ملاحق

ملاحق

عن أمكنة - كي لا ننسى

تمثل أرقام اللاجئين أولئك الفلسطينيين الذين هُجِّروا من منازلهم في حرب 1948، والذين جاؤوا – في سوادهم الأعظم – من مناطق ضُمت إلى إسرائيل. وقد هرب معظمهم أو طُرد من الدولة الحديثة النشوءـ. وإنْ كانت قلة قليلة من الذين طُردوا من ديارهم ظلت داخل فلسطين واعتُبر أفرادها "لاجئين داخليين". والأهم أن 156000 نسمة تقريباً، من سكان الأراضي التي صارت تُعرف بإسرائيل، قد مكثوا في قراهم وبلداتهم [Bachi 1976: 262, 462-63]. والجدير بالذكر أيضاً أن 13000 فلسطيني تقريباً (معظمهم من المدنيين) لقوا مصرعهم على يد القوات الصهيونية/الإسرائيلية في أثناء حرب 1948 [أنظر العارف (1959) ج 5: 1047-1053].

 

اللاجئون الريفيون

استُقيت أرقام سكان فلسطين الريفيين قبل النزوح من "مسح لفلسطين، "ملحق" (A Survey of Palestine, Supplement) (ص 12-13) أعدته سلطة الانتداب، ويقدم إحصاءات لمجموعات القرى بحسب القضاء والديانة، ابتداء من كانون الأول/ديسمبر 1946. ومن أجل تدقيق أرقام السكان الريفيين حتى أواسط سنة 1948 (وإن كان التهجير بدا فعلاً قبل هذا التاريخ)، فقد اتبعنا نهج أبو لغد [Abu Lughod 1971: 155] في تطبيق ثلاث نسب نمو سكاني مختلفة (3,8%، 2,42%، 3%) حُددت، في أواخر الانتداب، على التوالي للمسلمين والمسيحيين و"سواهم" – أي الدروز في الغالب.

وللحصول على عدد الفلسطينيين الريفيين الذين هُجِّروا من ديارهم في حرب 1948، أضفنا أولاً أعداد السكان إلى القرى الـ418 التي هُجِّر سكانها، والتي وثّقناها في كتابنا هذا. وتشير هذه الأرقام، المأخوذة من كتاب هداوي المعنون Village Statistics 1945، إلى اعداد سكان القرى بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 1944. ولمّا لم تكن هذه الإحصاءات موزعة بحسب الديانات، فقد طبقنا نسبة النمو 3,8% على مجملها عند احتساب عدد السكان حتى أواسط سنة 1948، وذلك لا لأن الأكثرية العظمى من السكان الريفيين غير اليهود كانت من المسلمين [94,61% استناداً إلى Survey of Palestine, Supplement, p. 12]، وإنما لأن نسبة كبرى من المسيحيين والدروز بقي أفرادها في قراهم ولم يتحولوا إلى لاجئين، وكان مجموع سكان القرى الـ418 المذكورة 383150 نسمة في أواسط سنة 1948.

لكن إضافة إلى سكان القرى التي دُمرت فإن الألوف من سكان القرى المجاورة، التي سلمت نسبياً، فرُّوا أيضاً في إطار الجو العام الذي ساده الذعر والفوضى، والذي رافق العمليات العسكرية. وقد قدرنا أن هذا العدد يقع في مرتبة ما بين 5% و10%، واعتمدنا في حساباتنا الرقم المتوسط بينهما، أي 7,5%. أمّا في تقديرنا لعدد اللاجئين من القرى التي سلمت، فقد اقتصرنا على الأقضية التسعة التي ضُمَّت ضماً كاملاً إلى إسرائيل، والتي بلغت فيها الضغوط العسكرية والنفسية ذروتها – وهي بئر السبع وبيسان وحيفا والرملة وصفد وطبرية وعكا والناصرة ويافا، والتي كان مجموع سكانها الريفيين (حتى أواسط سنة 1948 ومع استعمال نسب النمو السكاني الثلاث المذكورة آنفاً)، 345027 نسمة. وإذ أخذنا في الحسبان 7,5% من الفارق بين هذا العدد وبين أعداد سكان القرى التي هُجِّر سكانها في الأقضية التسعة المذكورة (251768 نسمة)، فقد حصلنا على مجموع 6994 نسمة (أي 7,5% من 93259 نسمة). وبإضافتنا هذا العدد إلى العدد الإجمالي لسكان القرى المهجَّرة، حصلنا على رقم 390144 كعدد إجمالي للاجئين الريفيين.

وفي احتسابنا للعدد الإجمالي هذا، لم نلتفت إلى العدد القليل من السكان الذين بقوا في دولة إسرائيل بصفة "لاجئين داخليين" (كسكان قرية إقرت في قضاء عكا، وسكان قريتي كفر برعم وقديتا في قضاء صفد). ومع ذلك كله، فإن هذا العدد لمجموع اللاجئين الريفيين أقرب إلى أن يكون أقل من العدد الفعلي. فمن ذلك أننا لم نأخذ في الحسبان سكان القرى الذين فرُّوا، في جو الفوضى العامة، من القرى التي سلمت في أقضية لم يُضم إلاّ جزء منها إلى إسرائيل (مثل جنين والخليل وطولكرم وغزة والقدس). وبالمثل، فإن العدد الإجمالي المذكور لم تُحتسب فيه أية هجرة ريفية حدثت في قضاءي رام الله ونابلس، اللذين ظلاّ خارج إسرائيل، واللذين شهدا مع ذلك قدراً من الهجرة.

اللاجئون المدينيون

إن أعداد سكان مراكز الأقضية التسعة وبلداتها قبل النزوح والضم في إسرائيل، أي تلك المدن والبلدات التي هُجِّر بعض سكانها أو كلهم – مثل بئر السبع وبيسان وحيفا والرملة وصفد وطبرية وعكا واللد والمجدل ويافا – أُخذت من "مسح لفلسطين، ملحق" (A Survey of Palestine, Supplement) (ص 12-13) كما كانت في 31 كانون الأول/ديسمبر 1946. وقد دُقِّقت هذه الأعداد أيضاً وعُدِّلت بتطبيق نسب النمو السنوي المختلفة للمسلمين والمسيحيين و"سواهم" حتى أواسط سنة 1948، وأضيفت حواصل النسبة حتى بلغت 241016 نسمة. ومع أن بلدتي شفا عمرو والناصرة ضُمّتا إلى إسرائيل، غير أنهما استُثنيتا من حساباتنا لأننا قدرنا أن سكانهما مكثوا في مواقعهم.

ومن جرّاء القتال، خلت مدن صفد وطبرية وبيسان وبئر السبع من سكانها العرب خُلوّاً تاماً. ومع أن أواخر العرب لم يغادروا المجدل إلاّ في سنة 1950، فإننا اعتبرنا هذه البلدة أيضاً خالية من العرب. وبقيت بقية عربية ضئيلة في مدينتي اللد والرملة اللتين كان سكانهما كلهم من العرب، وفي مدن عكا وحيفا ويافا التي كانت مختلطة قبل ضمّها. وقد قدر إيان لوستِك [Ian Lustick 1980: 49] عدد هذه البقية بـ2000 نسمة في اللد والرملة معاً، و3500 نسمة في عكا، و2900 نسمة في حيفا، و3600 نسمة في يافا، ليبلغ المجموع 12000 نسمة. وقد توصلنا إلى تقدير مجموع اللاجئين من المدن بطرح هذا العدد من مجموع سكان المدن والبلدات العشر المذكورة أعلاه لنصل إلى العدد 230218 نسمة، الذي أضفنا إليه نحو 25000 فلسطيني طُردوا من منازلهم في القدس الغربية. لذلك قدرنا العدد الإجمالي للاجئين من المدن بنحو 254016 لاجئاً.

ونود أن نشير، مرة أُخرى، إلى أن هذا العدد ربما يكون أقل من العدد الفعلي. فمن الجائز في العقل حدوث هجرة لا يستهان بها من المدن التي ظلّت خارج حدود دولة إسرائيل، التي ظهرت في سنة 1948. فمن ذلك أن جنين تعرضت لهجمات مباشرة قامت بها القوات الإسرائيلية، وأن طولكرم كانت قريبة جداً من خط الجبهة، كما أن قلقيلية هوجمت وأُخليت موقتاً في أيار/مايو 1948. وكذلك كانت القدس الشرقية جزءاً من ساحة المعركة بين القوات العربية والقوات اليهودية. كما أن أحوال غزة اضطربت كثيراً من جراء توافد 200000 لاجئ إليها من أنحاء أُخرى من فلسطين. ومن الجائز ـفي العقل، أيضاً، حدوث بعض الهجرة من الناصرة وشفا عمرو. ومع ذلك، فإن العدد الذي خلصنا إليه لا يأخذ في الحسبان أياً من هذه الهجرات، كما أنه لا يلتفت إلى مغادرة بعض السكان للبلدات والمدن الأقل تأثراً بالحرب – مثل بيت جالا وبيت لحم وخان يونس والخليل ورام الله ونابلس.

 

اللاجئون البدو

إن المجموعَيْن المذكورين أعلاه لا يشتملان على الأرقام الخاصة بالبدو، وإنْ كانت وجهات انطلاق البدو من قضاء بئر السبع مبيَّنة على الخريطة. وثمة مشكلات غير يسيرة تعترض عملية احتساب عدد اللاجئين البدو الذين فروا خلال حرب 1948. لكنْ في وسع المرء أن يقدر عددهم بين 70000 و100000 لاجئ، استناداً إلى الحسابات التالية:

كان سكان فلسطين من البدو قبل سنة 1948 يتركزون في ثلاث مناطق: المنطقة الجنوبية من النقب (قضاء بئر السبع)؛ فلسطين الوسطى، ولا سيما السهل الساحلي؛ منطقة الجليل في الشمال. غير أن المصادر المتعلقة بالبدو في فلسطين ما قبل سنة 1948 لا تأتي دائماً إلى ذكر هذه التجمعات كلها في رواياتها.

فمن ذلك أن عارف العارف [(1959) ج5: 1056-1065] يدرج أسماء القبائل في المناطق التي طُرد البدو منها في سنة 1948. وهو يذكر 24 عشيرة في الجليل وفلسطين الشمالية (حيفا، صفد، عكا، الناصرة)، و77 عشيرة في قضاء بئر السبع؛ لكنه يغفل بدو فلسطين الوسطى.

وثمة عدد تقديرات لأهم التجمعات البدوية. فمن ذلك أن تقرير لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين (أونسكوب/UNSCOP)، الصادر في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 [مذكور في Khalidi 1971: 698-99] يقدر أن عدد البدو من سكان فلسطين كان 127300 نسمة في سنة 1946، موزعين على النحو التالي: 92000 في بئر السبع؛ 1000 في قضاء غزة؛ أكثر من 34500 في القسم الأوسط من فلسطين (في أقضية الخليل والرملة وطولكرم والقدس ونابلس ويافا). ولا ذكر في هذا المصدر لبدو منطقة الجليل. ويقدر غازي فلاح [Falah 1985: 37] عدد البدو في النقب بنحو 95566 نسمة في سنة 1947، إضافة إلى 17000 نسمة في الجليل في سنة 1945 (باستثناء قضاء بيسان). غير أنه لا يأتي إلى ذكر بدو فلسطين الوسطى. أمّا إيمانويل ماركس [Emanuel Marx 1967: 11] فيقدر، استناداً إلى حساباته، وجود 65750 بدوياً في النقب قبل سنة 1948. ويذهب هـ. ف. مهسام [H. V. Muhsam 1966: 24] إلى أن العدد المرجَّح لبدو النقب في سنة 1946 يتراوح بين 65000 نسمة و90000 نسمة (ولعل العدد كان عند الطرف الأدنى لهذين الرقمين).

استناداً إلى هذه الأرقام، من الجائز تقدير عدد البدو الفلسطينيين قبل سنة 1948 بنحو 116000-141000 نسمة، منهم 65000-90000 نسمة في قضاءي بئر السبع وغزة، ونحو 34000 نسمة في فلسطين الوسطى، و17000 نسمة في الجليل.

أمّا عدد البدو الذين وقعت مضاربهم وديارهم القبلية داخل دولة إسرائيل، فإن ديار بدو بئر السبع والجليل قد ضُمَّت جميعها إلى إسرائيل في سنة 1948. وأمّا بالنسبة إلى سوى هؤلاء من السكان البدو، المقيمين أساساً في فلسطين الوسطى، فإن المنطقة التي كان يحل فيها أكثر من 7000 من بدو قضاء الرملة [تقرير لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين (أونسكوب)، مذكور في Khalidi 1971: 698-99] يرجح أنها باتت جزءاً من إسرائيل. ولا يُعرف على وجه الدقة مقدار ما ضُم إلى الدولة اليهودية من أراضي البدو المقيمين في أقضية الخليل وطولكرم وغزة والقدس، نظراً إلى أن أقساماً من هذه الأقضية ظلت في يد الفلسطينيين. ولمّا كان كثيرون من بدو فلسطين الوسطى يقيمون في السهل الساحلي، فمن المرجّح أن تكون نسبة أراضيهم التي وقعت داخل الأراضي الإسرائيلية غير قليلة. لكنْ حتى مع الافتراض أن أياً من أراضي البدو في أقضية الخليل وطولكرم وغزة والقدس لم يُضم إلى إسرائيل، فإن في وسع المرء أن يقدر أن نحو 89000-114000 من البدو كانوا يعيشون في المناطق التي ضُمَّت إلى إسرائيل في سنة 1948؛ منهم 65000-90000 كانوا في قضاء بئر السبع، و7000 في قضاء الرملة، و17000 في الجليل.

أمّا تقديرات عدد البدو الذين ظلوا في إسرائيل بعد سنة 1948، فتتراوح إجمالاً بين 16000 [Falah 1985: 37] و18000 [Peretz 1958: 95]. ويشتمل تقدير فلاح على 11000 بدوي في بئر السبع، و5000 بدوي في الجليل. واستناداً إلى "الموسوعة اليهودية" [Encyclopedia Judaica Vol. 12: 930]، فإن 15000 بدوي قد مكثوا في النقب بعد سنة 1948. ويبيّن مسح عارف العارف للقبائل التي طُردت أن بدو فلسطين الشمالية طردوا في معظمهم، بينما فرّت أكثرية بدو بئر السبع إلى شرق الأردن أو إلى المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية.

وإذا طُرح عدد السكان البدو الذين مكثوا في إسرائيل بعد سنة 1948 من عدد البدو الذين كانوا يقيمون بتلك المنطقة قبل سنة 1948، يصبح في الإمكان تقدير عدد البدو اللاجئين الذين طُردوا من دولة إسرائيل الناشئة. فاستناداً إلى أعلى تقدير (20000 بدوي) لمن بقي منهم في إسرائيل بعد سنة 1948 (15000 في بئر السبع و5000 في الجليل)، وإلى أدنى تقدير لعددهم الإجمالي قبل تلك السنة (89000)، فإن أدنى عدد للاجئين من البدو سيراوح حول 69000 لاجئ (50000 من قضاء بئر السبع، و7000 من قضاء الرملة، و12000 من الجليل). وبالاستناد إلى أدنى عدد للبدو الذين ظلوا في إسرائيل (16000)، وإلى أعلى عدد للبدو قبل سنة 1948 (114000)، توصلنا إلى تقدير عدد البدو بنحو 98000 لاجئ (79000 من قضاء بئر السبع، و7000 من قضاء الرملة، و12000 من الجليل).

وثمة تقدير آخر عند إيمانويل ماركس [Marx 1967: 12] الذي يذهب إلى أن نفراً قليلاً من بدو النقب (أقل من 10000 بدوي) غادر إسرائيل فعلاً في سنة 1948، بينما لاذ الباقي بمرتفعات النقب. واستناداً إلى ماركس، فقد تسللت بضع عشائر عائدةً إلى مرابعها القديمة. ومع ذلك، طُرد الآلاف غيرهم، أو نُقلوا إلى مناطق أُخرى في السنوات القليلة التالية، بحيث لم يبق في النقب إلاّ 11000 بدوي في سنة 1953.

 

العدد الإجمالي للاجئين

استناداً إلى الحسابات المبينة أعلاه، فإن عدد اللاجئين الإجمالي، في سنة 1948، يقدر تقديراً متهاوداً بما يتراوح بين 714150 و744150 لاجئاً؛ والفارق عائد إلى الاختلافات في تقدير عدد اللاجئين من البدو (أنظر أعلاه). وهذه الأعداد أدنى من نظائرها في بعض المراجع الأخرى، ولا سيما كتاب جانيت أبو لغد [Abu Lughod 1971: 155-61] التي تقدر عدد الفلسطينيين الذين هُجِّروا بنحو 770000-780000. ويمكن أن يعزى ارتفاع أرقامها إلى أنها استعملت مجموعة من وثائق الحكومة البريطانية، General Monthly Bulletin XII (December 1947)، تذكر أعداداً أكبر للسكان الفلسطينيين قبل النزوح من تلك التي تذكرها المصادر التي أتينا إلى ذكرها أعلاه. يضاف إلى ذلك أن أبو لغد قد مضت في تدقيق هذه الأعداد حتى نهاية سنة 1948 بدلاً من أواسط تلك السنة؛ ولو حُسبت أعدادنا حتى نهاية سنة 1948، لكانت تقديراتنا تراوحت بين 727700 و758300.