أحمد الشقيري
ولد في بلدة تبنين جنوبي لبنان، حيث كان والده الشيخ أسعد الشقيري منفياً في زمن الدولة العثمانية.
زوجته: نسيبة السعدي.
أولاده: ثلاثة ذكور وثلاث بنات، هم: مازن؛ نزار؛ إياد؛ نجوى؛ رافدة؛ نائلة.
شقيقاه من أبيه: عبد العفو؛ أنور؛ شقيقاته ثلاث.
انتقل في سنوات عمره الأولى إلى مدينة طولكرم للعيش مع والدته، التركية الأصل، ومع زوجها الثاني سليم الذي كان يعمل موظفاً في دائرة البريد.
عاش أحمد الشقيري في فاقة وضائقة بعد وفاة زوج والدته، ودخل المدرسة الابتدائية في مدينة طولكرم.
بعد وفاة والدته، رتّب له ابن عمّه محمد علي الشقيري، الذي كان يعمل طبيباً في حيفا، أمر سفره في صيف سنة 1916، إلى عكا، حيث عاش في بيت والده، الذي كان في ذلك العهد مفتي الجيش الرابع ومقرباً من قائده جمال باشا.
تنقسم حياة أحمد الشقيري إلى حقب خمس:
أولاً: النشأة، والدراسة والمحاماة 1924- 1933:
تابع الشقيري علومه الابتدائية والإعدادية في مدرسة في عكا، وكانت الدروس باللغة التركية، لكنه أولع باللغة العربية وبالقرآن منذ نشأته. وحضر في جامع الباشا في المدينة مجلس الشيخ عبد الله الجزار مفتي عكا للدرس الديني، وإليه يرجع الفضل فيما حفظه من اللغة والدين.
أكمل الشقيري دراسته الثانوية في مدينة القدس، حيث أمضى ثلاث سنوات في مدرسة المطران غوبات (مدرسة صهيون) (1924- 1926)، وكانت جميع الدروس باللغة الإنكليزية وتخرج فيها في شهر تموز/ يوليو سنة 1926.
التحق في سنة 1926 بالجامعة الاميركية في بيروت، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية بسبب طرده من الجامعة وإبعاده، يوم 13 أيار/ مايو 1927، من لبنان من قبل سلطات الانتداب الفرنسي لاشتراكه في تظاهرة حاشدة في بيروت في ذكرى إعدام جمال باشا للقوميين العرب من فلسطينيين وسوريين ولبنانيين في سنة 1916.
بعد عودته إلى مدينة عكا، بدأ الشقيري وهو لا يزال شاباً يكتب مقالات وطنية في جريدة "الزمر" الأسبوعية التي كانت تصدر في المدينة.
انتسب سنة 1927 إلى معهد الحقوق في القدس، وتابع دراسته فيه إلى حين تخرجه منه في سنة 1933. وكان قد بدأ في العام الثالث من دراسته بالعمل متمرناً في مكتب المحامي المقدسي البارز مغنّم الياس مغنّم. كما صار يعمل في الوقت ذاته محرراً في صحيفة "مرآة الشرق" الأسبوعية.
في هذه الأثناء، شارك الشقيري في مؤتمر جمعيات الشبان المسلمين الذي عُقد في مدينة يافا في سنة 1928، بصفته عضواً في وفد القدس إلى المؤتمر.
بعد هبّة "البراق" في آب/ أغسطس 1929، اعتقل، من بين من اعتقل من الشباب، ونقل إلى قرية الزيب في ضاحية عكا، في إقامة جبرية لفترة من الزمن في بيت عبد الفتاح السعدي رئيس بلدية عكا، الذي أصبح فيما بعد حماه.
عاد الشقيري إلى مدينة القدس، بعد انتهاء فترة إقامته الجبرية، ليتفرغ لإكمال دراسته في معهد الحقوق. وشارك، في أثناء تمرنّه في مكتب المحامي مغنّم، في العمل على ملف كان يعدّه هذا الأخير بطلب من القيادة الوطنية لتقديمه إلى لجنة التحقيق البريطانية، في أحداث هبّة "البراق"، التي ترأسها والتر شو (Walter Shaw).
كما شارك الشقيري في إعداد ملفات مكتب مغنّم للدفاع عن المناضلين الثلاثة الذين شاركوا في "هبّة البراق": فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم، الذين حكمت عليهم محكمة بريطانية بالإعدام.
تعرّف الشقيري، خلال إقامته في القدس في تلك الفترة، على العديد من قادة الحركة الوطنية ومحاميها البارزين، من أمثال عوني عبد الهادي وصبحي الخضرا ومحمد عزة دروزة.
ثانياً: ممارسة المحاماة والعمل الوطني 1933- 1947:
تخرج الشقيري من معهد الحقوق في سنة 1933، وصار يمارس المحاماة في مكتب في عكا، وأولى اهتماماً كبيراً لقضايا منازعات الأراضي والدفاع عن حقوق الفلاحين.
شارك الشقيري في مدينة حيفا في تشييع جثمان الشيخ عز الدين القسام، الذي استشهد في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1935. وكان قد تعرّف إلى القسام قبلاً. وتطوع، مع زميله المحامي معين الماضي، للدفاع في شهر كانون الأول/ ديسمبر 1935 في مدينة جنين عن رفاق الشيخ عز الدين القسام الذين اعتقلتهم السلطات البريطانية.
بعد اندلاع الإضراب العام الذي أطلق الثورة العربية الكبرى، شارك الشقيري في تشكيل اللجنة القومية في مدينة عكا في 20 نيسان/ أبريل 1936، ففرضت عليه السلطات البريطانية الإقامة الجبرية تلك السنة في قرية سمخ، وبعدها في قرية الحمّة على الحدود بين الأردن وسورية.
بعد توقف الإضراب العام في تشرين الأول/ أكتوبر 1936، عاد إلى مكتب المحاماة في عكا.
شارك في المؤتمر القومي العربي الذي عُقد ببلدة بلودان في سورية، في 8 أيلول/ سبتمبر 1937، لمقاومة التقسيم الذي كانت قد اقترحته لجنة التحقيق الملكية البريطانية، التي عُرفت باسم "لجنة بيل" (Peel Commission) في تموز/ يوليو من العام نفسه، واختير عضواً في لجنة الإعلام والتوعية التي انبثقت عن المؤتمر.
بعد تأجج الثورة المسلحة ضد بريطانيا في أعقاب تقرير "لجنة بيل"، في أيلول/ سبتمبر 1937، حاول الشقيري الانتقال سراً إلى القاهرة، لكنه اعتقل ونقل إلى معتقل المزرعة في ضاحية عكا.
بعد إطلاق سراحه من المعتقل، تسلل هارباً عن طريق الحمّة إلى مدينة دمشق، ومنها إلى بيروت حيث صار يجتمع بالصحافيين الأجانب ويشرح تطورات القضية الفلسطينية، ويكتب المقالات في جريدة "النهار" لصاحبها جبران التويني.
لجأ الشقيري إلى القاهرة لبضعة أشهر بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، ثم عاد بعدها في شباط/ فبراير 1940 إلى عكا في إثر وفاة والده.
انضمّ سنة 1944 إلى موسى العلمي وتحركه، فكُلف من قبل العلمي بالسفر إلى واشنطن سنة 1945 لتأسيس مكتب عربي يعنى بالدعاية لقضية فلسطين.
رجع إلى فلسطين في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 1945، وعيّنه موسى العلمي سنة 1946 مديراً للمكتب العربي في القدس، وبقي في هذا المنصب حتى أواخر سنة 1947.
قدم الشقيري، خلال عمله في المكتب العربي، شهادته في شباط/ فبراير 1946 أمام لجنة التحقيق البريطانية- الأميركية، ثم شارك في حزيران/ يونيو 1946 في وفد إلى اجتماع مجلس الجامعة العربية في بلودان، ترأسه جمال الحسيني العائد للتو من المنفى، وكان موسى العلمي، عديل جمال الحسيني، في عداد الوفد أيضاً. كما صاحب، في الشهر نفسه، الحسيني والعلمي في زيارات إلى السعودية والعراق وسورية.
لجأ الشقيري إلى لبنان بعد النكبة واحتلال القوات الصهيونية مدينته عكا.
ثالثاً: النشاط الدبلوماسي عربياً ودولياً 1947- 1963:
اختير الشقيري، منذ أوائل آذار/ مارس 1947، مستشاراً للوفد السوري في مجلس الجامعة العربية. ثم عينته الحكومة السورية عضواً في بعثتها للأمم المتحدة سنة 1949- 1950.
في 2 آذار/ مارس 1951، عيّن الشقيري مساعداً للأمين العام للجامعة العربية عبد الرحمن عزّام، وخليفته عبد الخالق حسّونة، مع بقائه ضمن وفد سورية في الأمم المتحدة في أثناء انعقاد دورة الجمعية العامة.
لمع اسم الشقيري خلال هذه السنين عربياً ودولياً، واستمر في البروز عبر دفاعه القوي عن الحقوق الفلسطينية في هيئة الأمم المتحدة.
شارك، في شباط / فبراير 1955، مع الوفد السوري في أعمال مؤتمر باندونغ لدول عدم الانحياز.
في خريف سنة 1957، انتُدب الشقيري وزير دولة لشؤون الأمم المتحدة في حكومة المملكة العربية السعودية وسفيراً دائماً لها لدى الأمم المتحدة، وبقي يشغل هذا المنصب حتى سنة 1962. وبعُد صيته وذاعت شهرته.
وكان قد زار الاتحاد السوفييتي في صيف 1961 والتقى أمين عام الحزب الشيوعي نيكيتا خروتشوف في منتجع سوتشي على البحر الأسود.
ترك الشقيري عمله مع المملكة العربية السعودية في إثر خلاف حول العلاقات بين الأخيرة والرئيس جمال عبد الناصر، وعاد إلى الساحة الفلسطينية داعياً إلى تجديد النشاط والعمل في قضيتها.
رابعاً: قيادة العمل السياسي الفلسطيني 1963- 1967:
في إثر وفاة أحمد حلمي عبد الباقي سنة 1963، رشحت الهيئة العربية العليا لفلسطين أحمد الشقيري لخلافة عبد الباقي ممثلاً لفلسطين في مجلس الجامعة العربية، كواحد من ثلاثة يمثلون فلسطين مشتركين في المجلس. غير أن مجلس الجامعة العربية قرر اختياره وحده لخلافة عبد الباقي، الأمر الذي أثار غضب رئيس الهيئة العربية العليا الحاج أمين الحسيني.
ترأس الشقيري وفد فلسطين الموحد إلى الجمعية العامة للأمم المحدة خلال انعقاد دورتها العادية في خريف 1963.
كلفه مؤتمر القمة العربي الأول، الذي عقد في القاهرة، في كانون الثاني/ يناير 1964، بالاتصال بممثلي الشعب الفلسطيني ومنظماته وبمسؤولي الدول العربية من أجل التحضير للمؤتمر الفلسطيني الأول الذي ينبثق عنه "الكيان" الفلسطيني.
وضع الشقيري مشروع "الميثاق القومي" و"النظام الأساسي" للكيان الفلسطيني، واختار اللجان التحضيرية التي وضعت بدورها قوائم بأسماء المرشحين لعضوية المؤتمر الفلسطيني الأول الذي عقد في القدس (28 أيار/ مايو – 2 حزيران/ يونيو 1964)، وأطلق عليه اسم المجلس الوطني الفلسطيني الأول.
انتخب هذا المؤتمر أحمد الشقيري رئيساً له، وأعلن قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وصادق على "الميثاق القومي" و"النظام الأساسي" للمنظمة، وانتخب الشقيري رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة، وكلفه باختيار أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة وعددهم خمسة عشر عضواً. كما قرر إعداد الشعب الفلسطيني عسكرياً وإنشاء الصندوق القومي الفلسطيني.
وجاء في "الميثاق القومي الفلسطيني"، الذي وضعه الشقيري وأقره المجلس الوطني الفلسطيني الأول في مطلع حزيران/ يونيو 1964، ما يلي:
المادة 12: الوحدة العربية وتحرير فلسطين هدفان متكاملان يهيئ الواحد منهما تحقيق الآخر. فالوحدة العربية تؤدي إلى تحرير فلسطين، وتحرير فلسطين يؤدي إلى الوحدة العربية، والعمل لهما يسير جنباً إلى جنب.
المادة 14: إن تحرير فلسطين هو واجب قومي تقع مسؤولياته كاملة على الأمة العربية بأسرها حكومات وشعوباً، وفي طليعتها الشعب العربي الفلسطيني. ومن أجل ذلك فان على الأمة العربية أن تعبىء جميع طاقاتها العسكرية والمادية والروحية في سبيل تحرير فلسطين، وعليها بصورة خاصة أن تبذل للشعب العربي الفلسطيني العون والتأييد وتوفير الوسائل والفرص الكفيلة بتمكينه من القيام بدوره في تحرير وطنه.
المادة 17: إن تقسيم فلسطين الذي جرى عام 1947 وقيام إسرائيل باطل من أساسه مهما طال عليه الزمن، لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي في وطنه ومناقضته للمبادئ العامة التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، وفي مقدمتها حق تقرير المصير.
بعد هزيمة الجيوش النظامية العربية في حزيران/ يونيو 1967، أصبح العمل الفدائي ممثلاً للإرادة الوطنية النضالية للشعب الفلسطيني، وتفجر الصراع بين المنظمات الفدائية وبين منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها الشقيري، الذي كان يواجه صعوبات في تعامله مع عدد من الأنظمة العربية.
استقال الشقيري من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في كانون الأول/ ديسمبر 1967، بعد أن تفاقمت الخلافات بينه وبين عدد من أعضاء هذه اللجنة، وسافر إلى القاهرة.
خامساً: الانكفاء والتأليف 1967- 1980:
مرت هذه الحقبة بمرحلتين من حيث الإقامة: أولاهما المصرية، حيث كانت إقامته في القاهرة من سنة 1967 إلى سنة 1978، غادرها إلى تونس سنة 1978 في إثر الاتفاق على معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية؛ الثانية التونسية - اللبنانية، حيث أقام في تونس ثم في لبنان في منزل شيّده مطلّ على البحر الأبيض المتوسط في قرية كيفون.
انكبّ الشقيري خلال هذه الحقبة على كتابة مذكراته الوارد ذكرها في ذيل هذه السيرة، وهي، وإن كانت لا تخلو في بعض أجزائها من بعض المبالغة، تظل سجّلاً هامّاً، بل أهم السجلات عن تطور القضية الفلسطينية ومواقف العواصم العربية والأجنبية منها، من وجهة نظر زعيم فلسطيني، خلال العقدين السادس والسابع من القرن العشرين.
توفي أحمد الشقيري في عمّان في 25 شباط/فبراير 1980 ودفن، بناء على وصيته، في مقبرة الصحابي أبي عبيدة في غور الأردن.
من آثاره:
"من القدس الى واشنطن". عكا: مطبعة السروجي، 1947.
"أربعون عاماً في الحياة العربية والدولية". بيروت: دار النهار، 1969.
"حوار وأسرار مع الملوك والرؤساء". بيروت: دار العودة، 1970.
"من القمة إلى الهزيمة، مع الملوك والرؤساء". بيروت: دار العودة، 1970.
"على طريق الهزيمة، مع الملوك والرؤساء". بيروت: دار العودة، 1972.
"الهزيمة الكبرى مع الملوك والرؤساء". بيروت: دار العودة، 1973.
"علم واحد وعشرون نجمة". القاهرة: د. ن، 1977.
"صفحات من القضية العربية". بيروت: المؤسَسة العربية للدراسات والنشر، 1979.
"خرافات يهودية". عمان: الدستور التجاري، 1980.
"أحمد الشقيري: الأعمال الكاملة"، ستة مجلدات. بيروت: لجنة تخليد ذكرى المجاهد أحمد الشقيري ومركز دراسات الوحدة العربية، 2006.
المصادر:
دروزة، محمد عزة. "مذكرات محمد عزة دروزة: سجل حافل بمسيرة الحركة العربية والقضية الفلسطينية خلال قرن من الزمن". المجلدان الأول والثاني. بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1993.
العودات، يعقوب. "من أعلام الفكر والأدب في فلسطين". عمّان: د.ن ، 1976.
"من هو؟: رجالات فلسطين 1945-1946". ط 2. عمان: مؤسسة التعاون، 1999.
"الموسوعة الفلسطينية" القسم العام، المجلد الأول . دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary. 2nd ed., revised and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.