إميل توما
ولد في مدينة حيفا. والده: جبرائيل حنا توما؛ والدته: ماري حبيب خوري. زوجته: حايا؛ ابنه: ميخائيل.
تلقى علومه الابتدائية في "المدرسة الأرثوذكسية" في حيفا، ثم أكمل تعليمه الثانوي في مدرسة المطران غوبات (مدرسة صهيون) في القدس، حيث بدأ يتعرّف إلى الأفكار الاشتراكية من خلال احتكاكه بعدد من أساتذتها، ومنهم الأديب اللبناني المعروف رئيف خوري، الذي كان يجمع طلابه مع صديق له من الشيوعيين الفلسطينيين، كان يتردد على المدرسة، هو عبد الله البندك.
شارك إميل توما سنة 1937 في تأسيس "اتحاد الطلاب العرب" في فلسطين، الذي نشط في المجال الوطني من خلال المشاركة في التظاهرات الوطنية، وتنظيم دورات تعليمية للأولاد الأميين، والقيام بزيارات إلى القرى في العطل الصيفية للتعرف إلى حياة الفلاحين. وقد تبنى هذا الاتحاد، بعد فترة قصيرة من تأسيسه، اسم "رابطة الطلبة العرب".
سافر توما، في أواخر سنة 1937، إلى بريطانيا للدراسة في كلية الحقوق في جامعة كامبردج، لكنه قفل عائداً إلى فلسطين بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية. وانتسب، بعد رجوعه، إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني السري، ثم شارك، في أيلول/ سبتمبر 1941، في تشكيل "رابطة المثقفين العرب" في فلسطين، وانتُخب عضواً في لجنتها المركزية.
وكان إميل في سنة 1942، مع رفيقيه توفيق طوبي وبولس فرح، من مؤسسي نادي "شعاع الأمل" في حيفا، ليكون بمثابة صلة وصل بين أعضاء "رابطة المثقفين العرب" وبين العمال العرب العاملين في شركات النفط ومصافي تكرير البترول في ضواحي المدينة. بيد أنه لم تمضِ سوى فترة قصيرة على تأسيسه، حتى قرر هذا النادي، في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1942، حل نفسه وتشكيل "اتحاد نقابات وجمعيات العمال العرب"، ليصبح في مطلع سنة 1944، أحد ركائز "عصبة التحرر الوطني في فلسطين" التي ضمت معظم الشيوعيين العرب الذين انفصلوا عن الحزب الشيوعي الفلسطيني القائم، وكان معظم أعضاء الحزب من المهاجرين اليهود، وانتخب إميل أميناً لسر العصبة.
في 14 أيار/ مايو 1944، أصدر "اتحاد نقابات وجمعيات العمال العرب" في حيفا جريدة "الاتحاد" الأسبوعية، وكان إميل صاحبها ومحررها المسؤول، وذلك قبل أن يتأسس "مؤتمر العمال العرب"، في آب/ أغسطس 1945، الذي صار يمثل الجناح الشيوعي داخل الحركة النقابية العمالية في فلسطين.
كان لإميل توما دور مهم في تنظيم النشاط العربي الفلسطيني السياسي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ذلك بأنه ساهم، في ربيع سنة 1946، في تأسيس "الجبهة العربية العليا" التي ضمت ممثلي الأحزاب العربية الفلسطينية باستثناء "الحزب العربي الفلسطيني" الذي كان يعتبر نفسه ممثل "اللجنة العربية العليا" التي حلّتها السلطات البريطانية سنة 1937 ولم تسمح بإعادة إنشائها حتى سنة 1946، وذلك إلى أن قررت جامعة الدول العربية، في 12 حزيران/ يونيو 1946، تأليف "الهيئة العربية العليا" بصفتها القيادة الوحيدة للحركة الوطنية وخليفة "اللجنة العربية العليا".
شارك إميل سنة 1947، مندوباً عن "عصبة التحرر الوطني"، في مؤتمر الأحزاب الشيوعية في بلدان الإمبراطورية البريطانية الذي عقد في لندن.
كان إميل من بين قلة من أعضاء قيادة "عصبة التحرر الوطني في فلسطين"، عارضت قرار تقسيم فلسطين الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، وصوتت لصالحه الكتلة السوفياتية بزعامة موسكو.
اضطر إميل توما، بعد وقوع نكبة فلسطين، إلى اللجوء إلى لبنان، حيث سجن، بسبب نشاطه السياسي الشيوعي، لأشهر قليلة في معسكر للاعتقال في مدينة بعلبك. وفي نيسان/ أبريل 1949، قرر العودة إلى مدينته حيفا، التي كانت القوات الصهيونية قد احتلتها، كي يواصل نضاله السياسي والاجتماعي في إسرائيل في صفوف "الحزب الشيوعي الإسرائيلي" الذي انضم إليه أعضاء "عصبة التحرر الوطني" عقب اتحادهم مع الشيوعيين اليهود في إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر 1948، بعد أن كانوا قد انفصلوا عنهم. كما عاد يعمل في هيئة تحرير جريدة "الاتحاد"، وفي تحرير مجلة "الجديد".
طلبت قيادة "الحزب الشيوعي الإسرائيلي" من إميل أن يقدم انتقاداً ذاتياً لمعارضته السابقة قرار التقسيم، ومع أنه قدم الانتقاد الذاتي المطلوب، إلا أنه لم يُنتخب في لجنة الحزب المركزية ثم في مكتبها السياسي سوى عقب الانقسام الجديد الذي وقع سنة 1965 داخل صفوف الحزب، ونجم عنه خروج أعضائه العرب وعدد من رفاقهم اليهود وتأسيسهم "القائمة الشيوعية الجديدة" (راكاح) في إسرائيل، التي عادت وتبنت اسم "الحزب الشيوعي الإسرائيلي" في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي.
وكان إميل توما قد سافر إلى موسكو، في أواسط سنة 1965، تلبية لدعوة من معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم، لإعداد فصول عن تاريخ الشعوب العربية الحديث ومشكلات الوحدة العربية. وفي آذار/ مارس 1968، حصل على درجة الدكتوراه استناداً إلى أطروحة قدمها حول الموضوع نفسه. وكان قد أصدر، قبل سفره إلى موسكو، كتابين تاريخيين، الأول سنة 1960، بعنوان: "العرب والتطور التاريخي في الشرق الأوسط"، والثاني سنة 1962، بعنوان: "ثورة 23 تموز في عقدها الأول".
لعب إميل توما دوراً مهماً في منتصف السبعينيات من القرن الماضي في تشكيل "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" وانتخب مُركّزاً لعملها، كما شارك في تأسيس "اللجنة القطرية للدفاع عن أراضي العرب في إسرائيل"، وترأس، في النصف الثاني من السبعينيات، هيئة تحرير صحيفة "الاتحاد"، ثم عُيّن، بعد استقالته من رئاسة تحريرها في أيار/ مايو 1980، رئيساً لتحرير مجلة "الجديد" وظل يشغل هذا الموقع حتى وفاته.
توفي إميل توما في أحد مستشفيات مدينة بودابست، ونقل جثمانه إلى حيفا حيث شيّعه عشرات الآلاف من الناس ودفن في المقبرة الأرثوذكسية، وبناءّ على طلبه حُفرت على ضريحه الكلمات الآتية: "لقد أحببت شعبي حباً ملأ عليّ مشاعري وآمنت بأخوة الشعوب إيماناً عميقاً لا تحفّظ فيه."
كان إميل توما واحداً من أبرز القادة الفلسطينيين الماركسيين، الذين ساهموا في صون الهوية العربية للفلسطينيين في إسرائيل وتعزير انتمائهم إلى الشعب العربي الفلسطيني، وذلك إلى جانب كونه مؤرخاً لامعاً وناقداً أدبياً مثابراً، خلّف عشرات الكتب ومئات الدراسات والمقالات في مجالات التاريخ والفكر والنقد الأدبي. كما كان إميل، من خلال عمله في صحيفة "الاتحاد" وفي مجلة "الجديد"، منشّطاً ثقافياً بارزاً، رعى العديد من الكُتّاب والأدباء الشباب العرب الفلسطينيين في إسرائيل.
تُرجمت بعض أعماله إلى الروسية، والألمانية والعبرية، وأصدر "معهد إميل توما للأبحاث السياسية والاجتماعية" في حيفا، سنة 1995، أعماله الكاملة في خمسة أجزاء، وأطلقت بلدية مدينة حيفا اسمه على أحد شوارع الحي العربي في وادي النسناس في المدينة.
من آثاره:
"العرب والتطور التاريخي في الشرق الأوسط". حيفا: دار الاتحاد، 1960.
"جذور القضية الفلسطينية". بيروت: مركز الأبحاث- منظمة التحرير الفلسطينية، 1973.
"يوميات شعب: 30 عاماً على ’الاتحاد’". حيفا: منشورات عربسك، 1974.
"ستون عاماً على الحركة القومية العربية الفلسطينية". رام الله: البيادر، 1978.
"الحركات الاجتماعية في الإسلام". القدس: دار صلاح الدين، 1979.
"تاريخ مسيرة الشعوب العربية الحديث". بيروت: دار الفارابي، 1979.
"طريق الجماهير العربية الكفاحي في إسرائيل". عكا: دار أبو سلمى، 1982.
"الصهيونية المعاصرة: دراسات". عمان: الدار العربية للنشر والتوزيع، 1982.
"فلسطين في العهد العثماني". القدس: دار الفجر، 1983.
"الحركة القومية العربية والقضية الفلسطينية". عكا: دار الأسوار، 1984.
"منظمة التحرير الفلسطينية". حيفا: دار الاتحاد، 1986.
"مختارات في النقد الأدبي". حيفا: دار الاتحاد، 1993.
المصادر:
حمادة، محمد عمر. "موسوعة أعلام فلسطين". الجزء الأول. دمشق: دار قتيبة، 1985.
ديكان-واصف، سارة. "معجم الكتّاب الفلسطينيين". باريس: معهد العالم العربي، 1999.
شاهين، أحمد عمر. "موسوعة كتّاب فلسطين في القرن العشرين" الجزء الأول. دمشق: المركز القومي للدراسات والتوثيق، 1992.
الشريف، ماهر. "إميل توما ودور التأريخ في معركة الثقافة الوطنية الفلسطينية". في "قضايا وشهادات: كتاب ثقافي دوري". نيقوسيا: مؤسسة عيبال للدراسات والنشر، العدد 4، خريف 1991، ص 284-312.
لوباني، حسين علي. "معجم أعلام فلسطين في العلوم والفنون والآداب". بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2012.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: A Biographic Dictionary. 2nd ed., revised and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.
Descamps-Wassif, Sara. Dictionnaire des écrivains palestiniens. Paris: Institut du monde arabe, 1999.
Touma, Emile, “Interview.” Journal of Palestine Studies 13, no. 1 (Autumn 1985): 15-24.