جدول الأحداث الكلي

جدول الأحداث الكلي

Highlight
XII- سلطة فلسطينية منقسمة، وهجمات إسرائيلية على غزة، وانتكاسات عملية السلام
2006 - 2017

شهدت فترة 2006- 2016 انقساماً سياسياً وجغرافياً ما بين قطاع غزة والضفة الغربية، نتيجة النزاع المرير بين حركتي حماس وفتح، عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الثاني/ يناير 2006. وبينما لم تبذل الولايات المتحدة أيّ جهود جدية من أجل التوصّل إلى تسوية عادلة للنزاع، شنّت إسرائيل ثلاث هجمات عسكرية كبرى على قطاع غزة الخاضع لسلطة حماس، تسبّبت بنتائج كارثيّة على القطاع وسكانه، إضافة إلى حربها على لبنان صيف 2006؛ وواصلت بناء المستوطنات في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس. في ظل هذه الظروف، ونظراً إلى الاضطرابات في العالم العربي، سعى الفلسطينيون إلى الحصول على الدعم في الساحة الدولية. وأثمرت جهودهم عن نتائج متواضعة، مع أن الأمم المتحدة وعدّة حكومات في مختلف أنحاء العالم قطعت أشواطاً على الطريق نحو الاعتراف الدبلوماسي بالدولة الفلسطينية.

للنزاع المرير بين حماس وفتح تاريخ طويل. وما أجّج الخلاف أكثر هو فوز حماس بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، التي جرت في 25 كانون الثاني/ يناير 2006، والتي عَيّن في إثرها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إسماعيل هنية، من حركة حماس، في منصب رئيس الوزراء، ووافق على تشكيلة حكومته من دون الموافقة على برنامجه. وقد رفضت إسرائيل واللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة) التعامل مع حكومة حماس إلى أن تعترف بإسرائيل، وتقبل بالاتفاقيات السابقة التي وقّعتها منظمة التحرير الفلسطينية، وأن تنبذ العنف. كما لجأت الجهات المانحة الدولية إلى التحايل على حكومة هنية بتحويل الأموال إلى عباس بصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. بيد أن التحديات الداخلية أثبتت أنها أصعب من أن يتم التهرب منها.

بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية بفترة قصيرة، شكّل وزير الداخلية الجديد قوة أمنية بقيادته، سميّت القوة التنفيذية المسانِدة. وقد نافست الأخيرة قوات أمن السلطة الفلسطينية التابعة لعباس، التي كان الموالون لفتح يهيمنون عليها. وجرت اشتباكات عنيفة بين الطرفين وأنصارهما، تناوبت مع محادثات الوحدة الوطنية في الفترة ما بين أيار/ مايو 2006، وكانون الثاني 2007، إلى أن تدخّلت السعودية ورعت (في مكة، في 8 شباط/ فبراير 2007) اتفاقاً ما بين الطرفين على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقد تم الإعلان عن تشكيل هذه الحكومة في 17 آذار/ مارس. إلا أن مواجهة شاملة عاودت الاندلاع بين الطرفين في حزيران/ يونيو 2007، تمكّنت فيها حماس من القضاء على القوات الأمنية الموالية لعباس في غزة. فأعلن الأخير حالة الطوارئ في 14 حزيران، وأصدر قراراً بعزل هنية عن منصبه كرئيس للوزراء، على الرغم من أنه في الواقع لم يعد هناك الكثير مما يمكن للسلطة الفلسطينية من رام الله، أو لفتح، القيام به بشأن الوضع في غزة. وكانت النتيجة ظهور حكومتين فلسطينيتين منفصلتين: واحدة برئاسة سلام فياض في مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، حظيت باعتراف المجتمع الدولي، وحكومة أخرى قادتها حماس برئاسة هنية في غزة.

بعد ذلك مباشرة، وفي محاولة لتعزيز عباس بإظهار بعض التقدم في عملية السلام، جمعت الإدارة الأميركية الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل مواصلة المحادثات حول قضايا الوضع النهائي. ومن منتصف تموز/ يوليو 2007 ولغاية منتصف أيلول/ سبتمبر 2008، جرى العديد من جلسات التفاوض المكثّفة، من بينها مؤتمر في أنابولس حضره عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، والرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، وممثلون عن أربعين دولة، وذلك في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، ولكنه لم يحرز أي تقدم بما يخصّ القضايا الأساسية الأربعة: القدس، واللاجئون، والحدود، والأمن.

في ذلك الوقت، في تموز/ يوليو - آب/ أغسطس 2006، اندلعت الحرب بين إسرائيل وحزب الله، في إثر قيام الأخير باختطاف جنديين في شمال إسرائيل. وعلى الرغم من الغارات العنيفة، ومحاولات التوغّل في جنوب لبنان، لأربعة وثلاثين يوماً، فشل الجيش الإسرائيلي في إيقاف قصف حزب الله للمناطق الإسرائيلية وفي اختراق دفاعاته. وعلى خلفية هذا الفشل، والحصار الشديد المفروض على غزة، والصواريخ المتبادَلة ما بين حماس وإسرائيل، شنّ الجيش الإسرائيلي من 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008، ولغاية 18 كانون الثاني/ يناير 2009، حرباً على غزة (عملية الرصاص المسكوب التي أطلقت حماس عليها اسم عملية الفرقان) في محاولة لاسترداد قوته الرادعة، التي تضرّرت كثيراً نتيجة الحرب على لبنان، ولاختبار الدروس التي تعلّمها من تلك الحرب. فوجه ضرباته المتواصلة من الجو  ومن البر، وقام بتوغلات برية على نطاق واسع، على حساب السكان المدنيين (قُتل 1,400 فلسطيني، وجُرح أكثر من 4,000)، وعلى حساب البنية التحتية في غزة، والمناطق العمرانية. وبعد ثلاث سنوات، من 14 حتى 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، شنّت إسرائيل حملة أخرى من القصف الكثيف على غزة، ولكنها لم تُقحم قواتها البرية فيها.

جلب الرئيس أوباما، الذي أدّى اليمين في 20 كانون الثاني/ يناير 2009، بعض الأمل في إمكانية إحراز تقدّم في عملية السلام، وخصوصاً بعد الكلمة التي ألقاها في القاهرة في 4 حزيران، والتي دعا فيها إلى وقف الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، وقال "حق فلسطين في البقاء حق لا يمكن إنكاره، مثلما لا يمكن إنكار حق إسرائيل في البقاء." ولكن عزم الإدارة الأميركية على تجميد الاستيطان تراجع تدريجياً خلال الأشهر التالية، بل إنها، بدل ذلك، مارست ضغوطاً متزايدة على عباس كي يوافق على إجراء محادثات مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقد انعقدت تلك المحادثات في واشنطن وشرم الشيخ في أيلول/ سبتمبر 2010، لكنها لم تفضِ إلى أي نتيجة. وفيما بعد أرسل أوباما وزير الخارجية جون كيري لرعاية محادثات سلام بين الجانبين. وهنا أيضاً، لم تحقق المفاوضات من 29 تموز/ يوليو 2013 وحتى 29 نيسان/ أبريل 2014، تحت رعاية كيري، أي نتائج ملموسة. وفي الواقع، واصلت حكومة نتنياهو، بمثابرة، إستراتيجيتها المتعلقة بتوسيع الاستيطان، حتى أنها استخدمتها كأداة استفزازية من أجل تقويض مصداقية السلطة الفلسطينية في رام الله وجهود الوساطة الأميركية.

على كل حال، كانت مصداقية القيادة الفلسطينية مقوَّضة بحدّ ذاتها. في آب/ أغسطس 2009، أصدر سلام فياض (الذي شغل منصب رئيس الوزراء حتى نيسان/ أبريل 2013) خطة لتطوير المؤسسات والبنية التحتية سمّيت خطة "إنهاء الاحتلال، وبناء الدولة"؛ أحدثت الخطة تغييراً طفيفاً فقط، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، ولأن فياض لم يتلقَّ الدعم السياسي الكافي من حركة فتح. أما حكومة حماس في غزة، العاجزة عن كسر الحصار الاقتصادي الإسرائيلي وتلبية احتياجات السكان في مناطق سيطرتها، فقد وجدت بعض التعويض من خلال الأنفاق العابرة للحدود المصرية، التي شكّلت شريان الحياة بالنسبة إليها، وأيضاً من خلال فرض قواعد على السكان اعتبرتها جزءاً من النظام الاجتماعي الإسلامي الصحيح. وإضافة إلى ذلك، عانت السلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة حماس في غزة من انقسامهما، على الرغم من مختلف المبادرات التي تقدّمت بها بعض الدول العربية، وفلسطينيون غير منتمين لا إلى حماس ولا إلى فتح. وقد وقّع عباس وزعيم حماس خالد مشعل، أو ممثلون عنهما، اتفاقيات متعاقبة في 4 أيار/ مايو 2011 في القاهرة، و7 شباط/ فبراير 2012 في الدوحة، و20 أيار في القاهرة، نصّت على تشكيل حكومة انتقالية من التكنوقراط، وإجراء انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني. ومع ذلك لم تنفّذ على أرض الواقع أي من تلك الاتفاقيات.

وأخيراً، في 23 نيسان/ أبريل 2014، وقّع الجانبان اتفاقاً في غزة (اتفاق الشاطئ)، أكّدت ما تم التوصّل إليه في الدوحة والقاهرة. وفي 2 حزيران/ يونيو، أدّت حكومة توافق وطني جديدة القسم أمام عباس، وهي حكومة مكوّنة من المستقلين والتكنوقراط برئاسة رامي حمد الله، الذي كان يشغل مسبقاً منصب رئيس الوزراء في الضفة الغربية منذ سنة 2013. غير أن السلطة الحقيقية في الدوائر الوزارية وأجهزة الأمن في غزة بقيت في يد حماس. وقد رحّبت العديد من الدول، من بينها الولايات المتحدة، بتلك الخطوة، وأعربت إسرائيل عن استيائها.

وبعد شهر واحد فقط على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، وفي سياق التوترات المتجدّدة، شنّت إسرائيل هجوماً كبيراً ثالثاً على غزة. من 8 تموز/ يوليو وحتى 26 آب/ أغسطس 2014، قامت القوات البحرية والجوية والبرية الإسرائيلية بغارات عنيفة على غزة، وأعادت اقتحام مناطق واسعة فيها، ضمن ما سمّته عملية الجرف الصامد، التي راح ضحيتها أكثر من 2,200 فلسطيني، معظمهم من المدنيين. وبالمقابل أطلقت حماس مجدّداً آلاف الصواريخ على إسرائيل، وصل بعضها شمالاً إلى زخرون يكوف جنوب حيفا. وقُتل من الإسرائيليين 6 مدنيين و67 جندياً.

عندما بدا أن عملية أوسلو صارت ميتة، ركّزت منظمة التحرير الفلسطينية على السعي إلى الحصول على الاعتراف الدولي بدولة فلسطين المستقلة. وشملت جهودها محاولات لضمان قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. وهكذا، في 23 أيلول/ سبتمبر 2011، تقدّم عباس بطلب رسمي للانضمام إلى الأمم المتحدة، على الرغم من معرفته أن الانتماء إلى المنظمة العالمية يتطلّب الدعم من مجلس الأمن، إذ إنه من المؤكد أن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض. لكن هذه القاعدة لا تنطبق على العضوية في هيئات الأمم المتحدة الفرعية، وهكذا، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، صوّتت اليونسكو لصالح الاعتراف بفلسطين كعضو كامل فيها. ومع تخلّيها عن خطة تقديم طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة مرة أخرى، نجحت محاولات منظمة التحرير الفلسطينية في ضمان مكانة فلسطين كدولة "غير عضو بصفة مراقب" في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في التصويت الذي جرى بتاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012. وخلال ذلك، أعلَت مجموعات المجتمع المدني خارج فلسطين صوتَ حملة لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، بما يشمل المؤسسات الإسرائيلية والشركات الدولية المتورّطة في احتلال وقمع الفلسطينيين. غير أن التقدم على هذه الجبهات، على مستويي الدبلوماسية والمجتمع المدني، ظلّ رمزياً إلى حدّ كبير.

وكانت سلسلة الأحداث السياسية والصراعات التي دشّنها ما عُرف بدايةً باسم "الربيع العربي" أواخر 2010 وبداية 2011، قد عقّدت بشدّة المشهد في المنطقة. فالاضطرابات والصراعات التي اندلعت، لا سيما في دولتَي الجوار مصر وسوريا، جذبت الأنظار بعيداً عن القضية الفلسطينية، في حين كان تأثيرها عنيفاً على اللاجئين الفلسطينيين، على وجه التحديد في سوريا. وفي الوقت نفسه، فإن التحالفات، والانقسامات، الجديدة في العالم العربي التي شاركت فيها أطراف إقليمية فاعلة غير عربية (إيران وتركيا) جعلت من فلسطين ساحة للمنافسة الإقليمية بدلاً من أن تكون محور الدعم العربي والإقليمي. ونظراً لاستمرار الانقسامات الداخلية، وللتطورات الإقليمية بالغة الأهمية، ومجهولة المصير، يظلّ الغموض يكتنف مستقبل الفلسطينيين. ومن مظاهر انسداد الأفق السياسي عامي 2015-2016 العمليات غير المنسَّقة التي قام بها أفراد فلسطينيون ضد المستوطنين ونقاط التفتيش الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية، والاشتباكات المتكرّرة مع الجنود الإسرائيليين في الحرم الشريف في القدس.

جدول الأحداث الكلي
E.g., 2024/11/25
E.g., 2024/11/25

يرجى محاولة عملية بحث جديدة. لا يوجد أي نتائج تتعلق بمعايير البحث الحالية. هناك العديد من الأحداث في التاريخ الفلسطيني والجدول الزمني يعمل جاهدا لالتقاط هذا التاريخ.