مذكرة بمقترحات برنادوت بشأن تسوية سلمية للموقف في فلسطين
مرسلة إلى أمين عام جامعة الدول العربية في 27/6/1948
عزيزي عزام باشا
أتشرف بأن أبعث إليكم مرافقاً لهذا نص الأفكار التي وضعتها بوصفي وسيط الأمم المتحدة لفلسطين بقصد الوصول إلى تسوية سلمية للموقف في فلسطين مستقبلاً.
وأني أعتقد أن هذه الأفكار ستلقى كل العناية من جانبكم ومن جانب أعضاء اللجنة الفرعية الخاصة وأرجو أن يتاح لي الوقوف على آرائكم فيها في وقت قريب.
وهل لي أن أرجو أن تتفضلوا بالعمل على ألا تبلغ أفكاري وآراؤكم وآراء الحكومات العربية فيها إلى الصحافة حتى أتلقى انطباعاتكم بشأنها أولاً.
مع فائق التحية.
رودس في 27 يونيو 1948
المخلص فولك برنادوت
أولاً – بيان تمهيدي
1- نص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14 مايو سنة 1948 – ضمن أحكامه – على أن يبذل وسيط الأمم المتحدة حسن مسعاه لتهيئة السبيل لتسوية سلمية للموقف في فلسطين مستقبلاً.
2- ويتبع ذلك أن هدفي الرئيسي كوسيط، هو أن أتعرف على أساس تحريات كاملة ما إذا كان من المستطاع بالتوفيق بالوسائل السلمية بين وجهات النظر والمراكز المتعارضة والمتنازعة لكل من الجانبين.
3- وقد أمكن بفضل ما أبداه الجانبان حتى الآن من استعداد طيب للتعاون أن تبدأ الهدنة في 11 يونيو فترتب عليها أحداث جو أكثر هدوءاً ومساعدة على نهوضي بعبء الوساطة الملقى على عاتقي من قبل الجمعية العامة فجرت لي في هذا الجو المتحسن محادثات مع ممثلي الجانبين وانطبعت في ذهني صورة واضحة لما يرى كل منهما أن يكون عليه مستقبل فلسطين كما أفدت من المعلومات التي زودني بها الخبراء الفنيون الذين عينوا من قبل الجانبين بناء على طلبي.
4- إن المسائل الأساسية التي تقوم عليها مطالب الطرفين المتنازعين خاصة بالتقسيم وإقامة دولة يهودية والهجرة اليهودية.
5- ولقد عنيت بدراسة ووزن وتقدير مركز كل الطرفين، وأفسر مهمتي كوسيط لا بأنها مهمة تنحصر في اتخاذ قرارات عن موقف فلسطين مستقبلاً، بل بأنها تنحصر في تقديم أفكار يمكن اتخاذها أساساً لمزيد من المناقشات، وربما للإيحاء بأفكار تهدف إلى إيجاد تسوية سلمية لهذه المشكلة العويصة. وأفكاري في المرحلة الحالية يجب أن يكون من شأنها إيجاد هيكل معقول يستطيع الطرفان الاستمرار – في نطاقه – في مشاوراتهما معي بقصد إيجاد تسوية سلمية.
6- ولقد أخذت بنظر الاعتبار في تحليلي للموقف مقتضيات الإنصاف وأماني ومخاوف وحجج كل من الطرفين. كما عنيت بالحقائق بالمستمدة من الوضع الراهن. واقتنعت بأنه يستحيل علي – كوسيط – لأسباب مردها الإنصاف والمقتضيات العملية، أن أطلب التنازل عن جميع مطالبه.
وعلى ضوء هذا التحليل أرى إمكان إيجاد تسوية تطمئن كلا من الطرفين على الاعتبارات الجوهرية الخاصة بمركز كل منهما ولكن إمكان ذلك يتوقف على رغبة الطرفين في ولوج جميع السبل لاستنباط تسوية سلمية وعلى استعدادهما لعدم معاودة القتال لحسم خلافاتهما.
7- وبالرغم من النزاع الحالي فإن هناك عاملاً مشتركاً بالنسبة لفلسطين مقبولاً من الطرفين. ذلك هو إقرارهما بوجوب قيام علاقات سلمية بين العرب واليهود في فلسطين واعترافهما بضرورة قيام وحدة اقتصادية في البلاد.
8- وقد استرشدت بهذا العامل المشترك بنوع خاص عندما قدمت أفكاري المرافقة التي أعرضها كخطوط رئيسية تتخذ أساساً للمناقشة، وأود أن أبرز أن هذه الأفكار مقدمة دون أن تكون لها صبغة نهائية أو تكون محدودة تحديداً واضحاً. وهي ترمي إلى مجرد استنباط الأسس الصالحة للمناقشة والوساطة، ولمعرفة رد الفعل الذي تحدثه في نفوس الطرفين وللوقوف على آرائهما، وكل مشروع يجوز أن تسفر عنه هذه الأفكار لا يمكن أن يعمل به إلاّ إذا قبله الطرفان عن محض اختيار ونفذاه وعندئذ لا يكون هناك محل لفرضه.
9- وفيما يتعلق بالخطة التي أزمع السير عليها في المستقبل، أرى أنه إذا كانت هذه الأفكار أو غيرها مما يقدم فيما بعد نتيجة لدرسها من الجانبين تصلح أساساً للمناقشة فإني سأستمر في أبحاثي ما دامت لازمة ومثمرة، أما إذا رفضت أفكاري أو تلك التي تترتب عليها ولم تقبل كأساس للمناقشة – وهو ما أرجو ألا يقع – فإني سأرفع الأمر إلى مجلس الأمن وعندئذ أكون في حل من أن أقدم له ما أراه ملائماً من استنتاجات.
رودس في 27 يونيو سنة 1948
الإمضاء: كونت فولك برنادوت
وسيط الأمم المتحدة لفلسطين
ثانياً – أفكار مقدمة من وسيط الأمم المتحدة لفلسطين
يقدم الوسيط الأفكار الآتية كأساس ممكن للمناقشة:
1- يمكن النظر في إيجاد نظام ينشأ بمقتضاه في فلسطين اتحاد مكون من عضوين أحدهما عربي والآخر يهودي على أن يكون ذلك بموافقة ورضى أصحاب الشأن المباشر وأن تكون فلسطين شاملة لشرق الأردن طبقاً للتعريف الوارد في صك الانتداب الذي عهد به في عام 1922 إلى المملكة المتحدة.
2- تعين حدود أراضي كل من العضوين في بداية الأمر بطريق المفاوضة وبمساعدة الوسيط ووفق أفكار يقدمها وعندما يتم الاتفاق على الخطوط الرئيسية للحدود تحدد نهائياً بواسطة لجنة تخطيط.
3- أغراض ووظائف الاتحاد تتلخص في النهوض بالمصالح الاقتصادية المشتركة وتسيير وصيانة المرافق المشتركة بما فيها الجمارك ورسم الإنتاج وتولي المشروعات التي ترمي إلى زيادة عمران البلاد وتنسيق السياسة الخارجية وتدابير الدفاع المشترك.
4- وظائف وسلطة الاتحاد يمكن أن تمارس بمواسطة مجلس مركزي وغير ذلك من الهيئات التي يقررها عضوا الاتحاد.
5- يجوز لكل عضو من عضوي الاتحاد أن يشرف إشرافاً كاملاً على شؤونه الخاصة بما فيها العلاقات الخارجية وذلك مع عدم الإخلال بأحكام ميثاق الاتحاد.
6- الهجرة إلى إقليم كل عضو تكون من اختصاص هذا العضو على أن يكون لكل منهما بعد سنتين من إنشاء الاتحاد الحق في أن يطلب من مجلس الاتحاد إعادة النظر في سياسة الهجرة التي يتبعها العضو الآخر وفي أن يخضعها لما تقضي به المصالح المشتركة للاتحاد. وإذا عجز المجلس عن الوصول إلى قرار في هذا الشأن أمكن لكل عضو في الاتحاد أن يرفع الأمر للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة الذي يصدر قراراً ملزماً لعضو الاتحاد الذي كانت سياسته موضع البحث على أن يكون ذلك وفق مبدأ المقدرة الاقتصادية على الاستيعاب.
7- تكون الحقوق الدينية وحقوق الأقليات مصونة من جانب كل عضو في الاتحاد ومكفولة من الأمم المتحدة.
8- تكون الأماكن المقدسة والمباني والأماكن الدينية مضمونة والحقوق الحالية عليها مضمونة من جانب كل من عضوي الاتحاد.
9- يعترف لسكان فلسطين الذين تركوها بسبب الظروف الناشئة عن النزاع الحال بحقهم في العودة إلى ديارهم بدون قيد وبأن يستردوا ممتلكاتهم.
رودس في 27 يونيه سنة 1948
الإمضاء: كونت فولك برنادوت
وسيط الأمم المتحدة لفلسطين
ثالثاً – ذيل للأفكار – مسائل إقليمية
بالإشارة إلى الفقرة الثانية من الأفكار يرى أن بعض الترتيبات الإقليمية جديرة بالنظر وهذا يمكن أن يجري وفق الخطوط الآتية:
1- ضم النقب – كله أو جزء منه – إلى الإقليم العربي.
2- ضم الجليل الغربي – كله أو جزء منه – إلى الإقليم اليهودي.
3- ضم مدينة القدس إلى الإقليم العربي مع منح الطائفة اليهودية حق الاستقلال بشؤونها البلدية ووضع تدابير خاصة لحماية الأماكن المقدسة.
4- النظر في نظام مدينة يافا.
5- إنشاء ميناء حر في مدينة حيفا تدخل فيه منطقة معامل تكرير البترول ومصباته.
6- إنشاء مطار حر في اللد.
رودس في 27 يونيه سنة 1948
الإمضاء: كونت فولك برنادوت
وسيط الأمم المتحدة لفلسطين
المصدر: جامعة الدول العربية، الوثائق الرئيسية في قضية فلسطين، المجموعة الثانية، 1947- 1950 (القاهرة: جامعة الدول العربية، الإدارة العامة لشؤون فلسطين، 1947)، 168- 173.