في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 1956، شنّت القوات الإسرائيلية والفرنسية والبريطانية حرباً مشتركة على مصر
. وعلى الرغم من تحقيق هذه القوات نجاحات عسكريّة سريعة بدايةً، إلا أن الضغوطات الدولية التي مارستها الولايات المتحدة
والاتحاد السوفييتي
قيّدت حريتها في التحرك إلى حد كبير. واتضح نتيجةَ هذه الحرب، التي عُرفت في ما بعد بـ"
وعلى رغم "السحق" العسكري والاجتماعي الذي واجه الفلسطينيين في
وفي شأن متصل، عندما شنّت إسرائيل الحرب التي أطلق عليها ديفيد بن غوريون "حرب التسلّل"، ضد عمليات تسلل الفلسطينيين لضرب الإسرائيليين على طول الحدود، نظم الفلسطينيون مقاومتهم في مجموعات شبه عسكرية عُرفت بالفدائيين، وتمركزوا حول الحدود الإسرائيلية مع الهدف الجوهري المتمثّل باستعادة حقوقهم داخل وطنهم.
وتزايدت وحشية العمليات الانتقامية الإسرائيلية. ففي نهاية آب/ أغسطس 1953، هاجمت وحدة إسرائيلية بقيادة أريئيل شارون
مخيم البريج للاجئين
في قطاع غزة
وقتلت 50 فلسطينياً على الأقل. وفي منتصف تشرين الأول 1953 دهمت قوة إسرائيلية بقيادة شارون أيضاً بلدة قبية
في الضفة الغربية
وارتكبت مجزرة أسفرت عن مقتل 69 من الرجال والنساء والأطفال. وفي نهاية آذار/ مارس 1954، شنت القوات الإسرائيلية هجوماً على قرية نحالين
في الضفة الغربية فدمّرت سبعة منازل وجامع القرية، وتسببت بمقتل خمسة من الحرس الوطني الفلسطيني وثلاثة من أعضاء
دفعت الرغبةُ في معاقبة الفدائيين، إسرائيلَ إلى البدء بالتخطيط لهجوم على مصر، فإذعان مصر التي تشكل النقطة الأساس في الصراع، سيؤدي إلى استسلام إقليمي أوسع، ووجدت حليفاً في
وكانت قناة السويس ، التي تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر فـ المحيط الهندي ، سبباً محورياً للحرب، فالمواجهة المصرية- البريطانية بشأن القناة ووجود القاعدة العسكرية البريطانية الضخمة هناك، كانت سبقت وعجّلت حركة الضباط الأحرار في سنة 1952 بقيادة جمال عبد الناصر، الذي اتبع عقب الإطاحة بالحكم الملكي سياسة معادية لبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، من خلال رفضه الانضمام إلى حلف بغداد المعادي للاتحاد السوفييتي، وشرائه الأسلحة من الكتلة الشرقية، ودعمه الثوار المكافحين ضد الاستعمار في الجزائر، ومحاولته بشكل عام المناورة بين أطراف الحرب الباردة لتأمين مصالح بلاده. وفي 26 تموز/ يوليو 1956، أعلن عبد الناصر تأميم مصر قناة السويس وأغلق القناة أمام الملاحة الإسرائيلية.
بدأت فرنسا وإسرائيل إثر إغلاق قناة السويس، التخطيط للحرب ضد مصر بشكل مستقل، ومع حلول نهاية أيلول/ سبتمبر، بدأتا وضع خطط المعركة.
وكان لدى فرنسا وإسرائيل أمل في انضمام بريطانيا إليهما، إلى أن اتُّفق على هذا الانضمام في اجتماع سريّ عقد بين 22 و24 تشرين الأول في
في 29 تشرين الأول دخل
وعلى الفور، مارس الرئيس الأميركي
كانت إسرائيل ترفق عملياتها العسكرية بمجازر في حق المدنيين الفلسطينيين حتى في داخل إسرائيل نفسها، ففي 29 تشرين الأول 1956، وفي محاولة لاستباق أي تدخل من مقاتلين (فلسطينيين أو أردنيين) من الضفة الغربية، فرضت إسرائيل حظر تجوّل يبدأ عند الخامسة بعد الظهر على سبع قرى، من ضمنها قرية كفر قاسم في منطقة المثلّث الحدودية. ونتيجة لعدم تلقي القرويين، من سكان هذه القرية، أي إشعار بموعد الحظر إلا بعد وصولهم أعمالهم، عاد العديد منهم عند تبلغهم الأمر إلى القرية بعد بدء حظر التجول، فأطلقت شرطة الحدود الإسرائيلية النار عليهم وقتلت 48 فلسطينياً، كان فيهم 6 نساء و23 طفلاً. في 3 تشرين الثاني، وبحجة الحرب، قتلت القوات الإسرائيلية 275 فلسطينياً في بلدة خان يونس في قطاع غزة، وبعد انتهاء الاقتتال، قامت إسرائيل بقتل 110 فلسطينيين آخرين في رفح ، على الحدود بين غزة ومصر، وخلال انسحابها من سيناء، دمّر الجيش الإسرائيلي البنية التحتية في المناطق التي احتلّها.
وعلى الرغم من انتصارهم العسكري الأولي، عانى الحلفاء الثلاثة ضد مصر هزيمة ديبلوماسية جسيمة مع نهاية الحرب، فقد مهّد النظام الاستعماري الذي مثّلته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، الطريق إلى حرب باردة جديدة يقوم كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي فيها بتشكيل العلاقات الدولية. ومن مؤشرات هذا التحول إعلان الرئيس الأميركي، في خطاب ألقاه أمام
وبرزت مصر بقيادة عبد الناصر قائدةً بارزة في حركة عدم الانحياز على الصعيد الدولي، وقدوةً للمقاومة الوطنية العربية ضد إسرائيل على الصعيد الإقليمي، ما قوّى اعتقاد كثير من الفلسطينيين بأن الدول العربية ستقودهم إلى التحرير، لكنهم في الوقت ذاته بدأوا ينظمون نضالهم الفدائي ضد الحرب الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني، فكان التأسيس غير الرسمي لحركة "فتح " -التي سوف تصبح أبرز جماعة فلسطينية مسلحة بلا منازع- عام 1957، عقب حرب سنة 1956 مباشرةً.