تجري انتخابات برلمانية في الأردن ؛ يتم انتخاب 20 ممثّلاً من الضفة الشرقية و20 من الضفة الغربية بموجب قانون أردني إضافي كان صدر في 13 كانون الأول/ ديسمبر 1949 وجاء معدلاً لقانون الانتخاب لمجلس النواب لسنة 1947، من أجل إفساح المجال أمام تمثيل الضفة الغربية في مجلس النواب. في 24 نيسان/ أبريل، يؤكّد مجلس الأمة بهيئتيه (مجلس الأعيان، ومجلس النواب المنتخب) وحدة الضفتين ضمن دولة واحدة: المملكة الأردنية الهاشمية.
عقب حرب فلسطين في سنة 1948، تشابكت الهياكل الجغرافية والسكانية في الأردن مع مثيلاتها الفلسطينية، ففي نيسان/ أبريل 1950 ضمّت المملكة الأردنية الهاشمية إليها رسمياً أقضية جنين ونابلس وطولكرم والقدس والخليل ورام الله الفلسطينية (عُرفت في ما بعد باسم "الضفة الغربية"). وخلافاً للدول العربية الأخرى، منحت المملكة الجنسية الأردنية لسكان الضفة الغربية، الأصليين منهم واللاجئين إليها، وفقاً لقانون منح الجنسية سنة 1954، الذي اعتَبر "أردنياً كل من كان يحمل الجنسية الفلسطينية من غير اليهود قبل تاريخ 15 أيار/ مايو 1948، ويقيم في المملكة الأردنية الهاشمية عند صدور هذا القانون".
وكان الأردن انتزع في أيار/ مايو 1946 استقلاله من بريطانيا واعتمد مذذاك تسمية "المملكة الأردنية الهاشمية" عوضاً عن "إمارة شرق الأردن". ومع "توحيد" الضفة الغربية مع الضفة الشرقية، ازدادت مساحة المملكة الأردنية الهاشمية بمقدار 5640 كم2، أي ما لا يتعدى 1/16 من أراضي شرق الأردن، لكن التأثيرات الديموغرافية والسياسية للتوحيد كانت أكثر تأثيراً: فسنة 1949 كان عدد سكان الضفة الغربية 740 ألف نسمة، من بينهم 280 ألف لاجئ، وكان عدد سكان الضفة الشرقية 470 ألف نسمة، من بينهم 70 ألف لاجئ، وعليه فإن المملكة باتت وطناً لما يزيد عن 1.2 مليون نسمة، ثلثاهم من أصل فلسطيني (الأردنيون الفلسطينيون).
استمد توحيد الضفتين شرعيته من كسب ولاء الفلسطينيين السياسي على حساب التيار الوطني الذي ساد سابقاً في السياسة الفلسطينية، والذي كان يقوده مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني. وتم تحقيق التوحيد عبر نوع من "اتفاق شرف" أبرمه الملك عبدالله الأول مع وجهاء فلسطينيين موالين للهاشميين خلال سلسلة مؤتمرات، أهمها "مؤتمر أريحا" الذي انعقد في 1 كانون الأول/ ديسمبر 1948 وطلب -بحضور رؤساء عدة بلديات في الضفة الغربية- أن تضم المملكة الأردنية الهاشمية المناطق الفلسطينية التي كانت تديرها فعلياً.
اكتمل استيعاب الفلسطينيين في المملكة الأردنية الهاشمية بإدماجهم ضمن النظام السياسي للبلاد، ففي أعقاب الانتخابات العامة التي جرت في نيسان/ أبريل 1950 تم إنشاء البرلمان، الذي ضم 40 مقعداً مقسّمة بالتساوي بين النواب المنتخَبين في كل من الضفتين بصرف النظر عن أصلهم، كما تم تعيين 20 عضواً في مجلس الشيوخ اختارهم الملك: إثنا عشر من الضفة الشرقية وثمانية من الضفة الغربية. وفي كانون الثاني/ يناير 1952، أقرّ البرلمان دستوراً جديداً عزّز المساواة بين جميع الأردنيين أمام القانون، بصرف النظر عن عرقهم أو لغتهم أو دينهم. وتعزّزت عملية "الأردنة" من خلال سياسة "نزع" الهوية الفلسطينية، التي أكثر ما تمثلت في منع استخدام كلمة "فلسطين" في جميع الوثائق الرسمية، حيث كانت المناهج الدراسية الرسمية في الأردن تعزّز فكرة أن المملكة الأردنية الهاشمية الموحَّدة "وطن عربي صغير".
ومع ذلك، تم تعريف اللاجئين الفلسطينيين سياسياً منذ البداية بأشخاص يدّعون "حق العودة" إلى ديارهم، وهو الحق الذي اعترف به قرار الجمعية العمومية في الأمم المتحدة رقم 194 (كانون الأول/ديسمبر 1948)، والذي نص على "وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقرّرون عدم العودة، وعن كل خسارة في هذه الممتلكات أو أي ضرر لحق بها...". وحتى منتصف الستينيات، ظلّ التعبير الأساسي عن فكرة "فلسطين" مرتبطاً بمبدأ "حق العودة"، الذي سرعان ما أصبح الشعار الجامع في أنحاء العالم العربي كافة، واضطرت الدول العربية، بما فيها الأردن، إلى تأييده علناً.
وفرض ذلك أيضاً تبنّي وجهة نظر اللاجئين الفلسطينيين في ما يخص الأونروا (وكالة تابعة للأمم المتحدة تأسست سنة 1949 في الأساس لتلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين الفقراء، الذين كان معظمهم من الفلاحين والعمال غير المهرة، وتشجيع إدماجهم الاجتماعي- الاقتصادي في الاقتصادات المحلية)، التي سرعان ما تحولت عن صفتها الإنسانية البحت إلى رمز لالتزام المجتمع الدولي بحلّ قضية اللاجئين وفق مبادئ القرار 194.
وبسبب تسييس المهام الموكلة للأونروا تعززت خصوصية الأردنيين- الفلسطينيين، فقد حظيت شريحة من المجتمع الأردني بمصدرين لتحديد هويتها لا يخلوان من التعارض المحتمل، وهما: "الأردن دولة موقتة"، و"فلسطين الوطن الذي يُطمح بالعودة إليه"، وكان الالتباس الناجم عن ذلك أشد وضوحاً في أوساط لاجئي المخيمات (18 في المئة من اللاجئين)، فبكونهم اللاجئين الأشد عوزاً، باتوا يصوَّرون حراسَ ذاكرة "فلسطين الضائعة"، وحُماة الهوية الفلسطينية في المنفى، والأوصياء المطلَقين على "حق العودة". وعلى رغم حصولهم على الجنسية الأردنية الكاملة، فإن وضعهم الاجتماعي- الاقتصادي بصفتهم أشخاصاً محرومين بنيوياً، جعل مراقبين أردنيين يجرّدونهم من طابعهم الأردني- الفلسطيني لصالح طابع "فلسطيني" أو "لاجئ فلسطيني".
لم يشكّل الوضع السياسي "الهجين" للأردنيين- الفلسطينيين (بمن فيهم سكان الضفة الغربية) عائقاً أمام اندماجهم، كما لم يزعزع حقاً استقرار المملكة الأردنية الهاشمية، غير أن الوطنيين الفلسطينيين استاؤوا من ضم المملكة الأردنية الضفة الغربية ومنْحها الجنسية للاجئين ولسكان الضفة الغربية، وهو الأمر الذي أدانته أيضاً جامعة الدول العربية، ما انعكس اغتيالاً للملك عبد الله الأول في القدس سنة 1951. وأصبح هذا الاستياء لاحقاً جزءاً من موجة احتجاجات واسعة قامت بها أحزاب إسلامية ويسارية معارضة ضد سياسة المملكة الأردنية الموالية للغرب، ووصلت إلى حد محاولة الانقلاب على العرش سنة 1957، الأمر الذي أدى إلى فرض الأحكام العرفية.
وعلى الرغم من كل تلك التوترات، تم تحقيق الأهداف الرئيسية للمملكة الأردنية الهاشمية في ما خص سياسة الاستيعاب، وأحدها إشراك الفلسطينيين بشكل كامل في مشاريع التنمية في البلاد، وعلى وجه الخصوص في الضفة الشرقية، التي استفادت من الحجم الكبير للاستثمارات العامة في الخمسينيات والستينيات، وشهدت –كما تُظهر البيانات الديموغرافية- هجرة كبيرة لسكان الضفة الغربية نحوها، وبشكل أساسي نحو عمّان (بين سنتي 1950 و1961 قفزت نسبة المقيمين في الضفة الشرقية من 40% إلى 53%). ويُعتقد اليوم أن الأردنيين- الفلسطينيين يشكّلون أكثر من 80% من سكان عمّان.
في أعقاب حرب عام 1967، فقدت المملكة سيطرتها على الضفة الغربية، ونزح إلى الضفة الشرقية حوالى 380 ألف فلسطيني من الضفة الغربية (منهم 240 ألفاً من لاجئي عام 1948)، و40 ألفاً من سكان قطاع غزة. ومن جديد، قدّمت الأونروا والمؤسسات المضيفة المساعدات للنازحين الأكثر احتياجاً (منهم نسبة كبيرة من النازحين من غزة، الذين لم يتم منحهم الجنسية الأردنية)، في حين ساهم النازحون/ اللاجئون الآخرون، الذين كانوا معلّمين ورجال أعمال وتجاراً وموظفي خدمات مدنيّة، في عملية التنمية الاقتصادية والإدارية والسياسية في البلاد.