بسام الشكعة
والده: أحمد. زوجته: عناية الفاصد. ابناه: نضال، هيثم. ابنتاه: غدير، هنا.
ولد بسام أحمد الشكعة في مدينة نابلس، ودرس في مدرسة النجاح في مدينة نابلس، والتحق في سنة 1948 بـ "جيش الإنقاذ"، وحارب في صفوفه في منطقة نابلس. مارس نشاطه السياسي مبكراً، إذ انضم في سنة 1952 إلى حزب البعث، وشارك في الخمسينيات في النضالات الوطنية التي شهدها الأردن ضد "حلف بغداد" ومن أجل تعريب الجيش الأردني وإلغاء المعاهدة الأردنية-البريطانية، الأمر الذي عرّضه للملاحقة واضطره إلى اللجوء إلى سوريا، حيث تابع نضاله القومي في سبيل الوحدة العربية، وخصوصاً بين مصر وسورية .
بعد وقوع الانفصال وانهيار تجربة الجمهورية العربية المتحدة في أيلول/سبتمبر 1961، اعتقل بسام الشكعة، الذي كان قد استقال من حزب البعث، في سجن المزة بدمشق، ثم أُبعد إلى مصر وعاد إلى مدينته نابلس في سنة 1965 بعد قرار العفو العام الذي أصدره الملك حسين عن المناضلين الوطنيين والقوميين والشيوعيين.
بعد قيام إسرائيل باحتلال الضفة الغربية في حزيران/ يونيو 1967، واصل بسام الشكعة نضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأخذ ينشط في تعبئة جماهير مدينته ضد مشاريع إسرائيل القمعية والاستيطانية. وعندما قررت القوى والشخصيات الوطنية، المنضوية في إطار "الجبهة الوطنية الفلسطينية في الأرض المحتلة" التي تشكّلت في آب/ أغسطس 1973 وأكدت التفافها حول منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، خوض الانتخابات البلدية في نيسان/ أبريل 1976، تصدّر بسام الشكعة قائمة مجلس بلدية مدينة نابلس، الذي حقق، ومعه معظم المجالس البلدية في مدن الضفة الغربية، فوزاً كبيراً في تلك الانتخابات.
ورداً على "مبادرة" الرئيس المصري أنور السادات التي أسفرت عن التوصل إلى اتفاقيتي كامب ديفيد، وطرح مشروع الحكم الذاتي، شكّل ممثلو القوى الوطنية والبلديات والنقابات العمالية والمهنية في المناطق الفلسطينية المحتلة، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1978، "لجنة التوجيه الوطني"، بغية تعبئة الجماهير وتنظيم تصديها للاحتلال ومشاريعه، وكان بسام الشكعة واحداً من أبرز أعضاء هذه اللجنة التي قررت سلطات الاحتلال تصفيتها، فأصدرت قراراً بإبعاد رئيسي بلديتي الخليل وحلحول، فهد القواسمي ومحمد ملحم، وقاضي الشرع في مدينة الخليل رجب التميمي، إلى خارج الأرض المحتلة، كما اتخذت، في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 1979، قراراً يقضي بإبعاد رئيس بلدية نابلس بسام الشكعة، وذلك بذريعة أنه صرّح أمام "منسق" عمليات الجيش الإسرائيلي في المناطق المحتلة الجنرال داني مات، بأن مسؤولية الضحايا الذين سقطوا خلال العملية الفدائية التي قادتها "دلال المغربي" في آذار/ مارس 1978 على الساحل الفلسطيني تقع على عاتق إسرائيل.
وتمهيداً لإبعاده قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال بسام الشكعة، الأمر الذي فجّر حركة احتجاج شعبية واسعة، إذ أُعلن إضراب عام في مدينة نابلس وعدد من المدن الفلسطينية، وعقد، في 12 من الشهر نفسه، في مدينة رام الله اجتماع لرؤساء المجالس البلدية في الضفة الغربية، قرأ كريم خلف رئيس بلدية رام الله خلاله برقية موقعة من 21 رئيس بلدية وموجهة إلى وزير الجيش الإسرائيلي تعلن عزم رؤساء البلديات على الاستقالة في اليوم التالي في حال إبعاد بسام الشكعة. كما أعلنت القوى والشخصيات الوطنية في قطاع غزة تضامنها معه، ونظمت حملة استنكار عالمية لقرار الإبعاد. هذا كله، فضلاً عن الجهود التي بذلتها المحامية الإسرائيلية الشيوعية فيليسيا لانغر، دفع سلطات الاحتلال إلى إلغاء قرار الإبعاد وإلى الإفراج عنه.
لكن لم تمضِ سوى أشهر قليلة على عودة بسام الشكعة إلى ممارسة نشاطه الوطني على رأس بلدية نابلس، حتى قامت مجموعة صهيونية إرهابية، في 2 حزيران/ يونيو 1980، بمحاولة اغتياله، هو ورفيقيه كريم خلف وإبراهيم الطويل رئيس بلدية البيرة، وذلك بزرع عبوات ناسفة في سياراتهم، انفجرت اثنتان منهما، الأمر الذي أدى إلى بتر ساقَي بسام الشكعة وساق كريم خلف، بينما نجا إبراهيم الطويل لدى اكتشاف العبوة قبل صعوده إلى سيارته.
بعد نجاته من محاولة الاغتيال، قال بسام الشكعة: "إن استطاعوا قطع أقدامي فلن يستطيعوا قطع نضالي. أراد لي الصهاينة أن أموت ولكن الله منحني الحياة لكي أكمل رسالتي في الدفاع عن فلسطين عربية حرة".
وعقّب على فقدانه ساقيه بقوله: "لقد جعلوني أقرب إلى الأرض" في إشارةٍ إلى أرض فلسطين التي يدافع عنها، وأضاف: "لدي قلبي وفكري وهدف عادل لأناضل من أجله، لست في حاجة إلى ساقَي".
وعلى الرغم من فداحة إصابته الجسدية، عاد بسام الشكعة بعد خمسة أشهر من العلاج في الأردن وبريطانيا إلى مدينته ليواصل، مع القوى والشخصيات الوطنية في المناطق المحتلة، النضال ضد الاحتلال، هذا النضال الذي نجح في إفشال المشروع الإسرائيلي الرامي إلى إيجاد قيادات فلسطينية متواطئة مع الحكم العسكري الإسرائيلي، وبديلة من منظمة التحرير الفلسطينية، من خلال "روابط القرى"، كما نجح في إفشال مشروع تحويل الحكم العسكري للاحتلال إلى "إدارة مدنية".
عارض بسام الشكعة بحزم "اتفاق أوسلو"، بعد إبرامه في أيلول/ سبتمبر 1993، واتخذ مواقف مستقلة إزاء السلطة الوطنية الفلسطينية التي عجزت عن تطويعه.
كان بسام الشكعة من الذين وقعوا البيان الشديد الذي أصدره عشرون سياسياً ومثقفاً وأكاديمياً في المناطق الفلسطينية المحتلة، في سبتمبر/ أيلول 1999، ضد "اتفاق أوسلو" و"الفساد" المنتشر في مؤسسات السلطة الفلسطينية، الأمر الذي دفع هذه الأخيرة إلى فرض الإقامة الجبرية عليه، وهو ما رد عليه بالاستهزاء، والطلب من سائقه أن يتجوّل به في السيارة في شوارع نابلس.
وعلى الرغم من مواقفه المعارضة هذه، بقي بسام الشكعة متمسكاً بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبطابعها التمثيلي للشعب الفلسطيني، داعياً إلى تعزيز وحدتها ورافضاً خلق بدائل لها. ففي 26 آب/ أغسطس 2017، نشرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية حواراً مطولاً معه، قال فيه رداً على سؤال بشأن المشروع الوطني الفلسطيني إن "المشروع الوطني الفلسطيني تعرّض للهزات نتيجة التفكك والانقسام ونتيجة غياب أو تغييب منظمة التحرير الفلسطينية؛ لا ننكر أن المنظمة هي التي أحيت المشروع الوطني الفلسطيني والذي هو أكبر من الأراضي المحتلة، وعلينا أن نعيد التفكير في الوحدة الوطنية التي يجب أن تقترن بإعادة تفعيل المنظمة وتعزيز دورها".
توفي بسام الشكعة في 22 تموز/ يوليو 2019 في مدينة نابلس بعد صراع طويل مع المرض، وشيع جثمانه من المسجد الحنبلي في جنازة حاشدة شارك فيها الآلاف من الفلسطينيين، ودفن في المقبرة الغربية. وبعد دفنه، توافد آلاف الفلسطينيين من محافظات الضفة الغربية إلى خيمة العزاء في بيته الكائن في حي المخفية ولمدة ثلاثة أيام. وقد نعاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأشاد "بعمق انتمائه لوطنه فلسطين، ودفاعه المتواصل عن قضية شعبه العادلة، وتمسكه وإصراره على الوحدة الوطنية، وعلى الحقوق العادلة المشروعة لشعبنا".
أقيم لبسام الشكعة حفل تأبين في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 في جامعة النجاح الوطنية، بحضور رسمي وشعبي واسع من مختلف أنحاء الضفة الغربية والداخل الفلسطيني والجولان السوري المحتل. وقررت بلدية نابلس إطلاق اسم الشكعة على إحدى ساحات نابلس الرئيسية، كما أعلنت بلدية رام الله نيتها إطلاق اسمه على أحد شوارعها.
بسام الشكعة، رئيس بلدية نابلس، واحد من أنبل وأشجع رموز النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، حظي باحترام كبير بين أبناء وبنات شعبه الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، وكان من حملة أفكار القومية العربية ومن الطامحين إلى الوحدة العربية، إذ كان يعتبر أن المشروع الصهيوني لا يستهدف فلسطين فحسب بل الوطن العربي برمته، وأن السيطرة على فلسطين، التي تقع في موقع القلب من الوطن العربي، تعني السيطرة على الأمة العربية.
المصادر:
"بسام الشكعة ومحمد ملحم يتحدثان عن المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي" (مقابلة). "شؤون فلسطينية"، العدد 108 (تشرين الثاني/ نوفمبر 1980)، ص 19-33.
البياري، معن. "عن بسام الشكعة"، "العربي الجديد"، 24 تموز/ يوليو 2019 .
صيام، عبد الحميد (محاور). "بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس الأسبق لـ ’القدس العربي’: الحل في إعادة الاعتبار للمقاومة والوحدة تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية". "القدس العربي"، 26 آب/ أغسطس 2017.
عبد الرحمن، محمد. "المناطق المحتلة: نهوض في مقاومة الاحتلال تحفزه قضية الشكعة". "شؤون فلسطينية"، العدد 97 (كانون الأول/ ديسمبر 1979)، ص 165-172.
عبد الرحمن، محمد. "المناطق المحتلة: محاولة اغتيال رؤساء البلديات وتشكيل ميليشيات خاصة لحماية المستوطنات". "شؤون فلسطينية"، العدد 104 (تموز/ يوليو 1980)، ص 164-171.
ولفسون، ماريون. "بسام الشكعة رجل وشعب في مواجهة الاحتلال" (ترجمة محمد الكاشف). القاهرة: مكتبة جزيرة الورد، 2013.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: A Biographic Dictionary. 2nd ed., rev. and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.