كانت القرية تقوم وسط رواب جرداء، وتشرف على بقاع واسعة من الأرض، في الاتجاهات كلها عدا الجنوب. وكانت تقع عند ملتقى وادي العوسجة ووادي الخلصة. وقد رأى إدوارد روبنسون، في سنة 1838، أنها هي بلدة إلوسا (Elusa) النبطية . ويبدو أن الموقع كان من محطات القوافل القادمة من البتراء إلى غزة. واستناداً إلى سيرة هيلاريون (Hilarion) التي كتبها القديس جيروم (Jerome) في أوائل القرن الخامس للميلاد، فإن هيلاريون لمّا زار إلوسا في القرن الرابع قُدّمت إليه من الكروم المجاورة. وتُشاهَد بلدة إلوسا على خريطة مادبا (Madeba) المرسومة بالفسيفساء في القرن السادس للميلاد، والتي تمثّل فلسطين. ويبدو أنها كانت مركز مقاطعة 'فلسطين الثالثة' الإدارية، حتى الفتح الإسلامي.
ولا نعرف إلاّ القليل عن الخلصة في الفترة الإسلامية المبكرة. ويذكر الجغرافي محمد الدمشقي (توفي سنة 1327) أنها بلدة تقع ضمن حدود غزة الإدارية . ويقول المؤرخ المقريزي (توفي سنة 1441) إنها إحدى 'المدن' الكبرى في القسم الجنوبي من فلسطين . إلاّ إن أهمية الخلصة تلاشت مع انحطاط الطرق التجارية في النقب. ولم تلفت الأنظار إلاّ في أوائل القرن الحالي؛ ففي سنة 1905، درس معهد الكتاب المقدس (École Biblique) في القدس الآثار في المنطقة. كما أن 'المسح البريطان' (British Survey) نشر خريطة للموقع الأثري بكامله في سنة 1914. وقد تزامن الاهتمام المتجدد بالخلصة مع قرار عشيرة العزازمة البدوية بالاستيطان هناك. فبنت العشيرة فيها قرية مثلثة الشكل، محصورة بين طرفي الواديين. وكانت منازلها مبنية بالحجارة والطين.
كان في الخلصة مدرسة ابتدائية بُنيت في سنة 1941، كما كان فيها عدد من الدكاكين. وكان سكانها يتزودون مياه الشرب من نبع، ويعتاشون من تربية الحيوانات ومن التجارة. في سنة 1938 كشفت الحفريات الأثرية عن أنقاض مدينة، وبعض القبور، وقطع معمارية نُقشت كتابات عليها. وبين سنتي 1973 و1980، وفي أثناء ثلاثة مواسم من التنقيبات الأثرية، عُثر على بقايا مسرح نبطي كبير، وعلى أكبر كنيسة في النقب، وعلى غيرها من الأبنية الكَنَسية، وعلى أبراج للدفاع بُنيت فوق أسواء المدينة، وفوق بعض المنازل.
من المرجح أن القرية وقعت تحت السيطرة الإسرائيلية في وقت مبكر نسبياً من الحرب. ويستشهد كتاب 'تاريخ الهاغاناه' بقائد لواء هنيغف (النقب)، ناحوم سريغ، الذي قال بعد الحرب: 'بحلول 15 أيار/مايو، كان النقب بأكمله خاضعاً لسلطة عبرية تامة.' لكن من الجائز أن تكون القرية صمدت، مثل بئر السبع، حتى تشرين الأول/أكتوبر 1948، أي حتى عملية يوآف (أنظر بربرة، قضاء غزة) .
لا مستعمرات إسرائيلية على أراضي القرية. وتُستخدم المنطقة للتدريبات العسكرية.
لا يزال بعض منازل القرية قائماً، غير أنه مهجور ومدمَّر جزئياً. وثمة، إلى الغرب من موقع القرية، بئر لا تزال صالحة للاستخدام، ولها فم مستدير وسلّم حديدي (أنظر الصورة). وعلى بعد بضعة أمتار إلى الغرب من البئر، ثمة منزل كبير مستطيل الشكل، فيه ثماني غرف. ويشاهَد خلفه ركام عشرة منازل مهدمة (أنظر الصورة). كما أن بقايا المقبرة تشاهَد في الجزء الشمالي من الموقع. وإلى جانب المقبرة، ثمة حفريات أثرية وبعض منازل القرية المدمَّرة. وهناك نحو 15 منزلاً، مدمَّرة جزئياً، إلى الجنوب من الموقع وإلى الغرب منه.
محتوى ذو صلة
عنف
عمليتا يوآف وهاهار في الجنوب تنهيان الهدنة الثانية
1948
15 تشرين الأول 1948 - 4 تشرين الثاني 1948