جدول الأحداث الكلي

جدول الأحداث الكلي

Highlight
XI- انتفاضة الأقصى ونهاية حقبة في السياسة الفلسطينية
2000–2006

خلال الفترة ما بين سنتي 2000- 2006، انهار عملياً مسار أوسلو. فقد توقّفت مفاوضات الوضع النهائي، واندلعت الانتفاضة الثانية، وأعقب ذلك مواجهات عنيفة، من ضمنها اجتياح إسرائيل الأراضي الفلسطينية الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية. واشترطت الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس جورج بوش الابن وقفَ العنف الذي حمّلت الفلسطينين مسؤوليته، حتى قبل أن تبذل أي جهد في سبيل التوصّل إلى تسوية سلمية، وفي الوقت نفسه دعمت الموقف الإسرائيلي بخصوص قضايا الوضع النهائي. ومن الأحداث المهمّة أيضاً في تلك الفترة وفاة الزعيم التاريخي ياسر عرفات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، وانتخاب محمود عباس خلفاً له في كانون الثاني/ يناير 2005، ثم انتصار حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في الانتخابات البرلمانية بعد ذلك بعام واحد. كل ذلك مثّل إشارة إلى نهاية حقبة في السياسة الفلسطينية دامت 35 عاماً، وإلى إعادة رسم عملية أوسلو لصالح ترسّخ الأحادية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

بعد مرور شهرين على انهيار قمة السلام الأمريكية- الإسرائيلية- الفلسطينية في كامب ديفيد، قام أحد زعماء حزب الليكود السياسي الإسرائيلي أريئيل شارون بزيارة استفزازية إلى الحرم القدسي الشريف في 28 أيلول/ سبتمبر 2000. وما زاد من طابع الزيارة المهين الدور الذي كان شارون قد لعبه في حرب لبنان سنة 1982 وفي مجزرة صبرا وشاتيلا، إضافة لقدومه مصحوباً بمئات من رجال الأمن الإسرائيليين. فأطلقت الزيارة شرارة مظاهرات شعبية ومواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية، وقطاع غزة، وفي البلدات الفلسطينية داخل إسرائيل. ورداً على ذلك، ضربت قوات الأمن الإسرائيلية بيدٍ من حديد، فقتلت خلال أسبوع 70 فلسطينياً، في حين بلغ عدد القتلى الإسرائيليين 4.

على الرغم من أن استفزاز شارون أشعل الفتيل الأول للانتفاضة الفلسطينية (المعروفة باسم انتفاضة الأقصى)، إلاّ أن هناك عوامل أخرى قد ساهمت في اندلاعها واستمرارها، منها: فشل مفاوضات الوضع النهائي؛ عدم وفاء إسرائيل بالتزامات المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو، بما فيها الالتزام بإعادة الانتشار إلى خارج معظم مناطق الضفة الغربية؛ توسيع المستوطنات. وبالمقابل، نجاح تجربة مقاومة حزب الله في جنوب لبنان التي أدت إلى الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في أيار/ مايو 2000.

خلال الربع الأخير من سنة 2000، حاول الرئيس الأميركي بيل كلينتون، عشية انتهاء ولايته، تهدئة الأوضاع المتفاقمة، من خلال تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص المواجهات الفلسطينية-الإسرائيلية (لجنة ميتشل). في الوقت ذاته، بذل محاولة أخيرة لمواصلة محادثات السلام، مقدِّماً للطرفين عرضاً للتقريب ما بينهما ("مقترحات كلينتون")، وذلك في أواخر كانون الأول/ ديسمبر. وفي 21 كانون الثاني/ يناير 2001، افتتح المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون جولة مفاوضات مكثفة في منتجع طابا في مصر، وردموا من الثغرات فيما بين مواقفهم ما أمكن ردمه، لكنهم اضطروا إلى إنهاء المحادثات في 27 كانون الثاني، قبل 10 أيام من انتخابات رئاسة الحكومة الإسرائيلية. بعدئذ حلّ شارون المنتصر محلّ إيهود باراك رئيساً للوزراء، فوضَعَ على الفور، هو والرئيس الأميركي جورج بوش (الابن)، نهاية فعلية لمحادثات السلام، ومهدا الطريق أمام تصعيد عسكري إسرائيلي، وإطلاق حملة دبلوماسية ضد عرفات.

كانت الانتفاضة قد تحوّلت منذ أواخر تشرين الثاني 2000، من مظاهرات عارمة إلى هجمات مسلحة من قبل الناشطين الفلسطينيين (المنتمين لحركة "فتح" بشكل أساسي في المرحلة الأولى) رداً على القمع الشديد الذي مارسته إسرائيل، مع تفاوت في مستوى العنف خلال الأشهر اللاحقة. واتخذت إجراءات إسرائيل أشكالاً عدّة، منها قصف المكاتب الإدارية للسلطة الفلسطينية والمجمعات الأمنية، وتوغّل في المناطق الخاضعة لولاية السلطة الفلسطينية، وأغلاق تلك المناطق، وفرض حظر التجول، وشنّ حملة اغتيالات موجَّهة في صفوف الناشطين، وهدم المنازل، وتجريف الأراضي الزراعية، وإقامة مئات نقاط التفتيش من أجل إعاقة حركة الفلسطينيين. أما المناضلون الفلسطينيون، فلجأوا إلى زرع العبوات على جوانب الطرقات، وإطلاق النار على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، وشنّ الهجمات بقذائف الهاون (وخصوصاً على المواقع العسكرية الإسرائيلية والمستوطنات الواقعة في محيط قطاع غزة)، وابتداءاً من أواخر أيار/ مايو 2001، بدؤوا بالتفجيرات الانتحارية ("حماس" بشكل رئيسي، ثم تبعتها "فتح" وحركة الجهاد الإسلامي).

أتت أهم محاولات الولايات المتحدة للنأي بنفسها عن المواقف الإسرائيلية (وإن كانت قصيرة الأجل) مباشرةً بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. فمن أجل الحصول على الدعم العربي والإسلامي ضد "القاعدة" في أفغانستان، ناشد الرئيس بوش، شارون عدة مرات، في الفترة ما بين منتصف أيلول ومنتصف تشرين الأول/أكتوبر، أن يوقف التصعيد الإسرائيلي، وأعلن في 2 تشرين الأول، للمرة الأولى منذ توليه منصبه، تأييده قيامَ الدولة الفلسطينية. ولكن في 17 تشرين الأول، اغتيل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زائيفي على يد أعضاء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك رداً على اغتيال إسرائيل الأمين العام للجبهة أبو علي مصطفىلافي 25 آب/ أغسطسلا، فكانت تلك فرصة لشارون لكي يعكس مسار الأمور التي كانت متجهة نحو إعادة إضفاء الشرعية على عرفات، ولكي يضع نفسه في موقع يسمح له بشنّ الحملات التدميرية متى أراد خلال السنوات اللاحقة تحت ذريعة محاربة "الإرهاب الفلسطيني".

بعد يومين على التفجير الانتحاري الذي قامت به "حماس"، في 27 آذار/ مارس 2002، في فندق في نتانيا، وأودى بحياة عشرات المدنيين الإسرائيليين، بدأت إسرائيل عملية اجتياح كبرى لأغلب مدن، وقرى، ومخيمات الضفة الغربية. وحاصرت القوات البرية مقر عرفات في رام الله، وتسببت بأضرار جسيمة في البلدة القديمة في نابلس، ودمّرت قسماً كبيراً من مخيم اللاجئين في جنين بعد معركة ضارية جرت أوائل نيسان/ أبريل 2002، كما نهبت مكاتب السلطة الفلسطينية. وقد انسحبت القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية أوائل شهر أيار، ولكنها حافظت على التواجد في محيطها، وواصلت عمليات التوغل. وفي الوقت نفسه، أقرّت الحكومة الإسرائيلية بناء جدار لفصل إسرائيل وعدد من المستوطنات عن التجمعات الفلسطينية. وجرى تخطيط مسار الجدار بشكل يتماشى في بعض المقاطع مع خط الهدنة لسنة 1949، ويتجاوزه في مقاطع أخرى تبعاً لمواقع المستوطنات وطبيعة الأرض، فينعطف عميقاً داخل الضفة الغربية، ويضم عملياً مناطق واسعة منها إلى إسرائيل. (في تموز/ يوليو 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشارياً يقضي بأن الجدار الفاصل هو انتهاك للقانون الدولي).

في ذلك الوقت، وبتحريض من الشركاء الدوليين، واستجابة لمبادرة السلام العربية (المعلَنة في بيروت في آذار/ مارس 2002)، قبِلت الإدارة الأميركية تشكيلَ ما سوف يُعرف باسم اللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط (الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة)، وإحياءَ إمكانية التوصّل إلى حل دبلوماسي. ولكنها فعلت ذلك وفق شروطها هي. ففي 24 حزيران/ يونيو 2002، صرّح بوش بأن الشرط المسبَق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة هو "قيادة فلسطينية جديدة ومختلفة"، مع مؤسسات جديدة، وترتيبات أمنية جديدة. وشكّل خطابُه، الذي أتى بعد وقف الولايات المتحدة تعاملها مع عرفات، الأساسَ الذي قامت عليه خطة اللجنة الرباعية المسمّاة "خارطة طريق إلى حل الدولتين الدائم للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني ترتكز إلى الأداء"، والتي عُرضت رسمياً على الطرفين نهاية نيسان/ أبريل 2003، بعد الكثير من التأخير والمماطلة. وقد وافق شارون بشكل ملتبس على خارطة الطريق، وقدّم لائحة تضمّنت أربعة عشر "تحفّظاً" جعلت منها عديمة الفائدة فعلياً.

في الوقت نفسه، باشرت القيادة الفلسطينية عملية الإصلاح، وذلك بضغط من اللجنة الرباعية ومن كوادر حركة "فتح" أيضاً. وبالتحديد، أُجبر عرفات في شباط/ فبراير 2003 على القبول باستحداث منصب رئيس الوزراء، بعد أن هدّده ممثلو اللجنة الرباعية بأن الولايات المتحدة ستعطي الضوء الأخضر لإسرائيل للإطاحة به في حال فشلت السلطة الفلسطينية باتخاذ القرار قبل الغزو الأميركي المتوقَّع للعراق. وهكذا أجرى المجلس التشريعي الفلسطيني، بموافقة اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تعديلات على القانون الأساسي في آذار/ مارس، وأفسح المجال لتشكيل حكومة جديدة برئاسة محمود عباس في نيسان 2003. ولكن، نتيجة الإحباط جراء عدم قدرته على الحكم وبنوع خاص، على ضبط قوات أمن السلطة الفلسطينية، قدّم عباس استقالته في أيلول/ سبتمبر 2003. فحلّ محلّه في الشهر التالي أحمد قريع كرئيس للوزراء.

تمشياً مع عدم رغبته في تطبيق خارطة الطريق، بدأ شارون، أواخر سنة 2003، العمل على خطة بديلة (فك الارتباط مع غزة) يمكن تقديمها إلى المجتمع الدولي كمؤشر على تقدم في المسيرة السلمية، وتكون في الوقت نفسه أداة لتعزيز المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية. وفي نيسان/ أبريل 2004، أكد الرئيس بوش رسمياً لإسرائيل أنه مقابل قيام إسرائيل بفك ارتباط أحادي الجانب مع غزة (انسحاب القوات الإسرائيلية والمستوطنين من داخل القطاع)، وإخلاء أربعة مستوطنات في شمال الضفة الغربية، سوف يدعم تشكيل قيادة فلسطينية جديدة؛ ويلتزم بإسرائيل كدولة يهودية؛ ويستبعد عودة اللاجئين الفلسطينيين منذ سنة 1948 إلى بيوتهم الأصلية في إسرائيل (من دون استبعاد إمكانية توطينهم في الدولة الفلسطينية المستقبلية)؛ ويرفض أي دعوة للعودة إلى خطوط الهدنة لعام 1949 في ضوء "وجود تجمعات سكانية إسرائيلية رئيسية" في الضفة الغربية. وقد شكّلت خطة فك الارتباط في قطاع غزة (التي تم تنفيذها في آب/ أغسطس – أيلول/ سبتمبر 2005)، بالترافق مع بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية، خطوةً مهمةً في الاستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى فصل القطاع عن الضفة وترسيخ سيطرتها على الضفة الغربية.

أما بخصوص الوضع على الأرض في الفترة ما بين 2003 و2005، فقد استمرت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وإن باتت أضعف، ولكنها ازدادت في قطاع غزة. وتجاوبت الفصائل الفلسطينية مرات عدة مع وساطات مصرية فأعربت عن استعدادها لوقف إطلاق نار مشروط مع إسرائيل. غير أن إسرائيل أحكمت قبضتها على الضفة الغربية عبر عملياتها العسكرية المتواصلة، ونقلت خطواتها التصعيدية إلى قطاع غزة. واغتالت الزعيم الروحي لحركة "حماس" أحمد ياسين، في آذار/ مارس 2004، وبعد أربعة أسابيع اغتالت الزعيم السياسي للحركة، عبد العزيز الرنتيسي. أما عرفات، الذي ظل محاصراً في جزء من مقره لأكثر من عامين، فقد وقع ضحية مرض غامض في تشرين الأول/ 2004: فتم نقله من رام الله إلى باريس حيث وافته المنية في 11 تشرين الثاني. عقب ذلك أصبح عباس رابع رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم انتُخب رئيساً للسلطة الفلسطينية في 9 كانون الثاني 2005.

مع رحيل الزعيم الكاريزمي للحركة الوطنية الفلسطينية، كان المجتمع الفلسطيني قد أُنهك بسبب عنف الانتفاضة الثانية، والقمع الإسرائيلي الوحشي لها، وغياب أي أمل بالوصول إلى تسوية تفاوضية. وضمن قواعد اللعبة التي فرضتها إسرائيل من جانب واحد (في الضفة الغربية على الأقل)، حاول عباس - ونجح أحياناً - أن يحصل على موافقة التنظيمات على هدنة مع إسرائيل، وأن يعيد بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية عبر طلب المساعدة من الدول المانحة واللجوء إلى صناديق الاقتراع. فقد جرت أربع جولات من الانتخابات المحلية في الفترة ما بين كانون الأول 2004 وكانون الأول 2005، أظهرت ازدياداً مطَّرداً في دعم "حماس" في صفوف الناخبين الفلسطينيين. ومع قرار "حماس" المشاركة في الانتخابات التشريعية التي تقرر إجراؤها في كانون الثاني 2006، وقيامها بحملة متماسكة، على عكس حملة "فتح" المضطربة، ومن ثم انتصارها، بدأت صفحة جديدة في السياسة الفلسطينية.

جدول الأحداث الكلي
E.g., 2024/10/11
E.g., 2024/10/11

يرجى محاولة عملية بحث جديدة. لا يوجد أي نتائج تتعلق بمعايير البحث الحالية. هناك العديد من الأحداث في التاريخ الفلسطيني والجدول الزمني يعمل جاهدا لالتقاط هذا التاريخ.