المجلس الوطني الفلسطيني
الدورة التاسعة عشر
البيان السياسي
الجزائر 12-15/ تشرين ثاني / 1988
على أرض الجزائر البطلة وفي ضيافة شعبها ورئيسها الشاذلي بن جديد، عقد المجلس الوطني الفلسطيني دورته التاسعة عشرة غير العادية.. دورة الانتفاضة والاستقلال الوطني ودورة الشهيد البطل أبو جهاد في الفترة من 12-15/11/1988.
ولقد توجت هذه الدورة بإعلان قيام الدولة الفلسطينية على أرضنا الفلسطينية باعتبار ذلك التتويج الطبيعي لنضال شعبي جسور وعنيد، تواصل أكثر من سبعين عاماً وتعهد بالتضحيات الجسام التي قدمها شعبنا في أرض الوطن وعلى حدوده.. وفي كل مخيمات ومناطق الشتات.
كما تميزت الدورة بتخصيصها للانتفاضة الوطنية الفلسطينية الكبرى باعتبارها من أبرز الأحداث الكفاحية في تاريخ ثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة بجانب الصمود الملحمي لأهلنا في مخيماتهم داخل وخارج أرضنا المحتلة.
لقد توضحت منذ الأيام الأولى للانتفاضة وخلال الاثنتي عشر شهراً التي تواصلت فيها حتى الآن السمات الأساسية لانتفاضة شعبنا الكبرى، فهي ثورة شعبية شاملة جسدت إجماع الوطن بنسائه ورجاله، بشيوخه وأطفاله، بمخيماته وقراه ومدنه على رفض الاحتلال، وعلى النضال لدحره وإنهائه.
ولقد تجلت في هذه الانتفاضة العظيمة الوحدة الوطنية الراسخة لشعبنا، والتفافه الشامل حول منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، كل شعبنا في أماكن تجمعه كافة، داخل الوطن وخارجه. وتجسد ذلك في انخراط الجماهير الفلسطينية بكل مؤسساتها الوطنية النقابية والمهنية والطلابية والعمالية والفلاحية والنسائية والتجار والملاك والحرفيين والأكاديميين في الانتفاضة، وعبر القيادة الموحدة للانتفاضة، ومن خلال اللجان الشعبية، التي تشكلت في كل أحياء المدن وفي القرى والمخيمات.
إن هذا الآتون الثوري لشعبنا وانتفاضته المباركة، مع التراكم الثوري المتواصل والخلاق لثورتنا، في جميع مواقع الثورة ومساحتها داخل وخارج الوطن، قد أسقط رهانات وأوهام أعداء شعبنا في أن يجعلوا من احتلال الأرض الفلسطينية أمراً واقعاً ودائماً، وأن يدفعوا بالقضية الفلسطينية، إلى متاهات النسيان والاندثار، فإذا بالأجيال التي تربت على أهداف ومبادئ الثورة الفلسطينية وعاشت كل معاركها منذ انطلاقتها عام 1965 حتى الآن. مرورا بصمودها البطولي أمام الغزو الصهيوني عام 1982، وصمود مخيمات الثورة في لبنان لحصار الجوع والموت، فإذا بهذه الأجيال. أبناء الثورة، أبناء منظمة التحرير الفلسطينية، تؤكد حيوية هذه الثورة واستمراريتها وتفجير الأرض تحت أقدام المحتلين، مبرهنة على أن المخزون النضالي لشعبنا لا ينضب وإيمانه العميق متأصل وعميق.
ويؤكد بهذا التناغم الثوري بين أطفال (الآر بي جي) وأطفال الحجارة المقدسة داخل وخارج أرضنا المحتلة.
ولقد صمد شعبنا أمام جميع محاولات سلطات العدو بوقف ثورتنا الشعبية، رغم كل ما استخدمته هذه السلطات من إرهاب وقمع وقتل وسجن وإبعاد، واستباحة المقدسات الإسلامية والمسيحية، وانتهاك حرية أماكن العبادة، وسلب الأراضي، وتدمير البيوت، وارتكاب جرائم القتل المتعمد، وإطلاق المستوطنين المسلحين ضد قرانا ومخيماتنا، وإحراق المزروعات، وقطع المياه والكهرباء، وضرب النساء والأطفال، واستخدام الغازات المحرقة التي تسببت في وفاة وإجهاض الآلاف، وممارسة سياسة التجهيل عن طريق إغلاق المدارس والجامعات.
ودفع شعبنا ثمناً لهذا الصمود البطولي مئات الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والمعتقلين والمبعدين.. وكانت عبقرية شعبنا حاضرة دوماً في كل اللحظات الجريحة، لابتداع الأساليب والوسائل النضالية التي تعزز من صموده ومقاومته، وتمكنه من مواجهة جرائم العدو وإجراءاته ومن ثم مواصلة نضاله البطولي العنيد.
ولقد أثبت شعبنا بصموده وتواصل ثورته، وتصاعد انتفاضته، تصميمه على مواصلة النضال مهما بلغت التضحيات، لا حدود له. متسلحاً بتراث نضالي عظيم، وإرادة ثورية لا تلين، ووحدة وطنية راسخة، تعززت أكثر فأكثر من خلال الانتفاضة وحولها، داخل الوطن وخارجه، والتفاف شامل حول قيادته الوطنية، منظمة التحرير الفلسطينية، وتمسك شعبنا بأهدافه لدحر وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق حقوقه الوطنية الثابتة، في العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
واستند شعبنا في كل ذلك إلى مساندة جماهير أمتنا العربية، وقواها ووقوفها إلى جانبه ومساندتها له، وهو ما تجلى في الدعم الشعبي العربي الواسع الذي تلقته الانتفاضة، وفي الإجماع العربي الرسمي الذي تجسد في القمة العربية بالجزائر وقراراتها، مما يؤكد أن شعبنا ليس وحيداً في مواجهة الهجمة الفاشية العنصرية، ومما يقطع الطريق على إمكانية الاستفراد به من قبل المعتدين الإسرائيليين بعيداً عن دعم أمته العربية ومساندتها لجهاده.
وإلى جانب هذا التضامن العربي حظيت ثورة شعبنا وانتفاضته المباركة بتضامن عالمي واسع، تجلى في تزايد التفهم لقضية الشعب الفلسطيني، وتصاعد الدعم والتأييد بين شعوب ودول العالم لنضالنا العادل، وبالمقابل إدانة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، مما أسهم في فضح إسرائيل، وتزايد عزلتها وعزلة من يؤيدها ويدعمها.
وكانت قرارات مجلس الأمن 605 و 607 و608، وقرارات الجمعية العامة لتثبيت الحق الفلسطيني ضد إبعاد الفلسطينيين من أرضهم، وضد القمع والإرهاب الإسرائيلي المنصبة ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مظهراً قوياً من مظاهر تأييد الرأي العام العالمي وتزايده بما في ذلك الرسمي منه لدعم شعبنا وممثله منظمة التحرير الفلسطينية، وضد الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الفاشية العنصرية.
كما كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 21 ل/43 / أ. بتاريخ 4/11/1988، الذي صدر عن الجلسة التي خصصت للانتفاضة، دليلاً آخر على وقوف شعوب العالم ودوله بأغلبيتها الساحقة ضد الاحتلال، ومع النضال العادل للشعب الفلسطيني، وحقه الثابت في التحرر والاستقلال. ومن خلال جرائم الاحتلال وممارساته الوحشية ظهرت إسرائيل على حقيقتها، دولة فاشية عنصرية استيطانية، تقوم على اغتصاب الأرض الفلسطينية، وإبادة الشعب الفلسطيني، بل وتهدد وتقوم بالعدوان والتوسع في الأراضي العربية المجاورة.
ونؤكد من خلال ذلك أن الاحتلال لا يستطيع مواصلة جني ثمار احتلاله على حساب حقوق الشعب الفلسطيني دون أن يدفع ثمن ذلك.. إن كان على الأرض أو على ساحة الرأي العام العالمي.
فبالإضافة إلى القوى الديمقراطية والتقدمية الإسرائيلية التي رفضت الاحتلال وأدانت الاحتلال وأدانت ممارساته وإجراءاته القمعية، فإن التجمعات اليهودية في العالم لم تعد قادرة على الاستمرار بالدفاع عن إسرائيل، أو السكوت على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وارتفعت أصوات عديدة من هذه التجمعات، تطالب بوقف هذه الجرائم، وتدعو إلى جلاء إسرائيل عن الأراضي المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير.
ومن خلال مجمل النتائج والتأثيرات التي أحدثتها ثورة شعبنا وانتفاضته المباركة في الساحات المحلية والعربية، والدولية تأكدت صحة وواقعية البرنامج الوطني لمنظمة التحرير.. برنامج دحر الاحتلال، وحق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة، وتأكد أيضاً أن نضال شعبنا هو العنصر الحاسم في ضمان انتزاع حقوقنا الوطنية من براثن الاحتلال، وأن سلطة الجماهير الشعبية ممثلة بلجانها هي التي تسيطر على الوضع، وفي مواجهة سلطة الاحتلال وأجهزته المنهارة.
وتأكد كذلك أن المجتمع الدولي أصبح مهيأ أكثر من أي وقت مضى للمساهمة في تحقيق تسوية سياسية لقضية الشرق الأوسط وأساسها القضية الفلسطينية.. وإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومن خلفها الإدارة الأمريكية لا تستطيع أن تستمر في سياسة عدم الاستجابة للإرادة الدولية، التي تجمع اليوم على ضرورة عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه الوطنية وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وممارسة استقلاله الوطني فوق أرضه.
وفي ضوء كل ذلك، وتعزيزاً لصمود شعبنا وانتفاضته المباركة، واستجابة لإرادة جماهيرنا في الوطن المحتل وخارجه، ووفاءً للشهداء والجرحى والمعتقلين؛ فإن المجلس الوطني الفلسطيني يقرر:
أولاً: في مجال تصعيد الانتفاضة واستمراريتها
أ- توفير كل الوسائل والإمكانيات لتصعيد انتفاضة شعبنا على مختلف الصعد وبمختلف السبل؛ من أجل ضمان استمرارها وتصاعدها.
ب- دعم المؤسسات والمنظمات الجماهيرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ج- تعزيز وتطوير اللجان الشعبية ومختلف الأطر الجماهيرية والنقابية؛ من أجل سيادة فعاليتها ودورها بما في ذلك المجموعات الضاربة والجيش الشعبي.
د- توطيد الوحدة الوطنية، التي تجلت وتأصلت خلال الانتفاضة.
هـ- تكثيف العمل على الساحة الدولية، من أجل إطلاق سراح المعتقلين، وعودة المبعدين ووقف عمليات القمع والإرهاب الرسمي المنظم ضد أطفالنا ونسائنا ورجالنا ومؤسساتنا.
و- دعوة الأمم المتحدة إلى وضع الأرض الفلسطينية المحتلة تحت إشراف دولي؛ لحماية جماهيرنا ولإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ز- دعوة الجماهير الفلسطينية خارج الوطن إلى تكثيف وزيادة دعمها وترسيخ العمل بالتكافل الأسرى.
ح- دعوة الأمة العربية بجماهيرها وقواها ومؤسساتها وحكوماتها، إلى زيادة دعمها السياسي والمادي والإعلامي للانتفاضة.
ط- دعوة الأحرار والشرفاء في العالم أجمع، للوقوف مع جماهيرنا وثورتنا وانتفاضتنا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ووسائل قمعه وإرهابه الفاشي العسكري الرسمي المنظم الذي تقوم به قوات جيش الاحتلال، والمسلحون والمستوطنون المتعصبون ضد جماهيرنا وجامعاتنا ومدارسنا ومؤسساتنا واقتصادنا الوطني وأماكننا المقدسة الإسلامية والمسيحية.
ثانياً: في المجال السياسي
وانطلاقاً من كل ما تقدم، فإن المجلس الوطني الفلسطيني من موقع المسؤولية تجاه شعبنا الفلسطيني وحقوقه الوطنية ورغبته في السلام، استناداً إلى إعلان الاستقلال الصادر يوم 15/11/1988،وتجاوباً مع الإرادة الإنسانية الساعية لتعزيز الانفراج الدولي، ونزع السلاح النووي، وتسوية النزاعات الإقليمية بالوسائل السلمية، يؤكد عزم منظمة التحرير الفلسطينية على الوصول إلى تسوية سياسية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي، وجوهره القضية الفلسطينية، في إطار ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ وأحكام الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، وآخرها قرارات مجلس الأمن الدولي 605/607/608 ،وقرارات القمم العربية بما يضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في العودة وتقرير المصير، وإقامة دولته الوطنية المستقلة على ترابه الوطني، ويضع ترتيبات الأمن والسلام لكل دول المنطقة.
وتحقيقاً لذلك يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على:
1- ضرورة انعقاد المؤتمر الدولي الفعال الخاص بقضية الشرق الأوسط، وجوهرها القضية الفلسطينية، تحت إشراف الأمم المتحدة، وبمشاركة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وجميع أطراف الصراع في المنطقة، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وعلى قدم المساواة، آخذين بالاعتبار أن المؤتمر الدولي ينعقد على قاعدة قراري مجلس الأمن رقم 242، 338، وضمان الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير عملاً بمبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة بشأن حق تقرير المصير للشعوب، وعدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة أو بالغزو العسكري، ووفق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية.
2- انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلالها منذ العام 1967 بما فيها القدس العربية.
3- إلغاء جميع إجراءات الإلحاق والضم، وإزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية والعربية منذ العام 1967.
4- السعي لوضع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس العربية، تحت إشراف الأمم المتحدة لفترة محدودة؛ لحماية شعبنا ولتوفير مناخ موات وتحقيق الأمن والسلام للجميع بقبول ورضى متبادلين، ولتمكين الدولة الفلسطينية من ممارسة سلطاتها الفعلية على هذه الأراضي.
5- حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بهذا الشأن.
6- ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية في الأماكن المقدسة في فلسطين لاتباع جميع الأديان.
7- يضع مجلس الأمن ويضمن ترتيبات الأمن والسلام، بين جميع الدول المعنية في المنطقة بما فيها الدولة الفلسطينية.
ويؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على قراراته السابقة بشأن العلاقة المميزة بين الشعبين الشقيقين الأردني والفلسطيني، وأن العلاقة المستقبلية بين دولتي الأردن وفلسطين ستقوم على أسس كونفدرالية وعلى أساس الاختيار الطوعي والحر للشعبين الشقيقين، تعزيزاً للروابط التاريخية والمصالح الحيوية المشتركة بينهما.
يجدد المجلس الوطني التزامه بقرارات الأمم المتحدة، التي تؤكد حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي والاستعمار والتمييز العنصري، وحقها في النضال من أجل استقلالها، ويعلن مجدداً رفضه للإرهاب بكل أنواعه بما في ذلك إرهاب الدولة، مؤكداً التزامه بقراراته السابقة بهذا الخصوص وقرار القمة العربية في الجزائر لعام 1988، وقراري الأمم المتحدة 159 / 42 لعام 1987، و 61 / 40 لعام 1985، وبما ورد في إعلان القاهرة الصادر بتاريخ 7/11/1985 بهذا الخصوص.
ثالثاً: في المجالين العربي والدولي:
يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني على أهمية وحدة لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات، والوقوف بحزم ضد محاولات تقسيم الأرض وتفتيت الشعب اللبناني الشقيق، كما يؤكد على أهمية الجهد العربي المشترك، للمساهمة في حل أزمة لبنان لتسهم في بلورة وتطبيق الحلول التي تحفظ وحدته. ويؤكد المجلس أيضاً على أهمية تكريس حق المواطنين الفلسطينيين في لبنان في ممارسة نشاطهم السياسي والإعلامي، والتمتع بالأمن والحماية، والعمل ضد كل أشكال التآمر والعدوان التي تستهدفهم، وحقهم في العمل والعيش، وضرورة توفير كل الشروط التي تضمن لهم الدفاع عن أنفسهم، وتحقيق الأمن والحماية لهم.
ويؤكد المجلس الوطني أيضاً على تضامنه مع القوى الوطنية الإسلامية اللبنانية، في نضالها ضد الاحتلال الإسرائيلي وعملائه في الجنوب اللبناني، ويعبر عن اعتزازه بالتضامن النضالي بين الشعبين اللبناني والفلسطيني في التصدي للعدوان، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الجنوب، ويؤكد على أهمية تعزيز هذه اللحمة بين جماهيرنا والجماهير اللبنانية المناضلة الشقيقة. وبهذه المناسبة يوجه المجلس تحية الإكبار للصامدين في مخيماتنا في لبنان وجنوبه، ضد العدوان وأمام المجازر والقتل والتجويع والتدمير، والغارات الجوية والقصف والحصار، التي تقوم بها القوات الإسرائيلية، والطيران الإسرائيلي، والبحرية الإسرائيلية، ضد المخيمات الفلسطينية والقرى اللبنانية، وتساعدهم في ذلك القوى العميلة في المنطقة. وكما يرفض مؤامرة التوطين لأن وطن فلسطين هو فلسطين. يؤكد المجلس على أهمية قرار وقف إطلاق النار بين العراق وإيران؛ لإحلال السلام الدائم بين البلدين في منطقة الخليج ويدعو إلى تعزيز الجهود المبذولة من أجل إنجاح مفاوضات السلام وإقامته على أسس مستقرة وثابتة.
مؤكداً بهذه المناسبة اعتزاز الشعب العربي الفلسطيني، والأمة العربية قاطبة، بصمود العراق الشقيق وانتصاراته، وهو يدافع عن البوابة الشرقية للأمة العربية. كما يعرب المجلس الوطني عن اعتزازه العميق بوقوف جماهير أمتنا العربية إلى جانب نضال شعبنا العربي الفلسطيني ودعمها لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتفاضة شعبنا في الوطن المحتل، ويؤكد على أهمية تعزيز العلاقات الكفاحية بين قوى وأحزاب ومنظمات حركة التحرر والتقدم والديمقراطية والوحدة، ويدعو المجلس إلى اتخاذ كل الترتيبات التي تعزز الوحدة النضالية بين جميع أطراف حركة التحرر الوطني العربية.
والمجلس الوطني الفلسطيني إذ يتوجه بالتحية والشكر إلى الدول العربية على دعمها لنضال شعبنا، يناشدها الوفاء بالالتزامات التي قررها في مؤتمر قمة الجزائر؛ لدعم نضال الشعب الفلسطيني وانتفاضته المباركة، والمجلس إذ يتوجه بهذا الرجاء يعبر عن ثقته الكبيرة بان قادة الأمة العربية سيظلون كما عهدناهم سنداً ودعماً لفلسطين وشعبها.
يجدد المجلس الوطني الفلسطيني حرص منظمة التحرير الفلسطينية على التضامن العربي، كإطار ينظم جهد الأمة العربية ودولها؛ لمواجهة العدوان الإسرائيلي والمساندة الأمريكية لهذا العدوان، ولتعزيز المكانة العربية والدور العربي المطلوب للتأثير في السياسات الدولية لصالح الحقوق والقضايا العربية.
يوجه المجلس الوطني الفلسطيني شكره العميق لكل الدول والقوى، والمنظمات العالمية التي تساند الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويؤكد حرصه على تعزيز أواصر الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفييتي الصديق، والصين الشعبية الصديقة، والدول الاشتراكية الأخرى، ودول عدم الانحياز، والدول الإسلامية، والدول الأفريقية، ودول أمريكا اللاتينية، والدول الصديقة الأخرى، ويلاحظ المجلس بارتياح مظاهر التطور الإيجابي في مواقف بعض دول أوروبا الغربية واليابان، باتجاه مزيد من التأييد لحقوق الشعب الفلسطيني ودعمه ويُحَيِِّي هذا التطور ويحث على تعزيز الجهود لتعميقه. يؤكد المجلس الوطني تضامن الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية الأخوي مع نضال شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية في سبيل تحررها وتعزيز استقلالها، ويدين كل محاولات التهديد الأمريكي لاستقلال بلدان أمريكا الوسطى والتدخل في شؤونها.
يعبر المجلس الوطني الفلسطيني عن تأييد ودعم منظمة التحرير الفلسطينية لحركات التحرر الوطني في جنوب أفريقيا وناميبيا بقيادة سوابو، ويقدم تحية خاصة للأخ المناضل نلسون مانديلا، ضد نظام بريتوريا العنصري، ويطالب بتمكين شعبي البلدين من نيل حريتهما واستقلالهما، ويعبر المجلس كذلك عن تأييده ودعمه لدول المواجهة الإفريقية، وإدانته لاعتداءات نظام جنوب أفريقيا العنصري عليها.
وفي الوقت الذي يرقب فيه المجلس بقلق بالغ تنامي قوى الفاشية والتطرف الإسرائيلي وتصاعد دعواتها العلنية إلى تطبيق سياسة الإبادة والطرد الفردي والجماعي لشعبنا من وطنه. ويدعو المجلس إلى تكثيف العمل والجهود في كل الساحات، لمواجهة هذا الخطر الفاشي. ويعبر المجلس في الوقت ذاته عن تقديره لدور وشجاعة قوى السلام الإسرائيلية في تصديها وفضحها لقوى الفاشية والعنصرية والعدوان، وفي دعمها لنضال شعبنا وانتفاضته الباسلة، وفي تأييدها لحق شعبنا، في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة. ويؤكد المجلس على قراراته السابقة بشأن تعزيز وتطوير العلاقة مع هذه القوى الديمقراطية.
كما يتوجه المجلس الوطني الفلسطيني إلى الشعب الأمريكي مناشداً أوساطه المختلفة العمل على وقف سياسة الإدارة الأمريكية، التي تتنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بما فيها حقه المقدس في تقرير المصير، ومناشداً كل قطاعات الشعب الأمريكي للعمل على إقرار سياسات تتطابق مع شرعية حقوق الإنسان، والمواثيق والقرارات الدولية، وتخدم الجهد المطلوب لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وتوفير الأمن للشعوب كافة بما فيها الشعب الفلسطيني. يكلف المجلس اللجة التنفيذية بإتمام إجراءات تشكيل لجنة تخليد ذكرى الشهيد الرمز أبو جهاد، على أن تبدأ أعمالها فوراً، وبعد انتهاء أعمال المجلس.
ويوجه المجلس تحية إلى لجنة الأمم المتحدة الخاصة بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابتة، وللمؤسسات والمنظمات الدولية غير الحكومية الشقيقة والصديقة، ولرجال الإعلام ووسائل الإعلام التي وقفت وتقف مع انتفاضة شعبنا ونضال شعبنا.
إن المجلس الوطني إذ يعبر عن ألمه الشديد لاستمرار اعتقال مئات المناضلين من أبناء شعبنا في عدد من الأقطار العربية، ويستنكر بشدة استمرار اعتقالهم، يدعو هذه الأقطار إلى وضع حد لهذه الأوضاع الشاذة، وإطلاق سراح هؤلاء المناضلين من أجل أن يأخذوا دورهم في الكفاح والنضال.
وفي الختام، يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني ثقته الكاملة بأن عدالة القضية الفلسطينية والمطالب التي يناضل الشعب الفلسطيني من أجلها، ستظل تحظى بالمزيد من تأييد الشرفاء والأحرار في العالم أجمع، كما يؤكد ثقته الكاملة بالنصر على الطريق إلى القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة.
إن قرار المجلس الوطني يسجل بكل الاعتزاز والشكر والعرفان للجزائر الشقيقة ولشعبها العظيم، ورئيسها المناضل الأخ الشاذلي بن جديد، وقفتهم الراسخة على الدوام إلى جانب الكفاح العادل الذي يخوضه الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، هذه الوقفة التي تستمد أصالتها من عمق التراث الكفاحي لثورة المليون ونصف المليون شهيد، من عمق الانتماء العربي والإسلامي الذي تجسده الجزائر. وإن المجلس الوطني، إذ يتوجه بالشكر للجزائر شعباً وحزباً وحكومة ورئيساً، لاحتضانها المجلس الوطني في دورة الانتفاضة التاريخية، وتقديمها كافة التسهيلات، التي أدت الى إنجاح أعماله، لهو على يقين بأن صدور القرارات التاريخية للمجلس الوطني من أرض الجزائر، أرض الثورة المنتصرة والالتزام العميق بنصرة فلسطين، سيكون له أعمق الأثر في نفوس شعبنا المناضل، شعب الانتفاضة وفي قلوب كافة الأحرار والشرفاء في عالمنا.
يؤكد المجلس الوطني الفلسطيني، تقديره العميق واعتزازه البالغ بتونس الشقيقة، شعباً وحكومة ورئيساً، وذلك، لاحتضانها الأخوي الحار لقضية الشعب الفلسطيني، ومنظمة التحرير الفلسطينية. ويوجه المجلس الوطني الفلسطيني، تحية إجلال وإكبار لسيادة الأخ/ الرئيس زين العابدين بن علي، لجهده الدائب والمخلص من أجل دعم قضية الشعب الفلسطيني، وحماية وجود ومنظمة التحرير على الأراضي التونسية، والدفاع عنها في جميع المجالات والساحات الدولية.
ويتوجه المجلس بعظيم الامتنان والعرفان إلى الشعب التونسي البطل، الذي تعامل دوماً مع قضية الشعب الفلسطيني وثورته وانتفاضته، على أساس أنها من صميم قضيته الوطنية والقومية.
قرار تشكيل الحكومة الموقتة لدولة فلسطين:
يقرر المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشرة غير العادية ما يلي:
1- تشكيل حكومة موقتة لدولة فلسطين في أقرب وقت ممكن، وطبقاً للظروف وتطور الأحداث.
2- يفوض المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتحديد موعد تشكيل الحكومة الموقتة، وتكلف اللجنة التنفيذية بتشكيلها، وتعرض على المجلس المركزي لنيل ثقته. ويعتمد المجلس المركزي النظام الموقت، للحكم إلى حين ممارسة الشعب الفلسطيني لسيادته الكاملة على الأرض الفلسطينية.
3- يتم تشكيل الحكومة الموقتة من القيادات والشخصيات والكفاءات الفلسطينية، من داخل الوطن المحتل وخارجه، وعلى أساس التعددية السياسية، وبما يجسد الوحدة الوطنية.
4- تحدد الحكومة الموقتة برنامجها على قاعدة وثيقة الاستقلال والبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقرارات المجالس الوطنية.
5- يكلف المجلس الوطني الفلسطيني اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بصلاحيات ومسؤوليات الحكومة الموقتة، لحين إعلان تشكيل الحكومة.
المصدر: أخذ النص من: