حاد بعد أن ألقى جيش الدفاع الإسرائيلي 000 600 منشور تحذيري في 3 و 5 كانون الثاني/يناير وبعد أن دعت برامج إذاعية بثها جيش الدفاع الإسرائيلي في 5 كانون الثاني/يناير المدنيين إلى التوجه إلى مراكز معينة في المدينة. واعتبر المجلس أن جيش الدفاع الإسرائيلي لا بد أنه كان يتوقع، بإصداره هذا العدد الكبير من التحذيرات، أن يستجيب الكثير من المدنيين بالبحث عن ملاذ بعيدا عن منازلهم، وكان من واجبه مراعاة تنقلات السكان المدنيين هذه أثناء قيامه بالعمليات العسكرية، وهو الذي يُفترض امتلاكه لقدرة هائلة على المراقبة الجوية. واعتبر المجلس أنه ينبغي النظر في هذا السياق إلى المسؤولية عن الحوادث التي وقعت في ملاجئ الطوارئ الموقتة التابعة للأونروا، وعلى وجه التحديد حالات مدارس أسماء وجباليا وبيت لاهيا التابعة للأونروا، ومجمع مكاتب الأونروا الميدانية.
101 - وفي ما يتعلق بهذه الحوادث الناجمة عن العمليات العسكرية التي نفذها جيش الدفاع الإسرائيلي، تبين للمجلس أنه لا يمكنه القبول بأنه تم بذل الجهود الكافية واتخاذ الاحتياطيات الوافية بحيث تضطلع الحكومة الإسرائيلية بمسؤولياتها المتمثلة في احترام حرمة مباني الأمم المتحدة وممتلكاتها وعدم التدخل فيها، أو تفي بمسؤولياتها المتمثلة في حماية المدنيين والممتلكات المدنية في مباني الأمم المتحدة. وخلص المجلس إلى أن أعمال جيش الدفاع الإسرائيلي تنطوي على درجات متفاوتة من الإهمال أو اللامبالاة إزاء مباني الأمم المتحدة وسلامة موظفيها وغيرهم من المدنيين داخل تلك المباني، مع ما نجم عنها من قتلى وجرحى وأضرار مادية جسيمة وخسائر في الممتلكات. وفي حالة مدرسة جباليا التابعة للأونروا، خلص المجلس إلى أن الاحتياطات التي قد يكون جيش الدفاع الإسرائيلي اتخذها لحماية مبنى الأمم المتحدة لم تكن كافية، في حين يتعين تحديد مسؤولية الطرفين بشأن العدد الكبير من المدنيين الذين قتلوا وأصيبوا خارج المدرسة، وذلك وفقا لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني، ويلزم إجراء المزيد من التحقيق في هذا الأمر.
مسؤوليات الأمم المتحدة والاتصال مع جيش الدفاع الإسرائيلي
102 - أشار المجلس إلى أنه ناقش بالتفصيل مع موظفي الأونروا وإدارة الأمم المتحدة لشؤون السلامة والأمن ترتيبات التنسيق والاتصالات بينها وبين جيش الدفاع الإسرائيلي. كما أنه درس الوثائق ذات الصلة. ولم يعثر على أي تقصير في الجهود التي بذلها موظفو الأمم المتحدة لإبلاغ جيش الدفاع الإسرائيلي بجميع المعلومات اللازمة لتمكينه من اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة وأمنهم. وبالنسبة لمدى مساهمة عدم معرفة قوات جيش الدفاع الإسرائيلي بموقع مباني الأمم المتحدة أو بحركة موظفي الأمم المتحدة في وقوع أي من هذه الحوادث، كما تبين للمجلس أن هذه هي الحال بالنسبة للحادث (هـ) على الأقل، ذكر المجلس أن انعدام التواصل داخل جيش الدفاع الإسرائيلي، وليس بين الأمم المتحدة وجيش الدفاع الإسرائيلي، هو السبب في ذلك. وتبين للمجلس أن أي إجراء اتخذه موظفو الأمم المتحدة أم لم يتخذوه ساهم بأي شكل من الأشكال في الحوادث الواقعة صمن اختصاصاته.
103 - وذكر المجلس أن المزيد من الحوادث التي طالت مباني الأمم المتحدة وقعت بعد أن احتجت الأمم المتحدة شفويا وخطيا على حوادث سابقة أعرب جيش الدفاع الإسرائيلي عن أسفه العميق لوقوعها، فقدم المزيد من الضمانات، وأقر بضرورة تحسين آليات تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، وقيل إنه قد جرى تعزيز الترتيبات. وفي هذا الصدد، أعلن المجلس أن الأونروا ردا منها على الحوادث التي كان تعرض فيها موظفوها وقوافلها ومنشآتها للاعتداء لغاية 8 كانون الثاني/يناير 2009، أوقفت في هذا التاريخ تنقلات موظفيها، إذ رأت أن المخاطر التي تتهددهم تتجاوز الحد اللازم توافره للعمل في جو من السلامة. وتابع المجلس فأشار إلى أن الأمم المتحدة تلقت، في اجتماع رفيع المستوى عقد في مقر وزارة الدفاع في 9 كانون الثاني/يناير، ضمانات بإيلاء الاحترام التام لأمن موظفي الأمم المتحدة ومنشآتها وعملياتها الإنسانية، لا سيما عبر تعهدات بتحسين الاتصال وفعالية التنسيق الداخلي داخل جيش الدفاع الإسرائيلي. وأعلن المجلس، على هذا الأساس، أنه سمح لموظفي الأمم المتحدة باستئناف تنقلاتهم. وذكر المجلس أنه شعر بالقلق الشديد من أنه مهما كانت التدابير التي قد تكون اتخذت عندئذ لتحسين فعالية التنسيق داخل جيش الدفاع الإسرائيلي، فإنها لم تمنع الحادث الذي وقع لاحقا في مجمع مكاتب الأونروا الميدانية في 15 كانون الثاني/يناير أو أن تضع بسرعة حدا لإطلاق نيران المدفعية التي تسببت بأضرار هائلة فيه، كما أنها لم تمنع الحادث الذي وقع في مدرسة الأونروا في بيت لاهيا في 17 كانون الثاني/يناير.
104 - وفي الواقع، ذكر المجلس، أن تصرفا تجاوز نداء الواجب قام به اثنان من موظفي الأونروا في مجمع مكاتب الأونروا الميدانية حال على الأرجح دون وقوع قتلى وجرحى وأضرار مادية جسيمة للغاية. فما لم يتدخلا، لأدت القطع الإسفينية الشكل المشبعة بالفوسفور الأبيض المحترقة والناجمة عن قذائف جيش الدفاع الإسرائيلي، التي أزاحها الموظفان من تحت أحد صهاريج الوقود، إلى اشتعال الوقود في الخزانات الموجودة فوق الأرض وتحت الأرض في المجمع. وقد قام هذان الموظفان بذلك معرضَين حياتهما للخطر، في وقت كانت أغلفة القذائف المصنوعة من معادن ثقيلة والقطع الإسفينية الشكل المشبعة بالفوسفور الأبيض لا تزال تتساقط على المجمع. ثم قدم موظفون آخرون لمساعدة موظفي الأونروا هذين في جهودهما الرامية لإنقاذ الممتلكات والحد من انتشار النار التي كانت مشتعلة في المستودع. وذكر المجلس أن هؤلاء الموظفين والكثير من موظفي الأونروا الآخرين كانوا، أثناء هذه الحوادث وسائر الحوادث التي حقق فيها المجلس، حيث تعرضوا لإصابات أو اهتموا بالقتلى والجرحى الآخرين، مثالا للموظفين المتفانين في عملهم في الأمم المتحدة في أوقات عصيبة من الناحية الشخصية وفي فترات من التوتر والخطر الشديدين.
105 - وأفاد المجلس بأنه بحث أيضا مع المسؤولين في الأونروا الجهود المبذولة لمنع دخول أي من المنخرطين في الأنشطة العسكرية أو الذين يرجح انخراطهم فيها، إلى مباني الأمم المتحدة أو إساءة استخدامهم لها. وشملت هذه الجهود توفير التعليمات والتدريب للموظفين لمنع هؤلاء الأشخاص والأسلحة من دخول مباني الأمم المتحدة. وتأكد المجلس بالدليل الملموس أن هذه الجهود بذلها بالفعل موظفو الأونروا في المدارس الثلاث التي كانت تستخدم كملجأ في الحوادث (ب) و (ج) و (ز)، أي مدارس أسماء وجباليا وبيت لاهيا التابعة للأونروا. وأشار المجلس إلى أن قائد فرقة غزة في جيش الدفاع الإسرائيلي أكد، في اجتماع مع مسؤولي الأونروا، أن الجيش الإسرائيلي لم يعثر على ذخائر في مدارس الأونروا، وأقر بأن الأونروا تتبع إجراءات لحماية مدارسها من أي إساءة استعمال، وتعهد بالعمل على إعلام الجنود بذلك.
106 - واعتبر المجلس أن المزاعم العامة التي أطلقتها إحدى الدول الأعضاء عن استخدام مباني الأمم المتحدة للنشاط العسكري ينبغي أن تقدم على أساس من اليقين، وذلك بسبب خطورة هذه المزاعم وتأثيرها في انطباعات الناس عن المنظمة وآثارها الخطيرة على سلامة وأمن موظفيها في منطقة العمليات العسكرية. وأقر المجلس بأن ملابسات الحوادث التي وقعت خلال العمليات العسكرية وجذبت اهتمام وسائط الإعلام قد لا تُعرف بكاملها بشكل فوري. غير أن المجلس ما زال يشعر بقلق بالغ إزاء البيانات الأولية التي أدلى بها جيش الدفاع الإسرائيلي والناطقون باسم الحكومة الإسرائيلية بشأن حالتين هما:
• الحادث (ج) حيث ذكر أن جيش الدفاع الإسرائيلي كان يرد على إطلاق عناصر من حماس لقذائف الهاون من داخل مدرسة جباليا التابعة للأونروا، وأن عناصر حماس كانوا مختبئين في المدرسة أو أنهم سيطروا عليها، وأن المدرسة كانت مفخخة بالمتفجرات.
• الحادث (و) حيث ذكر أن حركة حماس أطلقت النار من مجمع مكاتب الأونروا الميدانية قبل أن تصيبه مدفعية جيش الدفاع الإسرائيلي.
107 - وتبين للمجلس أن هذه المزاعم غير صحيحة، وأنها استمرت حتى بعد أن كان من المفترض معرفة أنها غير صحيحة، وأنه لم يتم التراجع عنها أو الإعراب عن الأسف بشأنها علانية على النحو اللازم. وأشار المجلس إلى أن زعم إطلاق النار من مدرسة جباليا التابعة للأونروا كان حتى وقت كتابة هذا التقرير، لا يزال منشورا على موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية.
المسائل التي تتطلب مزيدا من التحقيق
108 - ذكر المجلس أن اختصاصاته بشأن التحقيق في الحادث (ج) تقتضي منه النظر في الوفيات والإصابات التي وقعت في المناطق المجاورة مباشرة لمدرسة جباليا التابعة للأونروا، وفي الإصابات التي وقعت داخل المدرسة. وأشار إلى أن هذا الحادث استتبع أعلى الخسائر في الأرواح من أي حادث من الحوادث المشمولة باختصاصاته. وأشار المجلس إلى استنتاجاته بأن هذه الوفيات والإصابات نجمت عن قذائف هاون من العيار الثقيل أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي. وذكر المجلس أنه لم يتمكن، نظرا للقيود التي كان خاضعا لها، من التحقق على نحو كاف من عدد تلك الوفيات التي شملت نساء وأطفالا، ومن عدد الإصابات وطبيعتها، ومن الأحوال الشخصية لجميع القتلى والمصابين. ورأى المجلس أنه يلزم إجراء تحقيق أوسع نطاقا في هذه الوفيات والإصابات لتحديد مسؤوليات الطرفين وفقا لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه.
109 - وتابع المجلس فأشار إلى أنه أصبح، في سياق تحقيقاته، على علم بعدد من الحوادث التي تسببت بوفيات وإصابات لم تكن مشمولة باختصاصاته، واعتبر أن على الأمم المتحدة مسؤولية خاصة لضمان إجراء تحقيق واف فيها بسبب عمل الضحايا في المنظمة أو غير ذلك من العلاقات التي تربطهم بها. وأشار المجلس كذلك إلى أنه على علم أيضا بوجود الكثير من الحالات غير المشمولة باختصاصاته، التي أصيبت فيها ممتلكات الأمم المتحدة بأضرار مادية خلال فترة ”عملية الرصاص المسكوب“. وأشار إلى أن هذه الممتلكات تشمل وفقا للأونروا، 36 مدرسة من أصل الـ 120 مدرسة التابعة للأونروا (كانت تستخدم خمس منها ملاجئ طوارئ موقتة في ذلك الوقت)، و 7 مراكز صحية من أصل المراكز الـ 17 التابعة للأونروا ومركزي توزيع من أصل المراكز الـ 11 التابعة للأونروا.
التوصيات
110 - شملت اختصاصات المجلس تقديم توصيات بشأن أي إجراءات يعتبر الفريق أن على الأمم المتحدة اتخاذها، بما في ذلك أية إجراءات أو تدابير ينبغي اتخاذها لتفادي تكرار هذه الحوادث. وقدم المجلس التوصيات التالية:
في ما يتعلق بالتعويض والجبر
التوصية 1
أوصى المجلس بأن تسعى الأمم المتحدة للحصول على إقرار رسمي من الحكومة الإسرائيلية بعدم صحة البيانات العامة التي زعمت أن الفلسطينيين قد أطلقوا النار من داخل مدرسة جباليا التابعة للأونروا في 6 كانون الثاني/يناير ومن داخل مجمع مكاتب الأونروا الميدانية في 15 كانون الثاني/يناير وأنها تأسف لصدور تلك البيانات.
التوصية 2
أوصى المجلس بأن تتخذ الأمم المتحدة الإجراء المناسب لمحاسبة المسؤولين والتقدم بطلبات لتحصيل التعويضات أو استرداد جميع التكاليف والمبالغ التي دفعتها الأمم المتحدة، وذلك بشأن ما يلي:
• وفاة أو إصابة موظفي الأمم المتحدة أو أي طرف ثالث داخل مباني الأمم المتحدة؛
• إصلاح أو استبدال ممتلكات الأمم المتحدة أو ممتلكات موظفيها التي تضررت أو دمرت أو فقدت
وذلك في حالات الوفاة أو الإصابة بجروح أو تضرر الممتلكات أو دمارها أو فقدانها، التي تثبت فيها مسؤولية الحكومة الإسرائيلية أو حماس أو أي طرف آخر.
التوصية 3
أوصى المجلس بأن تشجع الأمم المتحدة على تقديم المساعدة إلى المدنيين من غير العاملين لدى الأمم المتحدة الذين قُتلوا أو أصيبوا بجروح داخل مباني الأمم المتحدة، وإلى المدنيين الآخرين الذين تعرضوا بأنفسهم للإصابة أو توفي أحد أفراد أسرهم. ويجب أن تشمل تلك المساعدة، في جملة أمور، توفير العلاج الطبي والأطراف الاصطناعية والدعم النفسي - الاجتماعي. ويجب إيلاء اهتمام خاص لاحتياجات الأطفال الذين تأذّوا نفسيا نتيجة للنزاع، واحتياجات مقدمي الرعاية للضحايا.
في ما يتعلق بالتنسيق في المستقبل
التوصية 4
أوصى المجلس بأن تطلب الأمم المتحدة من الحكومة الإسرائيلية تعزيز آلياتها الداخلية، ولا سيما آليات جيش الدفاع الإسرائيلي، بحيث تكفل عدم تعرض موظفي الأمم المتحدة وعملياتها ومبانيها للخطر في حال تنفيذ أي عملية عسكرية مستقبلية ضد غزة. وأوصى المجلس أيضاً بأن تطلب الأمم المتحدة من الحكومة الإسرائيلية تعيين جهة تنسيق رفيعة المستوى يمكن للأمم المتحدة أن تبلغها بأي مشاكل متعلقة بترتيبات التنسيق والتصاريح ترى أنه من الضروري معالجتها لكفالة أمن جميع موظفي الأمم المتحدة ومبانيها واستمرار عملياتها في غزة في جو آمن.
وأوصى المجلس بأن تطلب الأمم المتحدة من الحكومة الإسرائيلية تعزيز ترتيبات التنسيق من أجل تنقل موظفي الأمم المتحدة و/أو مركباتها بأمان داخل غزة خلال أي عمليات عسكرية مستقبلية، وأن تكفل، في إطار الإجراءات المعدلة، تقديم ردود خطية على طلبات الحصول على تصاريح.
التوصية 5
أوصى المجلس بأن تطلب الأمم المتحدة من الحكومة الإسرائيلية التعهد، في حال اعتزامها تنفيذ أي عملية عسكرية في المستقبل بالقرب من مباني الأمم المتحدة، بتحذير الأمم المتحدة مسبقاً، قبل وقت كاف لتمكينها من كفالة أمن موظفيها أو غيرهم من المدنيين المتواجدين داخل مبانيها وسلامتهم.
التوصية 6
أوصى المجلس بأن تطلب الأمم المتحدة من الحكومة الإسرائيلية التعهد، لدى اعتقادها بأن لديها معلومات تفيد باستخدام مباني الأمم المتحدة لأغراض عسكرية، بنقل تلك المعلومات بصورة فورية وسرية إلى الإدارة العليا للأونروا أو لأي كيان آخر تابع للأمم المتحدة معني بالأمر لتمكين المسؤولين فيهما من الاضطلاع بمسؤولية التحقيق في الأمر واتخاذ الإجراء المناسب.
إشادة
التوصية 7
أوصى المجلس بالإشادة إشادة خاصة بموظفي الأونروا جودي كلارك وسكوت آندرسون لما قاما به من عمل شجاع في 15 كانون الثاني/يناير 2009 من أجل تفادي اشتعال النار في الوقود المخزن في مجمع مكاتب الأونروا الميدانية أثناء العمل العسكري المتواصل الذي قام به جيش الدفاع الإسرائيلي وطال المجمع، وما قاما به، بمساعدة آخرين، للحد من الأضرار والخسائر التي لحقت بالمجمع معرضين حياتهما للخطر.
في ما يتعلق بالتحقيقات
التوصية 8
أشار المجلس، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الحين كان قد وعد الأمين العام بإطلاع الأمم المتحدة على التقرير المتعلق بالتحقيق في الحوادث التي تعرضت لها مباني الأمم المتحدة، وأوصى بضرورة متابعة الأمم المتحدة طلبها الحصول على التقرير.
وأوصى المجلس بأن تطلب الأمم المتحدة من الحكومة الإسرائيلية التعهد بإجراء تحقيقات فورية في أي حوادث تقع في المستقبل أثناء تنفيذ عملياتها، تتسبب بوفاة أو إصابة موظفين في الأمم المتحدة أو بأضرار بمباني الأمم المتحدة، أو تحدث في أثناء عمليات الأمم المتحدة، تنجم في ما يبدو عن عمل عسكري قام به جيش الدفاع الإسرائيلي وأن يتاح التقرير المتعلق بهذه التحقيقات للأمين العام ولأي مجلس تحقيق أو هيئة تحقيق قد ينشئها الأمين العام في الوقت المناسب؛ وأن تُمنح هذه الهيئة فرصة مقابلة أفراد جيش الدفاع الإسرائيلي الذين يضطلعون بمسؤوليات تنسيقية أو عملياتية أو تحقيقية.
التوصية 9
أوصى المجلس بأن تنظر الأمم المتحدة، ليتسنى إجراء تحقيقات فورية وفعالة، في وضع ترتيبات احتياطية لإيفاد محققين متمرسين بسرعة إلى أي موقع تتواجد فيه الأمم المتحدة ولا يتوفر فيه خبراء من هذا النوع، بمن فيهم خبراء في الشؤون العسكرية وفي مجالي الذخائر والتحقيق الجنائي ومجالات الخبرة الأخرى ذات الصلة، يمكنهم إجراء تحقيقات أولية وتقييم الأدلة وتسجيلها وحفظها قبل قيام مجلس التحقيق أو أي هيئة تحقيق أخرى بزيارات إلى المواقع المعنية.
التوصية 10
أوصى المجلس بأنه يحرص الأمين العام، بالتشاور مع المفوض العام للأونروا، على التحقيق بسرعة في الحوادث الأخرى التي استتبعت وفاة أو إصابة موظفين في الأونروا، أثناء أو خارج أوقات عملهم، و/أو أضرارا مادية بمباني الأونروا، التي لم تشملها اختصاصات مجلس التحقيق.
التوصية 11
أشار المجلس إلى أن عمله كان مقتصراً على التحقيق في الحوادث التسعة المحددة في إطار اختصاصاته. وأشار أيضاً إلى أنه لم يكن من ضمن نطاق عمله أو الصلاحيات المخول بها التوصل إلى استنتاجات بشأن جميع جوانب تلك الحوادث المتعلقة بتحديد مسؤولية الطرفين عنها وفقاً لقواعد ومبادئ القانون الإنساني الدولي. وفي هذا الصدد، ذكر المجلس تحديداً أنه لم يتمكن من التحقيق بصورة كاملة في جميع ملابسات الحوادث التي استتبعت الوفاة والإصابة ووقعت في المنطقة المجاورة مباشرة لمدرسة جباليا التابعة للأونروا وتسببت بالعدد الأكبر من الخسائر في الأرواح من أي حادث من الحوادث المشمولة باختصاصاته. وأشار أيضاً إلى الحادث الذي أدى إلى وفاة تسعة متدربين من مركز تدريب غزة التابع للأونروا ووقع في 27 كانون الأول/ديسمبر 2008 في الجهة المقابلة مباشرة لمجمع الأونروا في مدينة غزة. وتابع المجلس فاعتبر أن حالات الوفاة والإصابة والأضرار التي نتجت عن إطلاق مقذوفات دخانية تحتوي على الفوسفور الأبيض على مناطق حضرية مأهولة في غزة، بما في ذلك الحادث الذي وقع في مجمع مكاتب الأونروا الميدانية وحادث مدرسة الأونروا في بيت لاهيا، تقتضي مزيدا من الدراسة استنادا إلى قواعد القانون الإنساني الدولي ومبادئه. وأشار المجلس، بصورة عامة، إلى أنه يدرك تماماً أن هذه أمثلة على حوادث من ضمن حوادث عديدة وقعت خلال عملية الرصاص المسكوب وقع فيها ضحايا مدنيون. وذكر أنه يتعين إجراء تحقيقات شاملة في الحالات التي قُتل فيها مدنيون وزُعم فيها أن القانون الإنساني الدولي قد انتُهك، كما يتعين تقديم إيضاحات كاملة ومحاسبة المسؤولين عند الاقتضاء.
وأوصى بناء على ذلك بإجراء تحقيق في هذه الحوادث يصدر به تكليف، ويكون مزوداً بالموارد الكافية، يستقصى الإدعاءات المتمثلة في انتهاك جيش الدفاع الإسرائيلي وحماس والمقاتلين الفلسطينيين الآخرين للقانون الإنساني الدولي في غزة وجنوب إسرائيل.
[1] ترأس يان مارتن الفريق الذي ضم في عضويته لاري د. جونسون وسينها باسناياك والمقدم باتريك إيخنبرغر ونينا لحود كأمينة له.
[2] قدم المجلس النتائج الفنية التالية بشأن هذه المقذوفات: إن الغرض من هذه المقذوقات هو استخدامها لإحداث ستار من الدخان لحجب الرؤية بين القوات التي تستخدمها وقوات العدو. ويتألف كل مقذوف من الهيكل الرئيسي (غلاف القذيفة)، وعلبة على شكل وعاء أسطواني تحتوي على 116 قطعة إسفينية الشكل مخضبة/مشبعة بالفوسفور الأبيض. وهذا المقذوف مصمم بحيث تنفصل قاعدة العلبة على ارتفاع يتراوح عادة بين 100 متر و 400 متر عن سطح الأرض. وهذا ما يؤدي إلى إطلاق هذه القطع الإسفينية التي تشتعل بتماسها مع الهواء، مما يؤدي إلى انبعاث الدخان. وتسقط هذه القطع المحترقة على الأرض في غضون ثلاث إلى عشر ثوان بشكل إهليلجي لتنتشر على مسافة تتراوح بين 100 متر و 150 متر تقريبا. ويبلغ سمك كل قطعة من هذه القطع الإسفينية اللبّادية 190 ملم وتظل مشتعلة لمدة تتراوح بين خمس وعشر دقائق بعد وصولها إلى الأرض. ويبلغ الوزن الإجمالي للفوسفور الأبيض في القطع الإسفينية الموجودة في كل مقذوف 5.78 كلغ. ويسقط على الأرض كلٌّ من غلاف القذيفة وقاعدة المقذوف والدعامات المعدنية والأجزاء الأخرى. ويبلغ الوزن الإجمالي لكل مقذوف حوالي 46 كلغ.
وتابع المجلس فذكر أن لجنة الصليب الأحمر الدولية تشير إلى أنه ”إذا استُخدمت الأسلحة التي تحتوي على هذه المادة (أي الفوسفور الأبيض) ضد أهداف عسكرية في مناطق سكنية أو بالقرب منها، يجب أن تُستخدم بحذر شديد لمنع وقوع إصابات بين المدنيين“. ويحترق الفوسفور الأبيض عند درجة حرارة تزيد على 800 درجة مئوية (حوالي 500 1 درجة فهرنهايت)، ويستمر هذا الاحتراق إلى حين نضوب الفوسفور الأبيض بشكل كامل أو حين لا يعود معرضا للأوكسجين. وأشار المجلس إلى أن صحة الإنسان يمكن أن تتأثر سلبا في عدة طرق هي: الإصابات الناجمة عن الحروق، واستنشاق الدخان المنبعث من الفوسفور الأبيض المشتعل، والتعرض لجزئيات الفوسفور الأبيض عن طريق الفم في البيئة أو استمرار وجودها في الجو. وذكر المجلس أن الوفاة أو الإصابات الخطيرة يمكن أن تحدث أيضا بسبب أغلفة القذائف المتساقطة، التي تزن ما يصل إلى 15 كلغ، وغيرها من المكونات المعدنية أو من شظايا المقذوف؛ وأن هذه المقذوفات، لئن كانت غير مصممة للاستخدام كأسلحة حارقة، يمكن أن تسبب بالتأكيد حروقا خطيرة.