يقع مخيم اليرموك في جنوب العاصمة السورية دمشق على بعد 8 كلم منها، وهو أكبر تجمعات اللاجئين الفلسطينيين، وواحد من ثلاثة مخيمات غير رسمية في سورية. وقّدّر عدد سكان المخيم ومحيطه قبل اندلاع الحرب السورية ونزوح سكانه بنحو 1.200.000 نسمة، بينهم نحو 160.000 ألف لاجئ فلسطيني. وامتاز "اليرموك" بوجود بلدية خاصة به، وبحراك سياسي فلسطيني نظراً إلى وجود القوى الفلسطينية كافة في داخله، فضلاً عن النشاط الاقتصادي والثقافي الفاعل فيه.
نشأته:
تأسس المخيم لدى نقل اللاجئين الفلسطينيين سنة 1954 -1955 من المساجد والمدارس والمشافي في دمشق، وخصوصاً من أحياء الشيخ محي الدين وركن الدين وحي الأمين (الأليانس) ومنطقة المزة، إلى تجمع سكاني جديد. ويذكر الباحث الفلسطيني علي بدوان أن الحاج أمين الحسيني هو من أطلق التسمية على المخيم خلال زيارته في صيف سنة 1954. وكانت “الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب” قد استأجرت في السنة نفسها قطعة أرض تبلغ مساحتها 2,1 كلم2 يملكها آل الحكيم والمهايني، وتتبع عقارياً منطقة شاغور – بساتين في مدينة دمشق.
وترجع أصول معظم سكان مخيم اليرموك من اللاجئين الفلسطينيين إلى مدن وقرى حيفا وعكا ويافا واللد وبيسان والناصرة وطبرية ونابلس وغزة ومنطقة الأغوار، ومعظمهم من لاجئي 1948 الذين بلغ عددهم حينها نحو 85.000 ألفاً، ثم التحقت بهم، في مراحل متعددة، أعداد أُخرى من اللاجئين وصل عددهم إلى نحو 63.000 لجأوا من لبنان والمناطق الحدودية المنزوعة السلاح في الخمسينيات، ومن الضفة الغربية وقطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي في حزيران/ يونيو 1967، ومن الأردن في إثر الصدامات التي وقعت في سنتي 1970 و1971، بين الجيش الأردني وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ومن لبنان خلال الاجتياح الإسرائيلي في صيف سنة 1982.
تشرف على المخيم "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب"، وهي الهيئة الموكلة بشؤون اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وقد تأسست بموجب القانون رقم 450 في 25 كانون الثاني/ يناير 1949، وكانت تتبع في البدء لوزارة الداخلية ثم - بعد سنة 1958 - لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. أمّا وكالة "الأونروا" فهي مسؤولة عن خدمات المخيم كافة فيما عدا جمع النفايات، إذ تعتبره مخيماً غير رسمي. ووفقاً للقرار رقم 1141 الصادر عن وزارة الشؤون البلدية والقروية بتاريخ 20 حزيران/ يونيو 1962 تمّ فصل المخيم عن بلدية يلدا، وتم تشكيل لجنة محلية تقوم بمهمات المجلس البلدي. ولاحقاً في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 أصدر مجلس الوزراء السوري قراراً يقضي بأن تحل محافظة دمشق محل "اللجنة المحلية لمخيم اليرموك بما لها من حقوق وما عليها من مستلزمات".
البنية التحتية
افتتحت “الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب” سنة 1954 مكتباً لها في المدخل الشمالي للمخيم، وهناك تلقت طلبات اللاجئين وقدمت إليهم الأراضي على المخططات. وكانت حصة كل عائلة "نمرة"، ويقصد بها أرض أبعادها 4×10م، و"نمرتين" للعائلات الأكثر عدداً، بينما قدمت "الأونروا" حينها مساعدة مالية قيمتها 300 ليرة سورية لكل غرفة، وفي فترات لاحقة صارت المساعدة عبارة عن 3 أكياس من الأسمنت و10 أعمدة خشبية للسقف والجسر الخشبي.
بدأ المخيم يتطور على شكل خطين غير متوازيين من الأبنية ذات الطبقة الواحدة والسقف الطيني -إذ لم يُسمح في البداية باستخدام الأسمنت المسلح. فبدأ الخط الأول من المدخل الشمالي للمخيم المعروف بالجسر، وهناك تأسست حارة الفدائية أولى حارات المخيم. ويمتد الخط الأول نحو الجنوب مشكلاً شارع اليرموك، بينما يشكّل الخط الثاني شارع فلسطين، وهو يمتد أيضاً من منطقة الجسر وصولاً إلى دوار فلسطين وأطراف بلدية يلدا.
ووزعت “الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب” في سنة 1957 قطعة أرض أُخرى على شكل قوس، تفصلها عن الشارعين بساتين مزروعة بالحبوب والأشجار المثمرة، كما وزعت في السنة ذاتها قطعة أرض كبيرة شكلت الجسم الرئيسي لمخيم اليرموك. وقُسمّت أراضي المخيم إلى حارات صغيرة، طول الواحدة منها لا يزيد عن 60 متراً، ولا يزيد عرضها عن 8 أمتار، تفصل بينها أزقة ضيقة يتراوح عرضها ما بين 5 – 6 أمتار.
وتوسع المخيم جنوباً خلال النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، كما تمدد في الفترة ذاتها نحو الغرب مع انتعاش تجارة الأراضي في المناطق المتاخمة له، وتوسع نتيجة لذلك حتى الطرف الشرقي لشارع اليرموك حالياً. وبدأت تتبلور ملامح التوسع الثالث لمخيم اليرموك خلال النصف الثاني من الستينيات وبداية السبعينيات في الطرف الغربي لشارع اليرموك، وباتجاه الجنوب نحو شارع الثلاثين، وشرقاً نحو حي التضامن.
وخلال هذه التوسعات، نشأت مناطق عشوائية خارج المخططات سميت أراضي الطبب، أي الأراضي الزراعية أو أملاك الدولة التي تحوّلت إلى مناطق سكنية من دون إذن سكن من هيئة اللاجئين أو موافقة البلدية. وعليه، فإن منطقة غرب اليرموك هي الأراضي النظامية الوحيدة التي كانت زراعية وتحوّلت إلى أراضٍ سكنية.
وحملت أحياء المخيم وشوارعه أسماء تعود في معظمها إلى المدن والقرى الفلسطينية كحيفا ولوبية وصفد والقدس والمنصورة وعكا، فضلاً عن أحياء التقدم والثامن من آذار والعروبة. وتُعتبر الأحياء الثلاثة الأخيرة من الأحياء المخالفة إذ لم تشرف هيئة اللاجئين على توزيع أراضيها وظلت تفتقر إلى المخططات التنظيمية أو الرخص من البلدية، وهي عبارة عن عقارات اشتراها اللاجئون من أصحابها بموجب وكالة لدى الكاتب بالعدل – لا تسجل في السجل العقاري –. وتجدر الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من المنازل في المخيم شيّد في عقارات مستملكة لمصلحة الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين وموضوعة في تصرف اللاجئين، أو حصل صاحبها على قرار بملكيتها من المحكمة، بينما سُجّلت منازل أُخرى بصورة نظامية في دائرة السجل العقاري التي تمنح أصحابها رخصة بملكيتها، علماً بأنه لا يحق للفلسطيني في سورية أن يمتلك سوى منزل واحد على أن تكون له أسرة وأن يتعهد بأن يكون تملك المنزل بقصد السكن الشخصي وليس الاستثمار.
وتمتع مخيم اليرموك بخدمات كاملة على مستوى المياه والكهرباء والمجاري وفرّتها الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب وبلدية اليرموك والأونروا. فحتى أواخر الستينيات، كان المخيم يحصل على المياه من الآبار التي حفرت داخل البيوت بعمق لا يزيد عن 10 أمتار. وخلال الفترة 1968 – 1970 حفرت وكالة "الأونروا" آباراً ارتوازية استفاد منها سكان المخيم حتى سنة 1972 عندما بدأ تمديد شبكة مياه عين الفيجة القابلة للشرب، وحصل الجزء الغربي من المخيم على المياه بشكل غير نظامي، وفي النصف الثاني من التسعينيات تمّ تزويد هذه المنطقة بشبكة نظامية. وفي سنة 1999، زوّد حي التقدم وحي العروبة بالمياه من الآبار الارتوازية التي حفرت في الجزء الجنوبي الشرقي للمخيم.
وبدأ مشروع تمديدات الصرف الصحي في مخيم اليرموك سنة 1965، وانتهى في بعض أجزاء المخيم سنة 1968 – 1969، وتقوم المجاري على قساطل بقطر 30 -50 سم في معظم أجزاء المخيم، ومع ذلك أدى التوسع العمراني إلى زيادة الضغط على شبكة المجاري. ورُبط المخيم بشبكة كهرباء الجزء الجنوبي من دمشق سنة 1957 – 1958، ثم تم استبدال أجزاء من الشبكة القديمة سنة 1997 – 1998، ويدفع سكان المخيم لقاء استجرار الكهرباء مبالغ تُحصّل بصورة دورية على أساس عدادات الشركة العامة للكهرباء.
تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
يخضع اللاجئون الفلسطينيون المسجلون في قيود “الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب” للقوانين السورية، من حيث المساواة مع المواطن السوري في كل المجالات، باستثناء حق الانتخاب والترشح للبرلمان السوري وللإدارات المحلية، إذ إن القانون الرقم (260)، الصادر بتاريخ 10 تموز/ يوليو 1956، ساوى اللاجئ الفلسطيني بالمواطن السوري، من حيث الأنظمة المتعلقة بحقوق التوظيف والعمل والتجارة وخدمة العلم، مع الاحتفاظ بالجنسية الفلسطينية.
وقد انخرط اللاجئون الفلسطينيون في سورية، بفضل تمتعهم بهذه الحقوق، في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، واستطاع عدد منهم الوصول إلى مراتب عليا في الهيئات الحكومية. وفيما يتعلق بتوزع قوة العمل الفلسطينية، لوحظ أن قطاع الخدمات، العامة والخاصة، استوعب النسبة الأكبر من إجمالي قوة العمل هذه، تلاه قطاع البناء، ثم قطاع الصناعة التحويلية، وقطاع التجارة، وأخيراً قطاع الزراعة.
أمّا بالنسبة إلى الرعاية الصحية، فإن وكالة "الأونروا" هي التي تتولى مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين في المخيم من خلال ثلاثة مستوصفات تشرف عليها: الأول هو "محمد الخامس" في شارع فلسطين عند تقاطع سوق الخضار، والثاني "الجليل" في امتداد شارع الـ30 بين شارع اليرموك وفلسطين، والثالث "فلسطين" قرب دوار فلسطين. وعملت المستوصفات الثلاثة على تقديم الرعاية الصحية والطبية للاجئين، مع توفير الخدمات المخبرية وعيادات طب الأسنان والتحويلات الطبية لمشافي دمشق العامة والخاصة.
واستفاد اللاجئون في مخيم اليرموك من خدمات صحية قدمتها "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" في مقابل رسم رمزي عبر مستشفى فلسطين، ومجمع دير ياسين الطبي، ومركز الكرمل، ومركز فلسطين للأطراف الصناعية، كما استفادوا من خدمات مستشفى الشهيد فايز حلاوة التابع لجيش التحرير الفلسطيني. من ناحية أُخرى، ضمّ المخيم نحو 450 عيادة خاصة لأطباء فلسطينيين وسوريين، فضلاً عن أكثر من 140 صيدلية.
ونشطت عدة جمعيات في المخيم، مثل "الجمعية الخيرية الفلسطينية"، التي تشرف على مستشفى "الشهيد باسل الأسد"، في حين ساهمت "جمعية الإسراء للتنمية الخيرية" في تقديم الرعاية الطبية المجانية للفقراء والمحتاجين، كما ساهمت "جمعية العافية" في دفع تكاليف علاج الحالات الصعبة مثل غسيل الكلى والعمليات الجراحية الكبيرة.
أمّا أبرز الأمراض التي انتشرت في مخيم اليرموك، فهي تلك الوراثية الناتجة من زواج الأقارب كفقر الدم المنجلي والتلاسيميا، فضلاً عن بعض الأمراض المزمنة كالتصلب اللويحي والأورام وعرق النسا وآلام الرأس كالشقيقة.
وبعد المعارك التي شهدها مخيم اليرموك، والحصار الذي طاله خلال الفترة ما بين 2012 – 2018، توقف معظم هذه المستوصفات عن العمل، بسبب تدمير بعضها، مثل مستشفى فلسطين التابع للهلال الأحمر الفلسطيني. ولاحقاً، مع عودة بعض أهالي المخيم إليه سنة 2021، أعادت الأونروا افتتاح مركز لها في جوار مقهى أبو عيسى، وأفتتح جيش التحرير الفلسطيني مركز رجاء أبو عماشة الطبي في مدخل المخيم، كما افتتح الهلال الأحمر الفلسطيني مركزاً ثالثاً.
وعلى صعيد التعليم، وفرت "الأونروا" 28 مدرسة بنظام الفترتين، أي قبل الظهر وبعده، بينها 20 مدرسة لمرحلة التعليم الأساسي الحلقة الأولى، و8 لمرحلة التعليم الأساسي الحلقة الثانية. واحتوت تلك المدارس مختبرات علمية ومكتبات وقاعات وباحات وأدوات رياضية وموسيقية. أمّا بالنسبة إلى رياض الأطفال، فقد ضم المخيم 20 روضة ودار حضانة.
وبينما لم توفر "الأونروا" مدارس ثانوية أو جامعات باستثناء "معهد دمشق التقني والمهني"، فإن وزارة التربية والتعليم السورية وفرت، في المقابل، للاجئين الفلسطينيين والمواطنين السوريين في مخيم اليرموك مدارس لمرحلة التعليم الأساسي بحلقتيه الأولى والثانية، ومكنّت الطلبة والطالبات من الانتساب إلى ثانويتي اليرموك للإناث والذكور، أو إلى مدارس ثانوية أُخرى في الأحياء القريبة كالميدان أو الزاهرة.
أمّا في المرحلة الجامعية، فقد استفاد اللاجئون الفلسطينيون في سورية من التعليم الجامعي المجاني في الاختصاصات كافة ضمن الجامعات السورية المنتشرة في المحافظات.
وإذا كان مخيم اليرموك قد تشكّل، في البدء، من لاجئين تجمعهم أوضاع اقتصادية صعبة نتيجة الاقتلاع والتشرد، على الرغم من اختلاف أصولهم الريفية أو المدينية، فإن تركيبته الاجتماعية شهدت تغيّراً كبيراً بعد انتقال عشرات الآلاف من المواطنين السوريين للعيش فيه. ومع ذلك، ظل المخيم يحتفظ بهوية رمزية فلسطينية، تجلت، بصورة خاصة، بالشعارات الوطنية الفلسطينية المكتوبة على جدرانه، وملصقات الفصائل ومقبرتي الشهداء.
الحراك السياسي والثقافي
شهد المخيم حراكاً سياسياً وكفاحياً، بدأ مع "الكتيبة 68" التي ولدت من نواة وحدة الفدائيين الفلسطينيين في جهاز الاستطلاع السوري سنة 1949 للعمل في فلسطين، وأعيد تشكيلها بقرار من العقيد عبد الحميد السراج، في أثناء الوحدة المصرية السورية. وقد استشهد خلال عملياتها في الداخل المحتل عدد من أبناء اليرموك منهم علي الخربوش ومفلح السالم خلال تنفيذهما عملية في الجليل الأعلى. وتطوّر النشاط السياسي والعسكري في المخيم مع نشوء حركة القوميين العرب وحزب البعث وجبهة التحرير الفلسطينية، ثم مع تشكيل حركة "فتح"، والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية-القيادة العامة، ومنظمة الصاعقة والحزب الشيوعي الفلسطيني وسائر الفصائل الفلسطينية، التي افتتح معظمها مكاتب له في المخيم. وفي التسعينيات، ظهرت في المخيم مكاتب لحركتي الجهاد الإسلامي و"حماس"، ثم صارت تتشكّل مع مطلع الألفية الثالثة مكاتب لجان حق العودة التي عملت على توثيق القرى والمدن الفلسطينية، فضلاً عن النشاطات المتعلقة بحق العودة.
أمّا على الصعيد الثقافي، فقد شهد مخيم اليرموك في مطلع ستينيات القرن الماضي حراكاً ثقافياً تمثل بندوات ثقافية تعقد في المنازل كندوة الناقد يوسف سامي اليوسف، وندوة الشاعرة ابتسام الصمادي. وفي تلك الفترة وما بعدها، نشأت عدة مكتبات شخصية لدى يوسف سامي اليوسف وداود يعقوب ومحمود الصمادي وعلي بدوان وأحمد سعيد نجم والدكتور محمود موعد، وقد تحول بعض هذه المكتبات الشخصية إلى أماكن يرتادها المهتمون بالقراءة والبحث، إمّا لاستعارة الكتب، أو المطالعة، أو للمشاركة في ندوات ومنتديات ثقافية. وكذلك افتتحت في سنة 1973 مكتبة الرشيد وسط شارع اليرموك التي وفرت الكتب المتنوعة للقراء بأسعار رمزية، فضلاً عن المراكز الثقافية والمكتبات العامة التي تأسست خلال المراحل اللاحقة، ولا سيما في تسعينيات القرن الماضي، كالمركز الثقافي الفلسطيني بمكتباته الثلاث، والمركز الثقافي العربي التابع لوزارة الثقافة، ومركز القدس الثقافي، ومنتدى غسان كنفاني. كما شهد المخيم حركة في الطباعة والنشر عبر دور الشجرة والكرمل والموعد، ونقلت بعض المجلات الفلسطينية في المرحلة ذاتها مقراتها الرئيسية إلى المخيم، ولا سيما "الحرية" والهدف" و"إلى الأمام". كما افتتحت في أوائل الستينيات سينما اليرموك تلتها الكرمل والنجوم، حيث أقيمت فيها الفعاليات الوطنية والثقافية الفلسطينية، كما أُنشئت في المخيم فرق للغناء والرقص الشعبي الفلسطيني، مثل فرقة العاشقين الموسيقية التي كان معظم كوادرها من مخيم اليرموك وتحديداً من حي المغاربة.
وبرزت أسماء ثقافية في المخيم، من بينها الدكتور فيصل دراج والدكتور أحمد برقاوي والدكتور يوسف سلامة وغسان الشهابي وحمد موعد وطالب يعقوب وهناء ديب وسلوى الرفاعي ومي جليلي وغسان السعدي وحسن سامي يوسف والدكتور يوسف حطيني ومحمود وأحمد السرساوي وماهر وبسام رجا ونعمة خالد وسمير سلامة وفجر يعقوب وبشار إبراهيم وغيرهم.
مخيم اليرموك بعد 2012
اتخذ القيمون على المخيم، ومسؤولو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الناشطة فيه، قراراً بتحييده عن النزاع الذي بدأ في سورية في آذار/مارس 2011. وتوجه وفد منهم ومن بعض ممثلي الأهالي إلى حي الحجر الأسود المجاور، الذي استولى عليه معارضون للحكومة السورية، لإعلان حياد المخيم. لكن مقاتلين من القوى المناوئة للحكومة السورية دخلوا المخيم في 16/12/2012 للسيطرة عليه كونه يشكل البوابة الجنوبية للعاصمة دمشق، فرد الجيش السوري بغارة جوية استهدفت جامع عبد القادر الحسيني القريب من شارعي صفد ولوبية، ومدرسة تابعة لوكالة "لأونروا" في شارع المدارس المتفرع من شارع اليرموك الرئيسي، ما أدى في اليوم التالي إلى نزوح معظم أهالي المخيم نحو مناطق في دمشق وضواحيها، ليعقب ذلك فرض حصار عسكري على المخيم بعد سيطرة القوى المناوئة للحكومة السورية، ومن بينها تنظيم "داعش" على المخيم. ولم يبقَ في المخيم سوى بضعة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين صاروا يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة. ولم يتم فك الحصار عن المخيم سوى في سنة 2018 في إثر عملية عسكرية نفذها الجيش السوري والقوات الرديفة له، شملت أحياء المخيم كافة، ونجحت في إخراج المقاتلين المعارضين منه.
وعقب عودة مخيم اليرموك إلى سيطرة الحكومة السورية، أصدرت محافظة دمشق في سنة 2020 المخطط التنظيمي التفصيلي رقم (105) لمنطقتي القابون واليرموك، الذي تضمّن إعادة تنظيم شاملة للمنطقة الأكثر تضرراً، وتوفير خدمات للمناطق الأقل ضرراً، بما يساهم في إعادة أكثر من ٤٠% من الأهالي. وقُسّمت مساحة مخيّم اليرموك وفق المخطط التنظيمي، البالغة 220 هكتاراً، إلى 3 مناطق، الأوّلى "رقم 1" صنّفت على أنّها عالية الأضرار وتبلغ مساحتها 93 هكتاراً، والثانية "رقم 2" صنّفت كمتوسطة الأضرار ومساحتها 48 هكتاراً، أمّا الثالثة "رقم 3" فخفيفة الأضرار ومساحتها 79 هكتاراً. وبحسب المخطط ستتم إعادة تنظيم شاملة وجذريّة للمنطقة "رقم واحد" الأكثر ضرراً، حيث ستُشيد أبراج بارتفاع 13 طبقة، فضلاً عن كتل سكنية من أبنية ارتفاعها من 6 إلى 8 طبقات، إلى جانب توسعة الشوارع وإنشاء حدائق وأبنية تجارية واستثمارية ومنشآت رياضية وثقافية.
وقد رفض الأهالي والفصائل الفلسطينية والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين المخطط التنظيمي لمخيم اليرموك عبر تقديم اعتراضات لمحافظة دمشق. واعتبر المعترضون أن هذا المخطط سيتسبب بتجريد سكان المخيم من أملاكهم وحقوقهم العقارية، وأن من شأنه حرمانهم من العودة إليه، وتمزيق نسيجه المجتمعي، والاعتداء على هويته. وذكر كتاب الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، أن المخطط التنظيمي تجاوز ما كان قد تم الاتفاق عليه. وقد استجابت محافظة دمشق للاعتراضات المقدمة، فجمدت تنفيذ المخطط، ثم سمحت الحكومة السورية في 10 أيلول/ سبتمبر 2021 بعودة سكان مخيم اليرموك إليه مع بدء توفير بعض الخدمات الأساسية فيه.
بدوان، علي. "اللاجئون الفلسطينيون في سوريا والعراق". عمّان: مركز جنين للدراسات الاستراتيجية، 2001.
السهلي، نبيل. "فلسطينيو سورية وتراجيديا اللجوء والنزوح القسري". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 97 (شتاء 2014)، ص 139-149.
الصمادي، خليل. "ذكريات من مخيم اليرموك". دبي؛ دمشق: صفحات للدراسات والنشر والتوزيع، 2017.
موسوعة المخيمات الفلسطينية: https://palcamps.net/ar/camp/82
الموعد، حمد سعيد. "مخيم اليرموك: مقاربات في سسيولوجيا المخيم الفلسطيني". دمشق: دار الشجرة للنشر والتوزيع، 2002.
“الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب”: http://www.gapar.sy/ar/
وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. "مخيم اليرموك":
https://www.unrwa.org/ar/where-we-work/سوريا/مخيم-اليرموك-مخيم-لاجئين-غير-رسمي
محتوى ذو صلة
سياقي
مصر وسوريا تتحدان وتشكّلان الجمهوريّة العربيّة المتحدة
1958 الى 1961
1 شباط 1958 - 28 أيلول 1961