سيرة

محمد أمين الحسيني

سيرة

محمد أمين الحسيني

1895, القدس
4 تموز 1974, بيروت

ولد محمد أمين الحسيني في القدس. والده الحاج طاهر. له تسعة أخوة : هو وكامل من أم هي زينب؛ ثمانية أخوة من أم أخرى هي محبوبة. لديه ابن هو صلاح الدين، وست بنات: زينب، وسعاد، وأسماء، ونفيسة، وجهاد، وأمينة.

تلقى علومه في القدس. التحق بالجامع الأزهر في القاهرة. أدى فريضة الحاج مع أهله سنة 1913، وهو شاب، فأُطلق عليه لقب "الحاج" ولازمه هذا اللقب حتى وفاته.

أرسله والده إلى إسطنبول سنة 1915 للدراسة، ولكنه انتسب إلى الكلية العسكرية وتخرج منها برتبة ضابط صف والتحق بالثورة العربيّة بقيادة الأمير فيصل قبيل انتهاء الحرب العالميَة الأولى.

عند بدء الاحتلال البريطاني لفلسطين، عُيّن سنة 1918 مرافقاً خاصاً للحاكم البريطاني العسكري، ولم يلبث أن استقال من منصبه احتجاجاً على سياسة بريطانيا المؤيدة للصهيونية ومارس التعليم في كلية المعارف في القدس.

انتخب رئيساً لـ "النادي العربي" في القدس، وهو أول تنظيم سياسي في فلسطين مناوئ  لسياسة وعد بلفور.

حكمت السلطات البريطانية سنة 1920 عليه بالسجن غيابياً لتزعمه مظاهرات تلك السنة. هرب الى الكرك ومنها إلى دمشق خلال العهد الفيصلي.

عاد إلى القدس سنة 1920 بعد أن عفا عنه المندوب السامي السير هربرت صموئيل المعيّن حديثاً، وفاز بمنصب الإفتاء في أيار/ مايو سنة 1921 خلفاً لأخيه الأكبر كامل بعد وفاة الأخير. وفي كانون الثاني: يناير 1922، عيّن رئيسا لـ "المجلس الإسلامي الأعلى" الذي استحدثه صموئيل، فشغل الحاج أمين هذين المنصبين الهامين- إلى حين مغادرته فلسطين مكرهاً سنة 1937- بهمة ونشاط عظيمين، فضلاً عن قيادته الحركة الوطنيّة خفية حذراً من الحكومة البريطانية، فغدا أبرز زعماء البلد العرب وأوسعهم نفوذاً من دون أن ينجو من معارضة "المعارضة" بزعامة راغب النشاشيبي، وعرف مؤيدو الحاج بـ "المجلسيين" نسبة إلى "المجلس الإسلامي الأعلى".

اتهمه الصهاينة بتدبير "ثورة البرّاق" سنة 1929، غير أن الحكومة البريطانيّة برّأته من هذه "التهمة". أشرف سنة 1931 على عقد "المؤتمر الإسلامي العام" في القدس، آملاً بحشد طاقات العالم الإسلامي في مواجهة الصهيونية مقابل الطاقات العالمية التي كانت قد حشدتها هذه الأخيرة، وترأس أعماله. وكان من نتائج المؤتمر أن توطّدت سمعة الحاج أمين عربياً وإسلامياً. وقام سنة 1933 بجولة في عدد من الدول العربية: العراق والكويت والمملكة السعودية، للحض على دعم القضية الفلسطينية، وتولي مهمة الوساطة بين السعودية واليمن سنة 1933 لإنهاء ما نشأ بينهما من نزاع واقتتال.

 ترأس سنة 1936 بعد تردد "اللجنة العربية العليا" التي ضمت زعماء الأحزاب الفلسطينية كافة والتي قادت "الإضراب العام" سنة 1936 و"الثورة الفلسطينية الكبرى" سنة 1937- 1939 ضد "مشروع تقسيم" البلاد الذي أوصت به "اللجنة الملكية البريطانية" برئاسة اللورد بيل (.(Peel

وفي إثر اغتيال رجال الثورة لحاكم لواء الجليل لويس أندروز ((Andrews في أيلول/ سبتمبر 1937- بعد صدور مشروع التقسيم – عزلت الحكومة البريطانية الحاج أمين من رئاسة المجلس الاسلامي وقررت إلقاء القبض على أعضاء اللجنة العربية العليا بمن فيهم الحاج أمين، فلجأ الأخير الى الحرم الشريف ومنه سراً إلى يافا فلبنان حيث أقام، ليدير الثورة من منفاه إلى حين اندلاع الحرب العالمية الثانية سنة 1939، الأمر الذي اضطره إلى الخروج من لبنان واللجوء إلى العراق، هرباً من الاعتقال من قبل السلطة الفرنسية الانتدابية.

لم تدعُ  الحكومة البريطانية الحاج أمين إلى "مؤتمر لندن" سنة 1939، الذي صدر عنه "الكتاب الابيض" لسنة 1939 والذي رفضه الحاج أمين، ولكنها أرسلت الى العراق مبعوثاً لمفاوضة المقربين منه بشأنه، إلاّ أن رئيس الوزارة البريطاني المستر تشرشل لم يلبث أن أجهض هذه المفاوضات لغلوّه في تأييد الصهيونيّة.

غدا الحاج أمين في العراق قطب الحركة الوطنية العراقية المناهضة لبريطانيا، والتي أسفرت عن "حركة رشيد عالي الكيلاني" الانقلابية.

غادر الحاج أمين العراق بعد فشل هذه الحركة سنة 1941 الى إيران، وانتقل من إيران إلى تركيا وغادرها إلى دول "المحور" (ألمانيا وإيطاليا)، بعد رفض تركيا طلبه اللجوء اليها، وظل الحاج أمين متنقلاً بين برلين وروما طيلة الحرب، واشترك في الحرب الدعائية ضد بريطانيا وفرنسا من خلال إذاعات بالعربية من محطات الراديو المحورية.

حاول الحاج أمين دون جدوى اللجوء إلى سويسرا بعد هزيمة دول "المحور" ووقع في أسر القوات الفرنسية في ألمانيا، وغضّت السلطات الفرنسية النظر عن "هروبه" نكاية بلندن، لدورها في إخراجها من كلٍ من سوريا ولبنان بعيد الحرب العالمية الثانية، فلجأ الحاج أمين إلى مصر في نيسان/ أبريل 1946 ونزل ضيفاً على الملك فاروق واتخذ من القاهرة مقراً حيث أن السلطات البريطانية لم تكن لتسمح له بالعودة إلى فلسطين.

كانت "الجامعة العربيّة" قد أعادت تأليف "اللجنة العربيّة العليا" سنة 1946 وتركت منصب رئيسها شاغراً وأصبح اسمها الجديد "الهيئة العربية العليا"، فترأسها الحاج أمين وهو في مصر وأعاد تأليفها. وتولت الهيئة العربية قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة من الانتداب البريطاني ووقفت ضد "قرار التقسيم" الصادر عن هيئة الأمم سنة 1947. وكان الحاج أمين يدير الحركة الوطنية الفلسطينية خلال السنوات 1946- 1948 متنقلاً بين كل من القاهرة وبيروت ودمشق دون بغداد أو عمان.

عارض الحاج أمين دخول القوات العربية النظامية وغير النظامية لفلسطين بعد نهاية الانتداب البريطاني عليها للحيلولة دون التقسيم وقيام دولة يهودية سنة 1947- 1948، وطالب بمد عرب فلسطين أنفسهم بالمال والسلاح وألّف قوات جيش الجهاد المقدس من مناضلين محليين بقيادته العليا، كما ألّف "اللجان القوميّة" في المدن لتنوب عن "الهيئة" فيها، ودعا إلى قيام حكومة فلسطينية عربية فور انتهاء الانتداب وعزم على العودة الى فلسطين للإشراف على هذا كله، إلا أن معارضة حكومتي العراق وشرق الاردن وبريطانيا حالت دون اتفاق الجامعة العربية على هذه الخطة.

وفي أيلول/ سبتمبر 1948، أعلنت الهيئة العربية العليا في غزة، بتأييد من مصر والدول العربية غير الهاشمية، عن تأليف "حكومة عموم فلسطين" برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي. وترأس الحاج أمين "المجلس الوطني الفلسطيني" الذي عقد في غزة للتأكيد على شرعية الحكومة، إلا أن انهيار الجبهة المصرية خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر 1948 أدّى إلى انتقال الحاج أمين والحكومة إلى مصر والبقاء فيها.

وفي أعقاب النكبة وفي إثر عقد "اتفاقيات الهدنة" بين الدول العربية واسرائيل، وضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية ووضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية، تضاءل دور الحاج أمين والهيئة العربية وانحسر نفوذهما، وظل الحاج أمين مقيماً في مصر لغاية سنة 1959 حين انتقل الى لبنان حيث استقر وأمضى آخر سني حياته، داعياً إلى تحرير فلسطين بقوة السلاح، معنياً بشؤون اللاجئين الفلسطينيين عن طريق مكتبي الهيئة في كل من دمشق وبيروت، ومتنقلاً بين عواصم العالم الإسلامي لحشد الدعم لقضية كرس حياته لها.

تحلّى الحاج أمين الحسيني بصلابة الرأي والصمود وعدم التراجع عمّا يراه حقاً. ولعب الدور السياسي الفلسطيني الأبرز خلال فترة الانتداب، واهتم  بالعالم العربي والإسلامي وسعى إلى جعل القضية الفلسطينية همّاً مشتركاً لهما، على أنه فشل في جلب "المعارضة" الفلسطينية إلى جانبه، وعجز لاعتبارات عديدة عن تنظيم الفلسطينيين تنظيماً قادراً على مقاومة الحركة الصهيونية في المرحلة الحاسمة عندما قررت هذه الحركة احتلال فلسطين بقوة السلاح في أعقاب قرار الهيئة العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 بتقسيم فلسطين، الذي جاء أصلاً عن طريق ضغوط الحركة ذاتها على الرئيس الأميركي الجديد وغير المنتخب هاري ترومان، خليفة سلفه المتوفي الرئيس فرانكلين روزفلت.

توفي الحاج أمين الحسيني في بيروت ودفن في مقبرة الشهداء.

 

المصادر:

دروزة، محمد عزة. "مذكرات محمد عزة دروزة: سجل حافل بمسيرة الحركة العربية والقضية الفلسطينية خلال قرن من الزمن (خمسة مجلدات). بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1993.

العودات، يعقوب. "من أعلام الفكر والأدب في فلسطين". عمان:  د. ن.، 1976.

"الموسوعة الفلسطينية"، القسم العام، المجلد الرابع. دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.

نويهض، عجاج. "رجال من فلسطين". بيروت: منشورات فلسطين المحتلة، 1981.                      

Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., rev. and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.