مكان

اللجون

مكان
اللَجُّون
اللواء
السامرة
المحافظة
جنين
متوسط الارتفاع
150 م
المسافة من جنين
16 كم
تعداد السكان
السنة عرب المجموع
1944/45 1103 1103
1944/45 * 5409 5409
1931 857 857
ملكية الأرض (1944/45) بالدونم
السنة عرب عام المجموع
1944/45 * 68311 8931 77242
إستخدام الأرض (1944/45) بالدونم
الإستخدام عرب المجموع
48918 48918 (63%)
عدد المنازل (1931)
162

كان القرية قائمة على تل قليل الارتفاع، في الطرف الجنوبي الغربي من مرج ابن عامر، موزعة على طرفي وادي اللجون. وكانت جنين والمرج نفسه يظهران للناظر من اللجون. وكان جبل الكرمل يحدّها من الغرب والجنوب ، وتل المتسلِّم (من الشمال الشرقي)، وتل الأسمر (من الشمال الغربي). وكانت القرية، التي تربطها طرق فرعية بطريق جنين – حيفا العام، وبطريق عام آخر يمتد صوب الجنوب الغربي ويفضي إلى بلدة أم الفحم، تقع بالقرب من ملتقى الطريقين.

بعد أن أُخمدت ثورة [اليهود بقيادة] باركوخبا، سنة 130م، أمر الإمبراطور الروماني هدريان (Hadrian) بأن ترابط فرقة أُخرى من الجيش الروماني، الفرقة السادسة 'المدرعة'، في شمال البلاد. وبات الموقع الذي أقامت معسكرها فيه يُعرَف باسم لجيو (Legio). ولمّا سُحب الجيش من المنطقة في القرن الثالث للميلاد، غدت لجيو مدينة ولُقِّبت بـ 'مدينة مسيميان' وعرفت باسم مسيميانوبوليس (Masimianupolis). وظلّت تعرف بهذا الاسم طوال العهد البيزنطي. ثم أصبحت بيد العرب في القرن السابع للميلاد، في الفترة الأولى من الفتح الإسلامي. وشهدت اللجون أكثر من مجابهة بين الحكام المسلمين المتنافسين، كتلك التي دارت رحاها سنة 945م بين الحمدانيين حكام حلب والإخشيديين حكام مصر، والتي هُزم فيها الأمير سيف الدولة الحمداني الشهير . وقد استولى الصليبيون على اللجون، ثم استرجعها صلاح الدين الأيوبي في سنة 1187.

أتى إلى ذكر اللجون نفر من الجغرافيين العرب على مرّ السنين، منهم ابن الفقيه (الذي كتب في سنة 903م)، والمقدسي (الذي كتب في سنة 985م)، وياقوت الحموي (توفي سنة 1229). وقد وصفها المقدسي بأنها مدينة رحبة نزيهة، على طرف فلسطين (يوم كانت الحدود بين سورية وفلسطين غير حدود اليوم)، وذكر ينابيعها ذات المياه العذبة. وكذلك أشار المقدسي وياقوت (في كتابه 'معجم البلدان') إلى ما يدعوه سكان اللجون مسجد إبراهيم، المبني على صخرة مدوَّرة. لكنْ بينما قال ابن الفقيه إن المسجد قائم خارج اللجون، روى ياقوت أن المسجد كان وسط البلدة . كما مرّ بالقرية نفر من ملوك المسلمين وأعيانهم، منهم الملك الكامل، سادس الحكام الأيوبيين، الذي زوَّج ابنته عاشوراء فيها لابن أخيه في سنة 1231. وقد دُفن في القرية أيضاً اثنان من علماء المسلمين هما: علي الشافعي ( توفي سنة 1310)، وعلي بن الجلال ( توفي سنة 1400) .

في سنة 1596، كان اللجون قرية في ناحية شَعْرَة (لواء اللجون)، وعدد سكانها 226 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الإنتاج والمستَغَلات كالماعز وخلايا النحل والجواميس . ورُوي أن ظاهر العمر، الذي بات لفترة قصيرة الحاكم الفعلي لشمال فلسطين في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، استعمل المدافع لقصف اللجون في سياق حملته (1771 – 1773) للاستيلاء على نابلس . ولا يُعرف بالتحديد هل كان هذا الهجوم هو سبب أفول القرية في الأعوام التي تلت ذلك أم لا؛ حتى أن جيمس فِنْ، القنصل البريطاني للقدس وفلسطين (1846 – 1862)، لم ير قرية في الموقع يوم زار المنطقة . لكن مؤلفي كتاب 'مسح فلسطين العربية' (The Survey of Western Palestine) لاحظوا وجود خان إلى الجنوب من خرائب اللجون، في أوائل الثمانينات من القرن الماضي .

في أواخر القرن التاسع عشر، انتقل نفر من سكان أم الفحم إلى موقع اللجون لاستغلال أراضيها الزراعية. ثم استوطن هؤلاء اللجون شيئاً فشيئاً، مقيمين منازلهم حول ينابيع الماء، ولا سيما في جوار الخان. ولمّا أجرى علماء الآثار الألمان سنة 1903 التنقيبات في تل المتسلِّم (مجدّو القديمة)، القريب من القرية، استعمل بعض سكانها الحجارة التي استُخرجت من أبنية الموقع القديم في بناء مساكن جديدة لهم . وقد انتقل مزيد من سكان أم الفحم إلى اللجون أيام الانتداب البريطاني، ولا سيما في أواخر الثلاثينات، بسبب اضطهاد الحكومة البريطانية لهم جرّاء نشاطهم في ثورة 1936 – 1939 التي انتشرت في أنحاء فلسطين. كما تنامى اقتصاد اللجون بسرعة نتيجة توافد مزيد من السكان .

انقسمت القرية جرّاء توسعها إلى ثلاثة أحياء: حي شرقي، وحي غربي، وآخر يعرف بخربة الخان. وكان يقيم في كل حي 'حمولة' أو أكثر، مثل 'حمولتي' المحاجنة التحتا والغبارية، و'حمولتي' الجبارين والمحاميد، و'حمولة' المحاجنة الفوقا . في سنة 1931، كان سكان اللجون يتألفون من 829 مسلماً و26 مسيحياً ويهوديين اثنين؛ ولا يوجد تفصيل دقيق لعددهم في سنة 1945. في سنة 1943، موّل أـحد كبار مالكي الأراضي في القرية إنشاء مسجد، بُني بالحجارة البيض، في حي الغبارية (الشرقي). كما أُنشىء مسجد آخر في حي المحاميد خلال الفترة نفسها، بتمويل من سكان الحي أنفسهم . وكان في اللجون أيضاً مدرسة أُسست في سنة 1937، وبلغ عدد تلامذتها 83 تلميذاً في سنة 1944، وكانت تقع في حي المحاجنة الفوقا، أي في خربة الخان .

كان في القرية سوق صغيرة، وست طواحين للحبوب (تديرها عدة ينابيع وجداول تقع في ضواحي القرية)، ومركز طبي . وكان في كل حي من أحياء اللجون بضعة دكاكين. وقد أنشأ رجل من أم الفحم شركة باصات في اللجون، كانت توفر الخدمات لسكان أم الفحم وحيفا وبضع قرى، منها زرعين. في سنة 1937، بلغ عدد الباصات سبعة. وبعد ذلك رُخِّص للشركة بنقل الركان من جنين وإليها أيضاً، واكتسبت الشركة اسم 'شركة باصات اللجون' . عُني سكان اللجون بزراعة الحبوب والخضروات والحمضيات. أمّا تراث اللجون الأثري، فقد تلاشى تماماً بلا تدوين ولا تنقيب؛ إذ جُرفت الخرائب في معظمها، وكُوِّمت كومة واحدة من أجل تمهيد الأرض للزراعة.

تذكر الرواية الإسرائيلية الرسمية أن اللجون احتُلَّت قبل الأول من حزيران/ يونيو 1948 بوقت قصير، عقب 'تطهير' وادي بيسان، وقبل الهجوم الإسرائيلي (الفاشل) على جنين. ففي تلك الفترة، كان لواء غولاني قد استولى على بضع قرى مجاورة لجنين، ومنها اللجون التي دخلتها القوات الإسرائيلية فجر 30 أيار/ مايو، استناداً إلى تقرير صحافي نشرته 'نيويورك تايمز'. فقد تقدمت طوابير إسرائيلية عدة نحو منطقة المثلث، يومها، واستولت على جملة قرى شمالي جنين. ومن الجائز أن تكون الكتيبة الرابعة من لواء غولاني طردت سكان القرية فوراً، وذلك تماشياً مع عادتها خلال عملياتها السابقة في وادي بيسان.

كانت تقارير 'نيويورك تايمز' السابقة ذكرت أن القرية هوجمت واحتُلَّت في أواسط نيسان/ أبريل، في إبان المعارك التي دارت حوالي مستعمرة مشمار هعيمك (أنظر أبو شوشة، قضاء حيفا). كما ذكر قائد جيش الإنقاذ العربي وقوع هجوم في 13 نيسان/ أبريل، حين حاولت القوات اليهودية 'أن تصل إلى تقاطع الطرق في اللجون بعملية التفاف.' ويبدو أن الهجوم أخفق. وذكرت 'نيويورك تايمز' أن 12 شخصاً قتلوا في هذا الهجوم، وأن 15 آخرين جرحوا. وأضافت الصحيفة أن اللجون احتُلَّت لاحقاً، في 17 نيسان/ أبريل، بعد مرور اثني عشر يوماً على انطلاق الهجوم من هذه القرية على مشمار هعيمك. وجاء في رواية 'نيويورك تايمز' أن 'اللجون هي أهم المواقع التي استولى عليها اليهود، الذين ذهب بهم هجومهم إلى احتلال عشر قرى جنوبي مشمار هعيمك وشرقيها.' وأضاف التقرير أن الهاغاناه أجلت النساء والأولاد عن القرية، ونسفت 27 مبنى في اللجون والقرى المجاورة.

لكن يُفهم من المصادر العسكرية العربية أن القرية لم تُحتل في ذلك الوقت؛ إذ يقول قائد جيش الإنقاذ العربي، فوزي القاوقجي، إن الهجمات استؤنفت في الشهر التالي، في 6 أيار/ مايو، عندما هاجمت قوات الهاغاناه مواقع جيش الإنقاذ في منطقة اللجون. وقد صَدَّ فوج اليرموك وغيره من وحدات جيش الإنقاذ المهاجمين، فارتدوا على أعقابهم. لكن القاوقجي ذكر، بعد مرور يومين، أن قوات الهاغاناه كانت 'تحاول عزل اللجون عن طولكرم تمهيداً للاستيلاء على اللجون وجنين...'. وفي معرض تلخيص القاوقجي للوضع العسكري في فلسطين في 8 أيار/ مايو، أشار إلى 'نشاط كثيف'، وإلى وجود تجمعات [للهاغاناه] كاملة التسليح والتجهيز شمالي جنين'، وإلى وجود 'قتال عنيف في منطقة عارة'، أي على بعد نحو 12 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من اللجون. ولا يُعرف على وجه التحديد هل كان اللجون وقعت تحت سيطرة الهاغاناه في ذلك الوقت، أم أنها صمدت ثلاثة أسابيع أُخرى، مثلما هو مذكور في كتاب 'تاريخ حرب الاستقلال'.

في أوائل أيلول/ سبتمبر، خلال الهدنة الثانية، حدّد مسؤول من الأمم المتحدة خط الهدنة الدائمة في المنطقة باللجون؛ وذلك استناداً إلى تقارير صحافية. وقد أقيمت منطقة عرضها نحو 450 متراً على كلا جانبي الخط، سمح للعرب واليهود فيها بأن يجنوا غلالهم .

في سنة 1949، أنشأت إسرائيل مستعمرة يوسف كابلان، التي سميت لاحقاً كيبوتس مغدو (167220)، على بعد نصف كيلومتر تقريباً شمالي شرقي موقع القرية. وفي زمن إنشائها، كانت أراضي مجموعة من القرى الفلسطينية الممتدة بين بلدة أم الفحم واللجون قد ضمت بعضها إلى بعض لتكوين كتلة كبيرة. لذلك فإن قرب المستعمرة من اللجون يوحي بأنها بُنيت على بعض أراضي اللجون، لكن من الجائز أيضاً أن هذه الأرض كانت تابعة، في وقت سابق، لقرية مجاورة.

لم يبق في الموقع سوى المسجد المبني بالحجارة البيض، وطاحونة حبوب واحدة، والمركز الطبي، وبضعة منازل مهدمة جزئياً (أنظر الصور). وقد حُوِّل المسجد إلى مشغل نجارة، وحُوِّل أحد المنازل إلى قن دجاج. المركز الطبي وطاحونة الحبوب مهجوران، والمدرسة ما عاد لها أثر. أمّا المقبرة فما زالت قائمة، لكن مهملة. وما زال قبر يوسف الحمدان، من الوطنيين البارزين الذين استشهدوا في ثورة 1936، بادياً للعيان. أمّا الأراضي المحيطة، فزُرعت لوزاً وحنطة وشعيراً؛ وهي تحتوي أيضاً على زرائب للدواب ومعمل أعلاف ومضخة رُكِّبت على عين الحجة. والموقع مسيج تسييجاً محكماً، ودخوله ممنوع.

t