جدول الأحداث الكلي

جدول الأحداث الكلي

Highlight
IV- حرب فلسطين والنكبة
1947–1950

كانت الفترة بين سنتي 1947 و1949 الأكثرَ حسماً في التاريخ الفلسطيني الحديث، كما أنها أثّرت بشكل عميق وسلبيّ في الشعب الفلسطيني ومستقبله.

عندما أحالت بريطانيا قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة في نيسان/ أبريل 1947، كان هناك تحوّل في ميزان القوى المحلي لمصلحة الحركة الصهيونية على حساب الفلسطينيين ساهمت بنفسها في إحداثه. وبفضل المكاسب الدبلوماسية والسياسية التي وفّرها قرار التقسيم في تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، واعتماداً على الدعم الأميركي القوي، شنت القوى الصهيونية حملة هجومية استولت فيها على مقدار من الأرض يتجاوز خطوط التقسيم، ودمّرت قرى ومدناً فلسطينية بأكملها، وأفرغتها من سكانها الفلسطينيين الذين تحوّل معظمهم إلى لاجئين، في حين لم يمنع الدعم العربي القاصر، عسكرياً وسياسياً، النكبةَ الفلسطينية.

تركت سياسة بريطانيا في فلسطين منذ وعد بلفور (1917) والمواجهات التي نتجت عنها بين الحركة الصهيونية والفلسطينيين للسيطرة على مستقبل البلد، دولةَ الانتداب عاجزة عن التعامل مع الوضع سياسياً وعسكرياً، ما دفعها في نهاية المطاف، وفي نيسان/ أبريل 1947، إلى تحويل مشكلة مستقبل فلسطين إلى الأمم المتحدة، في وقت كان ثلث سكان فلسطين من اليهود وثلثاهم من الفلسطينيين العرب. وفي 15 أيار/ مايو 1947، أنشأت الأمم المتحدة لجنة "يونسكوب" (لجنة الأمم المتحدة الخاصة بشأن فلسطين) لوضع خطة لفلسطين ما بعد الانتداب، فقامت اللجنة بجولة في الشرق الأوسط وفي أوروبا، وزارت مخيمات النازحين اليهود الناجين من معسكرات الاعتقال النازية وكانت تضم آلافاً منهم، وفي نهاية عملها توصلت، بناء على اقتراح غالبية أعضائها، إلى خطة لتقسيم فلسطين دولتين، يهودية وعربية، وجعْلِ القدس ومحيطها منطقة دولية. لكن الحدود التي وضعتها اللجنة لم تكن عمليّة، إذ تألّف كل من الدولتين المقترحتين من ثلاثة أجزاء أساسية بالكاد يتصل كلٌّ منها بالآخرَيْن، كما أعطت للدولة اليهودية مساحة أكبر من مساحة الدولة العربية إلا أن نصف سكانها فقط كانوا من اليهود. أما أقلية أعضاء لجنة "يونسكوب"، فقد اقترحت خطة ترفض التقسيم لصالح دولة فدرالية.

في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لمصلحة اقتراح الأكثرية الصادر عن لجنة "يونسكوب"، وفيما وافق الصهاينة بشكل علنيّ على التقسيم، رفضته الدول العربية والهيئة العربية العليا، التي كانت بمثابة القيادة الفلسطينية الفعلية، فاندلع القتال بين العرب واليهود في فلسطين بعد تصويت الأمم المتحدة على التقسيم مباشرةً، وكانت القوات العربية أقل عديداً وأسوأ تنظيماً بكثير من اليهودية، التي تألفت من ميليشيا الهاغاناه وقوتها الهجومية المتفرّغة، وميليشيا البالماخ، بالإضافة إلى اثنتين من الميليشيات الصغيرة هما "إرغون تسفائي لئومي" (أي المنظمة العسكرية القومية، وتلقّب أيضاً إتزل) و"لوحمي حيروت يسرائيل" (المحاربون من أجل حرية إسرائيل، والمعروفة أيضاً باسم منظمة الليحي وعصابة شتيرن). في المقابل، لم تكن هناك قوة قتالية فلسطينية بالمعنى الصحيح للكلمة، فالتنظيم المسلّح الأساسي كان "جيش الجهاد المقدّس" الذي شكّلته الهيئة العربية العليا، وكان تحت قيادة عبد القادر الحسيني، ولم يكن يعمل سوى في منطقة القدس، في حين نشط في شمال فلسطين "جيش الإنقاذ العربي" المؤلَّف، برعاية جامعة الدول العربية، من متطوّعين من الدول العربية المحيطة بقيادة الضابط اللبناني فوزي القاوقجي، وشكَّل عدد من القرى الفلسطينية أيضاً ميليشيات خاصة للدفاع الذاتي.

ومع حلول أيار/ مايو 1948، استولت القوات الصهيونية المهاجمة على عدد من المدن الكبرى، مثل يافا وحيفا وطبريا، فضلاً عن مساحات واسعة من الدولة العربية المقترحة في قرار التقسيم، وخصوصاً في الجليل، ففر الفلسطينيون أمام زحفها بعشرات الآلاف لاجئين إلى دول الجوار، بعد انتشار الأخبار بين السكان عن الفظائع والمجازر التي ترتكبها العصابات الصهيونية، كتلك التي حصلت في دير ياسين، حيث قتلت القوات شبه العسكرية الصهيونية أكثر من 100 قروي فلسطيني.

وفي 14 أيار/ مايو 1948، اليوم الذي غادر فيه آخر الجنود والإداريين البريطانيين فلسطين، أعلن الزعيم الصهيوني ديفيد بن غوريون قيام دولة يهودية تدعى إسرائيل.

كانت الحركة الصهيونية تتحضّر جيداً خلال سنوات الانتداب من أجل إعلان استقلالها، فأنشأت شبكة من المؤسسات جاهزة لبدء عملية الحكم، أما في الجانب العربي فكان الأمر على النقيض من ذلك، حيث لم تكن ثمة مؤسسة وطنية فلسطينية حقيقية يمكنها تولي الحكم أو الدفاع.

في 15 أيار/ مايو دخلت فلسطين وحداتٌ من الجيوش المصرية والأردنية واللبنانية والسورية والعراقية والسعودية للدفاع عن الفلسطينيين ومحاربة الإسرائيليين. وعلى الرغم من أنها كانت تحت سقف الجامعة العربية، إلا أن التعاون بينها لم يكن إلا شكلياً، وعمل كلٌّ من تلك الجيوش على الأرض مستقلاًّ عن الأخرى. وخلال أسبوعين من القتال مع الجيش الإسرائيلي، وصلت القوات العربية الحد الأقصى من التقدم على الجبهات المختلفة، وكانت المعركة الإسرائيلية- الأردنية في مدينة القدس القديمة الأعنف. وبعد هدنة قصيرة عملت الأمم المتحدة على ترتيبها في 11 حزيران/ يونيو، استؤنفت المعارك من 8 تموز/ يوليو إلى 18 منه، واستولت القوات الإسرائيلية بعدها على مدن الناصرة والرملة واللد بعد حصولها على شحنة ضخمة من الأسلحة من تشيكوسلوفاكيا، وانتساب أعداد كبيرة من اليهود المهاجرين الجدد والأجانب المتطوعين إلى الجيش الإسرائيلي، ما تسبب بزيادة عديده زيادة ملحوظة، كما ساعدت الطائرات التي تم شراؤها من تشيكوسلوفاكيا أو تهريبها من الولايات المتحدة، في تشكيل قوة سلاح جوية ضخمة. وتبع ذلك وقف إطلاق نارٍ ثانٍ استمر من 18 تموز/ يوليو إلى 15 تشرين الأول/ أكتوبر، ليعاود الجيش الإسرائيلي بعدها معاركه ويستولي على بقية الجليل والنقب ويفوز بالحرب.

ومع حلول أوائل سنة 1949، كانت حدود التقسيم التي اقترحتها الأمم المتحدة قد أصبحت غير ذات صلة، فالقوات الإسرائيلية كانت تسيطر على 77 في المئة من فلسطين العام 1948، دخلت فيها مساحات شاسعة مما كان يُفترض أن يصبح الدولة العربية. أما في الـ23 في المئة الأخرى، فكانت القوات المصرية تسيطر على غزة، فيما احتفظت القوات الأردنية والعراقية بالضفة الغربية وشرقي القدس.

لم تنشأ أي دولة فلسطينية، وعلى رغم إقرار جامعة الدول العربية في 20 أيلول/ سبتمبر 1948 تشكيل حكومة عموم فلسطين بقيادة "الهيئة العربية العليا" في غزة، الواقعة تحت السيطرة المصرية، لم تمارس هذه الهيئة أيَّ سلطة فعلية، ولا حتى في غزة. أما في الضفة الغربية، فدعا اجتماع لوجهاء فلسطينيين بأريحا في 1 كانون الأول/ ديسمبر 1948، الأردنَّ إلى ضمّ الضفة الغربية. والأسوأ من ذلك كله كان دفع الحرب السكان الفلسطينيين إلى ترك قراهم ومدنهم، فقد نزح أكثر من 725 ألف فلسطينيّ عن منازلهم أو طردتهم القوات الصهيونية، ليجدوا أنفسهم لاجئين في غزة والضفة الغربية والدول العربية المجاورة. وكان رفض إسرائيل قاطعاً لناحية عدم السماح لهم بالعودة. أما ما يقارب المئة وخمسين ألف فلسطينيّ الذين بقوا في ديارهم ولم يغادروها، فقد وجدوا أنفسهم جزءاً من إسرائيل (وكان عدد كبير منهم أيضاً  لاجئاً بلا مأوى) وخاضعين لقانون الأحكام العرفية في الدولة اليهودية الجديدة. وأطلق الفلسطينيون بعد ذلك على تلك الحرب اسم النكبة.

وتدخلت الأمم المتحدة مرة أخرى لإنهاء المعارك، فأرسلت الديبلوماسي السويدي فولك برنادوت وسيطاً إلى فلسطين، ليُغتال في القدس في 17 أيلول/ سبتمبر 1948 على أيدي أعضاء في منظمة الليحي، بعد أشهر من بذله الجهود المكثفة، فتم استبداله برالف بانش الأميركي الجنسية، الذي جمع بعد انتهاء المعارك الأطراف المتنازعة في جزيرة رودس بهدف التوصل إلى اتفاقيات هدنة نهائية، فاستمر عمله من شباط/ فبراير 1949 إلى تموز من السنة نفسها، وقام خلال هذه المدة بترتيب اتفاقيات هدنة بين إسرائيل من جهة ومصر والأردن ولبنان وسوريا من جهة أخرى، أما العراق فلم يوقّع على هدنة، بل قام بسحب قواته من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من وضع هدنة رودس حداً لسفك الدماء، إلا أنها لم تتوصل إلى أي اتفاقيات سلام، وفي 11 كانون الأول/ ديسمبر 1948، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 194، الذي أنشأ "لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة" الخاصة بفلسطين (UNCCP)، وضمت أعضاء من فرنسا وتركيا والولايات المتحدة، فعقدت مؤتمر لوزان في نيسان/ أبريل 1949 بهدف التوصّل إلى نهاية سلمية ونهائية للصراع، إلا أن المؤتمر، الذي ضم وفوداً من إسرائيل وأربع دول عربية من دون أي تمثيل رسمي للفلسطينيين، فشل في التوصل الى اتفاق مع اختتامه في أيلول/ سبتمبر 1949. وكان القرار رقم 194 دعا أيضاً إلى السماح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم أو تعويض من يختار منهم عدم العودة. وبعد مرور عام، في 8 كانون الأول/ ديسمبر 1949، أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة وكالة مخصصة لشؤون اللاجئين، وهي "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (الأونروا)، وهدفها توفير خدمات الإغاثة، مثل الحصص الغذائية والخدمات الصحية، إضافة إلى الخدمات الاجتماعية، كالتعليم.

وهكذا، ترك الوضع غير المستقر بعد الحرب قضايا الفلسطينيين الأكثر أهمية من دون حل، مثل قضيتي اللاجئين الفلسطينيين والتمثيل السياسي للشعب الفلسطيني، ما ضاعف حجم الخسائر الكارثية لسنة 1948 على الفلسطينيين، والتي أصبحت من دون أدنى شك لحظة حاسمة في التاريخ الفلسطيني الحديث.

جدول الأحداث الكلي
E.g., 2024/11/25
E.g., 2024/11/25

يرجى محاولة عملية بحث جديدة. لا يوجد أي نتائج تتعلق بمعايير البحث الحالية. هناك العديد من الأحداث في التاريخ الفلسطيني والجدول الزمني يعمل جاهدا لالتقاط هذا التاريخ.