فيصل الحسيني
ولد فيصل الحسيني في 17 تموز/ يوليو 1940 في مدينة بغداد لعائلة وطنية فلسطينية عريقة.
والده: عبد القادر؛ والدته: وجيهة الحسيني.
زوجته: نجاة الحسيني؛ ابنه: عبد القادر.
تولى جده موسى كاظم الحسيني في سنة 1918 رئاسة بلدية القدس، ثم اختاره المؤتمر الوطني الفلسطيني الثالث، الذي عُقد في حيفا في كانون الأول/ ديسمبر 1920، رئيساً له ورئيساً للجنة التنفيذية العربية التي انبثقت منه، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى وفاته في سنة 1934. أمّا والده عبد القادر الحسيني فكان قائد ومؤسس جيش الجهاد المقدس، وبطل معركة القسطل وشهيدها في نيسان/ أبريل 1948.
انتقل والده إلى بغداد مضطراً عقب القضاء على الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939، وشارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني التي اندلعت في سنة 1941 ضد الاستعمار البريطاني للعراق، ثم انتقل، بعد إجهاض تلك الثورة، إلى السعودية حيث التحقت أسرته به في سنة 1944. وفي سنة 1946، استقرت العائلة في مصر والتحق فيصل الحسيني بالمدرسة حيث أنهى في القاهرة دراسته الابتدائية والثانوية. وفي خريف سنة 1956، تطوع مع شقيقيه في قوات المقاومة الشعبية التي شاركت في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر، وانضم في سنة 1958 إلى حركة القوميين العرب، وسافر إلى بغداد للالتحاق بكلية العلوم، لكنه اضطر إلى مغادرة العراق في السنة التالية، بسبب النزاع الذي نشب بين القوميين العرب والشيوعيين، وعاد إلى القاهرة حيث التحق بكلية العلوم وانتسب إلى رابطة الطلبة الفلسطينيين، ثم شارك في سنة 1959 في تأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين، وتعرّف في العاصمة المصرية على ياسر عرفات. وفي سنة 1963، شارك في دورة عسكرية تدريبية نُظمت في مصر لأعضاء منظمة شباب الثأر، وهي المنظمة الفدائية التي أسستها حركة القوميين العرب.
عاد فيصل الحسيني إلى القدس في سنة 1964، ليعمل مسؤولاً لدائرة التنظيم الشعبي في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية. وفي سنة 1966، انتقل إلى سورية ليلتحق بالكلية الحربية في حلب وينضم بعد ذلك إلى صفوف جيش التحرير الفلسطيني. وعقب هزيمة حزيران/ يونيو 1967، أشرف الحسيني على معسكر تدريبي لمئات المتطوعين الفلسطينيين في بلدة كيفون اللبنانية، ثم تسلل عبر نهر الأردن إلى مدينة القدس المحتلة واستقر فيها، وبدأ يعمل على تنظيم المقاومة ضد الاحتلال، الأمر الذي أدى اعتقاله من جانب السلطات الإسرائيلية والحكم عليه بالسجن لمدة عام واحد في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 1967.
عقب إطلاقه، قرر فيصل الحسيني البقاء في القدس المحتلة، وانضم إلى صفوف حركة "فتح"، وخاض مواجهة قانونية مع سلطات الاحتلال استمرت نحو عشر سنوات، نجح في نهايتها في الحصول على بطاقة هوية مقدسية. وبرزت مساهمته في تنظيم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ابتداء من سنة 1969، وفي سنة 1980 أسس بالتعاون مع مجموعة من الأكاديميين الفلسطينيين جمعية الدراسات العربية التي تعرضت لمضايقات من الإسرائيليين، وأُغلقت أكثر من مرة. كما شارك في تلك الفترة في عضوية لجنة التوجيه الوطني التي شُكلت في المناطق المحتلة وضمت عدداً من الشخصيات الوطنية.
وفي سنة 1981، قاد فيصل حملة لاختراق الحصار الذي فرضته القوات الإسرائيلية على أهل الجولان، فوضعته السلطات الإسرائيلية تحت الإقامة الجبرية في القدس في الفترة 1982 – 1987، الأمر الذي منعه من إكمال دراسة التاريخ في كلية الآداب بجامعة بيروت العربية التي التحق بها في سنة 1977. وأنشأ فيصل الحسيني في سنة 1987 المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، ولجنة مواجهة القبضة الحديدية، وكان من أبرز قادة الانتفاضة الشعبية في تلك الفترة، واعتُقل في السنة ذاتها واستمر اعتقاله بصورة متقطعة حتى سنة 1989. وبسبب إغلاق مكاتب جمعية الدراسات العربية خلال تلك الأعوام، حوّل بيته مكتباً يمارس منه نشاطاته الرسمية والشعبية.
وفي سنة 1991، أدار الحسيني المحادثات التمهيدية لمؤتمر السلام في مدريد مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر، ثم شارك في الإشراف على الفريق الفلسطيني إلى مفاوضات السلام التي عُقدت في واشنطن. واتخذ في سنة 1991 من مبنى فندق الأورينت هاوس (Orient House Hotel) في القدس مقراً له، وهو المكان الذي أصبح يعرف باسم "بيت الشرق" ليكون العنوان السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في المناطق المحتلة، بحيث تعقد فيه جميع الاجتماعات الخاصة بالفريق الفلسطيني، كما يتم استقبال الزوار الأجانب الرسميين الذين كانوا يحضرون للقاء الشخصيات الفلسطينية. وحصل الحسيني في تلك السنة على جائزة برونو كرايسكي لحقوق الإنسان. وفي مطلع تموز/ يوليو 1994، كان على رأس الجموع الفلسطينية التي توجهت إلى معبر رفح لاستقبال الرئيس ياسر عرفات بعد عودته التاريخية إلى أرض الوطن. وتسلّم، في سنة 1995، مسؤولية ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، وفي السنة التالية انتخبه المجلس الوطني الفلسطيني عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ومن موقعه هذا، تصدى فيصل الحسيني لسياسات السلطات الإسرائيلية المحتلة في القدس، ودافع عن عروبتها وعن الأماكن المقدسة فيها، وقاد التظاهرات، وقاوم الاستيطان في مختلف المواقع، وخصوصاً في جبل أبو غنيم. كما شارك، في 28 أيلول/ سبتمبر 2000 مع أبناء مدينته في التصدي للجولة الاستفزازية التي قام بها أريئيل شارون إلى باحة الحرم القدسي، والتي أدت إلى اندلاع الانتفاضة الثانية. وتعرض الحسيني لعدة محاولات اغتيال على أيدي المستوطنين الإسرائيليين، الذين قاموا في سنة 1995 بإطلاق النار على منزله، كما حاولت سيارة إسرائيلية يقودها أحدهم أن تصدم سيارته.
وبفضل نشاطه الدؤوب ونضالاته، كرّس الحسيني، الذي اشتُهر بلقب "أمير القدس" هذه المدينة عاصمة فعلية لفلسطين، وقام بعدد كبير من الجولات في عواصم الدول العربية والأجنبية للدفاع عن عروبتها وعن عدالة القضية الفلسطينية. في 31 أيار/ مايو 2001 رحل فيصل الحسيني خلال زيارته للكويت، ودفن في اليوم التالي في باحة الحرم القدسي الشريف بجوار والده وجده، بعد أن شيعه عشرات الآلاف من الفلسطينيين في جنازة لم تشهد القدس لها مثيلاً من قبل. ونظراً إلى مكانته الدولية المرموقة، فقد أبّنه أعضاء مجلس الأمن بالوقوف دقيقة صمت على روحـه.
من مقابلاته الصحافية:
"الانتفاضة في مرحلة إعادة التقويم والبناء". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 6 (ربيع 1991)، ص 89-95.
"حديث صحافي لمسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، فيصل الحسيني، يتناول فيه مقترحات الرئيس بيل كلينتون". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 45-46 (شتاء/ ربيع 2001)، ص 171-172.
"مسؤول ملف القدس في السلطة الفلسطينية. فيصل الحسيني: نقل السفارة الاميركية سيدخل المنطقة في صراع دموي". "الحياة". 3 نيسان/ أبريل 2001.
المصادر:
أبو بكر، توفيق. "فيصل الحسيني كما عرفناه". عمّان: مركز جنين للدراسات الاستراتيجية، 2001.
شبيب، سميح. "فيصل الحسيني سياسياً ومناضلاً: سيرة موجزة". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 48 (خريف 2001)، ص 117-121.
عشراوي، حنان. "في الذاكرة: فيصل الحسيني". مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 48 (خريف 2001)، ص 110-112.
موقع "مؤسسة فيصل الحسيني". www.fhfpal.org