عوني عبد الهادي
ولد في نابلس. والده الحاج قاسم. شقيقه المحامي فؤاد. زوجته طرب عبد الهادي. ولداه: مازن ووائل.
بدأ عوني عبد الهادي دراسته الإعدادية في بيروت، حيث كان يعمل والده في القضاء، وأتمّها في نابلس سنة 1907 قبل أن يرسله والده إلى إسطنبول، ليلتحق بالكلية الملكية.
انتسب سنة 1909 خلال دراسته في إسطنبول إلى "المنتدى الأدبي" العروبي، وصار يدافع عن العرب في مواجهة حملات التتريك.
سافر إلى باريس سنة 1910 ليتابع دراسته في كلية الحقوق، التي تخرّج فيها سنة 1914.
شارك عوني عبد الهادي في العاصمة الفرنسية مع عدد من زملائه سنة 1911 في تأسيس جمعية العربية الفتاة القومية السرية، وانتخب في أول هيئة إدارية لها. وكان أحد أعضاء اللجنة التي دعت الى المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس، في حزيران/ يونيو 1913، برئاسة عبد الحميد الزهراوي وبالتعاون مع "حزب اللامركزية الإدارية" في القاهرة .
بقي عبد الهادي في باريس خلال سنوات الحرب العالمية الأولى، وزاول التعليم لفترة قصيرة، ثم انتقل للعمل محاسباً في أحد البنوك قبل أن تتوفر له فرصة الاشتغال في الصحافة.
لازم عبد الهادي الأمير فيصل بن الحسين في باريس ولندن مستشاراً بين سنتي 1918 و1920، ثم عاد معه إلى دمشق في مطلع سنة 1920، وانضم إلى "حزب الاستقلال العربي" الذي تأسس بصفته واجهة علنية لجمعية "العربية الفتاة" السرية.
عُيّن عبد الهادي سكرتيراً لفيصل بعد انتخابه ملكاً على سوريا في آذار/ مارس 1920، كما تقلد لفترة قصيرة أمانة الشؤون الخارجية في حكومة علي رضا الركابي التي شكّلها الملك فيصل.
رافق عبد الهادي الملك فيصل حين خروجه من سوريا، بعد دخول القوات الفرنسية إليها في 25 تموز/ يوليو 1920، وأقام في القاهرة فبل أن ينتقل، سنة 1921، إلى عمّان حيث أسند إليه الأمير عبد الله بن الحسين رئاسة الديوان الأميري بإمارة شرق الاردن.
عاد عبد الهادي إلى القدس في أواخر سنه 1921، وصار يزاول المحاماة، واقتصر نشاطه الوطني، في تلك الفترة، على تتبع الأحداث السياسية، وعلى المشاركة في عضوية "اللجنة المركزية لإعانة منكوبي سوريا" التي تشكلت سنة 1925 بعد اندلاع الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي.
بدأ دوره يبرز في إطار الحركة الوطنية الفلسطينية بعد مشاركته في أعمال المؤتمر العربي الفلسطيني السابع، الذي عقد في القدس ما بين 20 و27 حزيران 1928، وانتخابه عضواً في اللجنة التنفيذية العربية التي انبثقت عن ذلك المؤتمر.
وبصفته هذه، شارك عبد الهادي في معظم الوفود الفلسطينية إلى الخارج، كما أدلى بشهاداته أمام لجان التحقيق البريطانية المتتابعة، ومن بينها "لجنة شو" (Shaw) التي أوفدتها الحكومة البريطانية في تشرين الأول/ أكتوبر 1929 للتحقيق في حوادث "البراق"، و"لجنة بيل" (Peel) للتحقيق في أحداث الإضراب العام والثورة والتي توجهت إلى فلسطين في تشرين الثاني/ نوفمبر 1936 .
شارك عبد الهادي في المؤتمر الإسلامي العام الذي عقد في القدس في كانون الأول/ ديسمبر سنة 1931، وانتخب عضواً في اللجنة التنفيذية التي انبثقت عنه. كما استضاف في منزله، في 13 كانون الأول في فترة انعقاد هذا المؤتمر، "المؤتمر العربي القومي" الذي ضمَّ عدداً من رجال "العربية الفتاة" والعهد الفيصلي والذي اتفق فيه المجتمعون على إصدار ميثاق قومي عربي وحدوي.
شارك عبد الهادي، في 2 آب/ أغسطس 1932، في الإعلان رسمياً في القدس عن إعادة تشكيل "حزب الاستقلال العربي" على قاعدة المبادئ الثلاثة الآتية: استقلال البلاد العربية استقلالاً تاماً؛ البلاد العربية وحدة تامة لا تقبل التجزئة؛ فلسطين بلاد عربية وهي جزء طبيعي من سوريا. وانتخب في الهيئة المركزية لهذا الحزب.
اعتقلت السلطات البريطانية عبد الهادي في إثر مشاركته في مظاهرة يافا الحاشدة في تشرين الأول 1933 ضد السياسة البريطانية المؤيدة للصهيونية، وحكم مع عدد من رفاقه بالسجن لمدة عشرة أشهر مع الأشغال الشاقة، إلا أنه لم يسجن فعلياً سوى مدة قصيرة وارتضى الخروج من السجن بعد تعهد مكتوب.
تولى عبد الهادي، بعد اندلاع الإضراب العام في نيسان/ أبريل 1936 ضد السياسة البريطانية، منصب أمين سر "اللجنة العربية العليا" التي ترأسها الحاج أمين الحسيني. وقد اعتقلته السلطات البريطانية مع من اعتقلت في معتقل الصرفند لبضعة أشهر خلال الإضراب العام.
بعد صدور تقرير "لجنة بيل" (Peel)، في 7 تموز 1937، الذي يدعو إلى تقسيم فلسطين، سافر عبد الهادي، موفداً عن "اللجنة العربية العليا"، إلى بغداد ومنها إلى جنيف ليشرح وجهة النظر العربية الرافضة لمشروع التقسيم أمام لجنة الانتدابات الدائمة في عصبة الأمم. وتوجّه من جنيف إلى باريس لاستحالة عودته إلى فلسطين، بعد تصاعد الثورة ضد التقسيم، ومنها انتقل، أواخر سنة 1937، إلى القاهرة حيث أمضى عدة سنوات لرفض السلطات البريطانية عودته، وغيره من الزعماء الوطنيين، إلى فلسطين، وقد بذل خلال تلك الفترة جهوداً في حض الساسة المصريين على الاهتمام بالقضية الفلسطينية. واختير عضواً في الوفد الفلسطيني إلى "مؤتمر المائدة المستديرة" الذي عقد في لندن في شباط/ فبراير سنة 1939.
في مطلع سنة 1941، كلفه الملك السعودي عبد العزيز القيام بجولة في الأقطار العربية من أجل الاتفاق على تأليف هيئة عربية عليا تعمل على توحيد توجهات الحكومات العربية وإزالة ما بينها من خلاف.
سمحت له السلطات البريطانية بالعودة إلى القدس في مطلع سنة 1943، فشارك في المساعي الرامية إلى إعادة تنظيم "حزب الاستقلال العربي"، وفي الجهود الهادفة إلى إنقاذ أراضي فلسطين من السقوط في أيدي المؤسسات الصهيونية.
وجّه عبد الهادي احتجاجاً على الملحق الخاص بفلسطين الذي صدر مع ميثاق الجامعة العربية، في 22 آذار 1945، لأنه لم ينص صراحة على استرداد الحقوق الطبيعية لعرب فلسطين، وذلك لمراعاة الدول العربية الأعضاء علاقاتها مع بريطانيا المهيمنة على المشرق العربي و"المنتدبة" على فلسطين.
شارك عبد الهادي في عضوية "اللجنة العربية العليا" التي رعى إعادة تشكيلها (بعد أن حظرتها السلطات البريطانية سنة 1937) جميل مردم بك، رئيس الوزراء السوري بالوكالة، الذي انتدبته الجامعة العربية، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1945، لزيارة فلسطين والتوسط بين الأحزاب الفلسطينية لتأليف هيئة تمثيلية لهم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. كما شارك عبد الهادي في عضوية "الجبهة العربية العليا" التي تشكلت في نهاية أيار/ مايو 1946 من ممثلي الأحزاب الفلسطينية الخمسة المعارضة لـ "الحزب العربي الفلسطيني" بزعامة جمال الحسيني.
كان عبد الهادي أحد ممثلي العرب الذين أدلوا بشهاداتهم، في آذار/ مارس 1946، أمام لجنة التحقيق الأنغلو- أميركية التي قدمت إلى فلسطين.
حضر عبد الهادي اجتماع مجلس الجامعة العربية الذي عقد في بلدة بلودان السورية، من 8 إلى 12 حزيران/ يونيو 1946، للرد على تقرير لجنة التحقيق الأنغلو– أميركية.
انتقل عبد الهادي إلى دمشق قبل انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في 15 أيار/ مايو 1948، وسافر منها إلى القاهرة، حيث أقام خلال الأشهر الأولى من القتال، وسافر، في أواخر أيلول/ سبتمبر 1948، إلى غزة للمشاركة في المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي أُعلن فيه عن تشكيل "حكومة عموم فلسطين"، وعن اختياره عضواً فيها. إلا أنه ما لبث أن استقال من عضويتها وعاد إلى دمشق مكرّساً معظم وقته لاتصالاته مع الساسة السوريين والعرب وكتابة يومياته.
وخلال وجوده في دمشق، كان عبد الهادي يتردد على عمان، إلى أن قرر سنة 1951 الاستقرار فيها، حيث تبوأ مناصب عدة: فعُيّن، في مطلع أيلول/ سبتمبر 1951، وزيراً مفوضاً للمملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة؛ ثم سفيراً لها حتى كانون الأول 1955؛ ثم عضواً في مجلس الأعيان الأردني؛ ثم وزيراً للخارجية من تموز 1956 وحتى نهاية تلك السنة.
غادر عبد الهادي عمّان إلى القاهرة في مطلع سنة 1964 بعد اختياره رئيساً للجنة القانونية الدائمة التابعة لجامعة الدول العربية، وجددت رئاسته لهذه اللجنة مرات عديدة حتى وفاته في 15 آذار 1970.
عوني عبد الهادي سياسي ودبلوماسي لامع مخضرم، وعروبي استقلالي ووحدوي واسع الاطلاع ووثيق الصلة بالقيادات الوحدوية في العواصم العربية، وهو إلى ذلك محام طويل الباع ساهم في الدفاع عن حقوق المزارعين العرب تجاه المحاولات الصهيونية للاستيلاء على أراضيهم. ويعتبر عبد الهادي من أبرز زعماء القضية الفلسطينية خلال فترة الانتداب. عُرف بسرعة بديهته وخفة ظله وحسن عشرته.
توفي في القاهرة ودفن فيها.
من آثاره:
مقدرات تركيا التاريخية (مترجم من التركية الى الفرنسية). باريس: بايو (Payot)، 1915.
"مذكرات عوني عبد الهادي". تقديم وتحقيق خيرية قاسمية. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2002.
"عوني عبد الهادي، أوراق خاصة". إعداد خيرية قاسمية. بيروت: منظمة التحرير الفلسطينية- مركز الأبحاث، 1974.
المصادر:
الحوت، بيان نويهض. "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917- 1948". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981.
دروزة، محمد عزة. "مذكرات محمد عزة دروزة: سجل حافل بمسيرة الحركة العربية والقضية الفلسطينية خلال قرن من الزمن". بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1993.
العودات، يعقوب. "من أعلام الفكر والأدب في فلسطين". عمّان: د. ن.، 1976.
"من هو؟: رجالات فلسطين 1945- 1946". ط 2. عمان: مؤسسة التعاون، 1999.
"الموسوعة الفلسطينية"، القسم العام، المجلد الثالث. دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.
نويهض، عجاج. "رجال من فلسطين". بيروت: منشورات فلسطين المحتلة، 1981.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., rev. and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.