عبد القادر المظفّر
ولد عبد القادر المظفّر في القدس وتلقى دروسه الابتدائية والإعدادية على أيدي مشايخها، ثم انتسب للجامع الأزهر في القاهرة، وعاد إلى القدس ليزاول التجارة بعد حصوله على شهادة الأهلية.
كان شديد الولاء للدولة العثمانية متوجساً من أطماع بريطانيا والغرب في الديار الإسلامية، وانتسب إلى "جمعية الاتحاد والترقّي"، كما ترأس "جمعية الإخاء والعفاف المقدسية".
رافق المظفّر خلال الحرب العالمية الأولى الحملة التركية على قناة السويس في مصر، داعياً إلى طرد الإنجليز منها وحاضاً الجنود الأتراك على قتالهم.
عُيّن في سنة 1916 مفتياً للجيش الرابع التركي، خلفاً للشيخ أسعد الشقيري، وبذل مساعٍ حثيثة للتخفيف من معاناة الأحرار العرب المطاردين والمعتقلين.
أقام المظفّر في دمشق خلال العهد الفيصلي، وتولّى رئاسة "النادي العربي" فيها، وأوفدته الحكومة العربية بزعامة فيصل سنة 1919 بمهمة قومية إلى مصطفى كمال أتاتورك في أنقره.
انغمس المظفّر في فلسطين في نضالات الحركة الوطنية إلى جانب موسى كاظم الحسيني و"المجلسيين" من أنصار الحاج محمد أمين الحسيني.
افتتح المظفّر "المؤتمر الفلسطيني العام" الذي عُقد في دمشق، في 27 شباط/ فبراير 1920، والذي شدد في قراراته على رفضه اعتبار "سوريا الجنوبية، أي فلسطين، قطعة غير سورية"، وعلى رفض وعد بلفور والهجرة الصهيونية.
قررت اللجنة التنفيذية العربية في حزيران/ يونيو 1922 إيفاده على رأس وفد فلسطيني إلى مصر والسودان والحجاز. وقد تصادف وصول الوفد إلى الحجاز، في مطلع تموز/ يوليو، مع موسم الحج، فنظّم المظفّر حملة دعائية واسعة بين الحجاج المسلمين، نجم عنها قيامهم بإرسال آلاف البرقيات إلى عصبة الأمم احتجاجاً على الانتداب البريطاني على فلسطين.
كان المظفّر أحد أعضاء المؤتمر العربي الفلسطيني الخامس، الذي عُقد في مدينة نابلس في 20 آب/ أغسطس 1922، كما شارك في أعمال المؤتمر العربي الفلسطيني السادس، الذي عُقد بمدينة يافا في 16 حزيران/يونيو 1923.
انتدبه الحاج أمين الحسيني لجمع التبرعات في الهند بهدف إصلاح المسجد الاقصى.
شارك المظفّر، بصفته مندوباً عن يافا، في المؤتمر الإسلامي، الذي عُقد في مدينة القدس في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 1928، بمشاركة مندوبين عن دمشق وبيروت وشرق الأردن، وتمخض عنه ولادة "جمعية حراسة الأقصى والأماكن الإسلامية المقدسة" ضد الأطماع الصهيونية.
اعتقلته السلطات البريطانية في يافا لفترة قصيرة بعد "هبة البراق" في آب/ أغسطس 1929.
شارك المظفّر في أعمال "مؤتمر التسليح" الذي عُقد في مدينة نابلس في 31 تموز/ يوليو 1931 للاحتجاج على تسليح اليهود وتواطؤ السلطات البريطانية معهم، وكذلك على تمسك اللجنة التفيذية العربية بأسلوب الاحتجاجات من دون غيره لمعالجة مثل هذه القضايا الهامة.
تولى المظفّر منصب أمين سر مكتب "المؤتمر الإسلامي العام" الذي عُقد في مدينة القدس ما بين 7 و17 كانون الأول/ ديسمبر 1931 للدفاع عن الأماكن الإسلامية فيها، بمشاركة وفود عن عدد كبير من الدول العربية والإسلامية، وانتخب عضواً في اللجنة التنفيذية التي انبثقت عن ذلك المؤتمر.
كان المظفّر أحد أعضاء "اللجنة العليا لصندوق الأمة" الذي تأسس في أيلول/ سبتمبر 1932، برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي، وكان نواة الشركة التي أُنشئت باسم "الشركة العربية لإنقاذ الأراضي بفلسطين".
قاد المظفّر مع موسى كاظم الحسيني المصلّين من الجامع الكبير في مظاهرة يافا الحاشدة في تشرين الأول/ أكتوبر 1933 التي خرجت تحدياً لحظر السلطات البريطانية وللمطالية بوقف الهجرة اليهودية. وقد اعتقل مع من اعتقل من المتظاهرين، إلاّ أنه رفض الإفراج عنه مقابل كفالة حسن سلوك وآثر السجن مدة ستة أشهر. وقد أشاد الشاعر إبراهيم طوقان بموقف المظفّر هذا ونظم قصيدة باسمه.
بعد خروجه من السجن، أنهى المظفّر حياته السياسية، وتوقف عن المشاركة في نشاطات الحركة الوطنية الفلسطينية وقيادتها.
غادر المظفر يافا مرغماً قسراً عام النكبة 1948، عشية احتلالها من قبل القوات الصهيونية، ولجأ إلى عمّان.
عبد القادر المظفّر من أبلغ خطباء الحركة الوطنية الفلسطينية؛ شاعر أديب تميّز برباطة الجأش وقوة الشكيمة وحسن التديّن؛ خفيف الروح والظلّ، محبب لدى الأصدفاء وموقّر عند مخالفيه.
توفي في عمّان ودفن في مسقط رأسه في مقبرة باب الساهرة.
المصادر:
جرّار، حسني أدهم. "أعلام الجهاد في فلسطين: الشيخ فرحان السعدي؛ الشيخ فريز جرّار؛ الشيخ عبد القادر المظفّر". عمان: دار الضياء للنشر والتوزيع، 1988.
الحوت، بيان نويهض. "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917- 1948". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981.
صالح، جهاد أحمد. "الشيخ عبد القادر المظفّر (1880- 1949): حياة حافلة ونهاية حزينة"؛ في: "الرواد المقدسيون في الحياة الفكرية والأدبية في فلسطين". الجزء الأول. رام الله: منشورات الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين. ط 2، آذار/ مارس 2011، ص 342- 364.
العودات، يعقوب. "من أعلام الفكر والأدب في فلسطين". عمّان: د. ن.، 1976.
نويهض، عجاج. "رجال من فلسطين". بيروت: منشورات فلسطين المحتلة، 1981.